يتغير إيقاع الحياة الاجتماعية والتجارية والدينية في رمضان.. ومن ضمن ما يميزه اجتماع شمل العائلة الذي تفرقه الظروف في سائر الأيام الأخرى، وليس هذا فحسب إنما تطفو على السطح ظاهرة الرجال الذين لا يدخلون المطبخ إلا في رمضان.. فهذه الصورة التي لا نراها في مجتمعنا غالبا إلا في هذه المناسبة تخلف عدة نقاط استفهام: ماذا يفعل الرجل في المطبخ الذي لا يدخله طيلة 11 شهرا تقريبا.. وكيف يكون رد فعل السيدات؟.. ''المساء'' التقت بعض ربات البيوت، فتحدثن عن علاقة أزواجهن بالمطبخ خلال شهر رمضان، وبعض الرجال تحدثوا من جهتهم عن دوافع هذا السلوك الرمضاني.. وكانت هذه الآراء: تؤكد الآراء التي بحوزتنا أنه خلال رمضان يبدأ مسلسل المشاكسات مع المرأة، فبعض الرجال يحاولون دخول المطبخ والإشراف على إعداد بعض أنواع الأطعمة أو تفحص الموجود واشتراط غير الموجود! الأزواج: نساعد زوجاتنا بالنصائح وفي هذا الشأن يعترف السيد ''عمر.ك''، سائق في مؤسسة خاصة، بأن رغبة جامحة لدخول المطبخ تنتابه في رمضان.. وعن السبب يقول: ''أحب أن أطبخ في رمضان''. لكن ماذا يطبخ؟ يجيب محدثنا: ''أحضر أطباقا لا تعتمد بالضرورة على الوصفات المعروفة، أتفنن فيها على طريقتي الخاصة.. ورغم أنه في الحقيقة لا أحد من أفراد الأسرة يقبل على تذوقها، إلا أن ذلك لا يثني عزيمتي عن الطبخ. ويقر السيد ''سليم.ع'' أب لثلاثة أطفال، أنه أيضا من الرجال الذين تستهويهم فكرة الدخول إلى المطبخ في رمضان.. يقول: ''يهمني كثيرا في هذا الشهر أن يكون طبق الشوربة المفضل لدي مطهوا بطريقة جيدة، ولأني أخشى أن يحصل العكس اضطر إلى دخول المطبخ لمراقبة كيفية إعداده كي لا أبقى بدون فطور، كما أنني أقدر تعب زوجتي وبناتي خلال اليوم فأمد يدي لتنظيف المائدة والأرضية بعد الإفطار'' ..لكن هل ترحب الزوجة بهذا التدخل؟ يستطرد محدثنا: ''في الحقيقة إن زوجتي هي من تطلب مني الدخول إلى المطبخ في رمضان طلبا للأنس، غير أن هذا لا ينفي كونها تنزعج كثيرا من ملاحظاتي الكثيرة.. فأنا حريص على تقديم بعض النصائح التي تدخل في إطار الوعي الصحي على غرار تفادي الإكثار من الفلفل الأسود الذي يضر بالمعدة''. وبرأي السيد ''حميد.ل''، والذي يشير إلى أنه لا يكترث بما يجري في المطبخ إطلاقا فإن سبب هذا التحول هو أن الأكل الذي يصبح محور تفكير السواد الأعظم من الصائمين بعد يوم طويل من الصيام، يدخل بعض الرجال في حالة من اللاوعي، فيقصدون المطبخ، حيث يمضون بعض الوقت من أجل نسيان جوعهم، وقد يشترطون جراء ذلك طبخ مالا تقدر عنه البطون.. ''إ نه برأيي هوس ليس إلا''. يضيف المتحدث. أما السيد ''سفيان.م'' فيصرح: ''أنا لست من النوع الذي يقحم نفسه في شؤون المطبخ، لكنني في هذا الشهر أتدخل لتقديم بعض الاقتراحات الخاصة بمائدة الإفطار بطلب من زوجتي التي تجد في ذلك خلاصا من أرق السؤال المتكرر: ''ماذا أطبخ اليوم؟ لكن يختلف الأمر قليلا بالنسبة للسيد ''مهدي.ر'' الذي يكتفي بشم رائحة الشوربة المنبعثة من المطبخ والتأكد من احتواء مائدة الإفطار على السلطة وأكلة البوراك التي لا يمكن أن يستغني عنها في رمضان.. ثم يغادر المطبخ وقد تنفس الصعداء. الزوجات: نزوات البطن تفقد الرجال وعيهم سألنا بعض السيدات بخصوص انطباعاتهن، فجاء على لسان السيدة ''نجاة.ش: ''إن المطبخ الذي لا يدخله زوجي طيلة 11 شهرا، يتحول إلى رقعة مفضلة له خلال شهر الصيام''، وردا عن السؤال ما الذي يفعله في المطبخ تكشف: ''مهمته لا تخرج عن إطار إصدار التعاليق والكشف عن غطاء القدر لتلبية فضول الاطلاع على الطبق المحضر.. ولا يلبث أن يحضر لي كل ما تقع عليه عيناه في السوق لأطبخه له.. باختصار زوجي يتحول في رمضان إلى امرأة حامل في فترة ''الوحم''.. وسرعان ما تزول كل هذه الأعراض مع أول ملعقة تدخل فمه عقب آذان المغرب.. وهذه الحالة غير العادية التي تسيطر عليه في رمضان غالبا ما تكون سببا في إشعال فتيل الخلافات بيننا، لأنني أقع ضحية ضغط يولده العمل المضاعف، فإضافة إلى العمل في الخارج والبيت أضطر إلى تلبية نزوات بطنه العابرة. وبحوزتنا رأي آخر أدلت به السيدة ''سعاد.ج'' وهي موظفة، والتي تعيش خلال هذا الشهر أجواء خاصة - على حد تعبيرها - بسبب إرشادات زوجها التي لا تكاد تنتهي.. وتوضح: ''الذهاب والإياب نحو المطبخ هو الشغل الشاغل لزوجي خلال شهر الصيام، والذي يتولى شخصيا وضع قائمة المأكولات الخاصة بمائدة الإفطار.. ولا تنتهي الأمور عند هذا الحد بل يذكرني بين الفينة والأخرى حتى لا أنسى تتبيل الأكلات.. ويؤكد علي في كل مرة ضرورة أن تكون صلصة الأطباق بيضاء.. ثم سرعان ما يرسل لي بعض الملاحظات عن طريق صغاري الذين تضحكهم هذه المواقف كونها تظهر والدهم في صورة غير عادية، لتجدهم يعلقون عليه في نهاية المطاف بالقول: ''غلبو رمضان''.