إن العادات والتقاليد التي يحتكم عليها سكان تيارت خلال شهر رمضان الكريم مميزة جدا بدء من الإستعدادات الأولية لإستقبال هذا الضيف العزيز لغاية توديعه مع نهاية الشهر أين تبرز بشدة إهتمامات هؤلاء المواطنين بهذا الركن الثامن من أركان الإسلام فبمجرد إقتراب موعد دخوله تجد النسوة بالأسواق والمراكز التجارية يتزاحمن لشراء الأواني الجديدة كالقدور والصحون مثلا لأن هذا فأل جيد بالمجتمع التيارتي وعلى كل عائلة أن تقوم بشراء بعض الأواني لإستقبال شهر التوبة والغفران وليس هذا فحسب بل يتعلق الأمر أيضا بشراء الأفرشة وكل ما يخص المنزل من أثاث. أما الرجال فيقصدون الأسواق بيوم أو يومين لشراء جميع المواد الإستهلاكية الضرورية من خضر ومواد غذائية ومن عادتهم ألا يشترون كيلو غراما واحدا من كل شيء بل يشترون ما يكفيهم طيلة الشهر بالجملة ويتم إستقبال الضيف في أحسن الظروف فإن ربات البيوت يقمن بحملة تنظيفية خاصة بكل أرجاء المنزل خصوصا بالمطبخ الذي يكون في أحسن صورة في اليوم الأول من رمضان أين تنبعث منه رائحة النظافة التي تدفع الصائم للإطمئنان حول ما سيأكله أثناء الفطور ناهيك عن قيام بعض العائلات بدهن الجدران وطلاءها بشكل جيد لتتم نهائيا عملية التحضير لإستقبال رمضان الكريم ولم يبق سوى الإعلان عن موعد قدومه ليدخل بالصحة والعافية وفي اليوم الأول من الصيام تبدأ النسوة في التنافس على تقديم أشهى الأطباق الرمضانية »كالحريرة« التي تعتبر الطبق الرئيسي في مختلف ولايات الوطن لكن سكان تيارت يحضرونها بطريقة خاصة حيث تكون مشبعة بالفلفل الحار والتوابل مع وضع »التشيشة« الخاصة »بالمرمز« التي تضيف نكهة خاصة على الحساء والكثير من النسوة تضعن معها مسحوق »الروينة« حتى تحصلن على حساء شهي ومميز لكن ما يجهله البعض أنه هاته العائلات لا تشترط تماما توفر »الحريرة« على مائدة الإفطار بل أحيانا تعوض بالشوربة الحارة التي لها مكانة خاصة هي الأخرى في الطعام التيارتي . أما الأطباق فهي معهودة لدى الجميع مثل »الزيتون« »السمك المحضور في القرن« » الجلبانة« وغيرها من الأطباق التي تحضر معها أطباق الحلو كالبرقوق والمشمش وكذا »الزبيب« في الوقت الذي لا تعطى فيه أهمية كبيرة للحلويات كالزلابية والشامية بل تقول المرأة التيارتية صنع الحلويات بنفسها خاصة حلوة »البسبوسة« التي تروى بالعسل ذوق مميز لا تضاهيه فيه أي حلويات أخرى كما تقوم بصنع الخبز أيضا بنفسها أي »المطلوع« ولا تكتفي بذلك بل تقدم أشكالا منتوعة منه دون أي كلل لأن هذا يدخل ضمن عادتها وتقاليدها. سهرات عائلية مئة بالمئة من المعروف عن ولاية تيارت أنها تفتقر للمرافق الترفيهية والبرامج الفنية والثقافية خلال شهر رمضان بسبب إنعدام النوادي والمسارح التي تسمح بذلك مما يجعل السهرات الرمضانية تتسم بالضفة العائلية حيث لا يخلو أي منزل من وجود الضيوف به والأهل والأحباب الذين يجتمعون بعد الإفطار للسهر والتسامر طيلة الليل واضعين أمامهم صينية القهوة والحلويات التقليدية فتكثر الأحاديث حول رمضان وأهم المسلسلات المبرمجة على القنوات الفضائية التي نالت إستحسانهم هذا الشهر الكريم في حين يفضل الرجال الذهاب إلى المقاهي للإلتقاء هناك وقضاء أوقات جيدة للتعويض عن يوم طويل وشاق فتزداد شوارع تيارت بالحشد الكبير للمواطنين الذين يتجمعون أيضا وسط الساحات العمومية تحت الأضواء للعب الشطرنج أو الدومينوا أين تتصاعد الضحكات إلى السماء تيهرت وتتعانق الأحاسيس الأخوية والمعبرة عن الصداقة والمحبة لهذا الشهر الكريم الذي كان فرصة لا تعوض أمام المتخاصمين. دروس في التجويد وعلوم القرآن بالمساجد لا يخلو أي مسجد بتيارت من الإقبال الكبير للمواطينن الذين يقصدون مختلف المساجد بعد صلاة التراويح لأخد دورس مكثفة في علم التجويد والقرآن أين تبدأ دورات »التكرار«و»التجويد« من خلال الحلقة وسط باحة المسجد للتعالى الثرثيلات والأدعية علما أن كل شخص أو مواطن يجلب معه إبنه حتى يكون خلفا له في المواسم القادمة من الشهر الكريم ويتعود على القيام بهذا الأمر منذ صغره حتى لا ينساها وهو كبير ولأن الإقبال هو أكثر ما يميز هده الحصص الدينيةفإن الأئمة يخصصون وقتا كبير للإهتمام بهذا الأمر قبل دخول شهر رمضان وفي ليلة القدر المصادفة ل27 من رمضان ينظم هؤلاء مسابقة دينية للمترشحين أين يكرم الفائزون يحصلون على هدايارمزية تشجع الصغار بالدرجة الأولى الأمر الذي زرع حبهم لقرأة القرآن من الوهلة الأولى وشجعهم على الإلتحاق بحلقات التجويد و»التكرار لآيات القرآن« كل هذه الأمور ماهي إلا جزء قليل من عادات وتقاليد أهل تيارت الذين بلغوا ذروة الإهتمام البالغ بهذا الشهر الكريم بدءا من الأكل إلى العبادة لتبقى عاصمة الهضاب العليا من أبرز المدن الجزائرية التي لها طابعا خاصا ومميزا لإستقبال رمضان وقضاء أيامه بين العبادة والإستمتاع بمزاياه والمقدسة