تحوّلت العاصمة اللبنانية بيروت هذه الأيام إلى قبلة لعدد من رؤساء الدبلوماسية الغربيين والعرب في محاولة للتوصل إلى تسوية للوضع السياسي المتأزم وحالة الإنسداد التي دخلت فيها أحزاب الأغلبية الحكومية والمعارضة منذ أكثر من عام ويلتقي اليوم بالعاصمة اللبنانية وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا في تحرك ديبلوماسي غير مسبوق ولكنه جاء ليؤكد الاهتمام الذي توليه العواصمالغربية للوضع في لبنان ومخاوفها من احتمالات حدوث انزلاق عام وعودة هذا البلد إلى سنوات الحرب الأهلية· ويُعد هذا ثاني لقاء لرؤساء ديبلوماسية هذه الدول بعد أول لقاء جمعهم في العشرين من الشهر الماضي، بحيث إلتقوا بفعاليات الطبقة السياسية اللبنانية في محاولة لفك طلاسم وخيوط وضع عام ما إنفك يزداد تأزما في ظل تصلب مواقف أطرافه ورفضهم التنازل من أجل الخروج من عنق الزجاجة· وإذا كان الوزراء كوشنير وداليما وموراتينوس أكدوا حينها أنهم لاحظوا أجواء إيجابية بين فرقاء الأزمة اللبنانية ولكنها كانت مجرد تصريحات اقتضتها الأعراف الديبلوماسية بدليل أن الأجواء عرفت تأزما آخر منذ ذلك الحين وجعلت البرلمان اللبناني يضطر إلى تأجيل جلستين متتاليتين كانتا مخصصتين لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس إيميل لحود· وينتظر أن يلتقي الوزراء الثلاثة اليوم في اجتماع تقييمي وما تم تحقيقه من خلال اتصالاتهم المكثفة مع أطراف المعارضة والموالية وما إذا كان يمكن التوصل إلى مخرج للمعضلة اللبنانية· وجاء تحرك وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاثة يوما بعد فشل البرلمان اللبناني في عقد جلسة ثالثة لانتخاب الرئيس ويوما قبل رابع وآخر جلسة يعقدها النواب يوم غد الجمعة قبل انتهاء الآجال القانونية لانتخاب رئيس البلاد حيث سيتم إعلان شغور منصب الرئيس بعد غد السبت· وإذا كانت إيطاليا وإسبانيا ركزتا اهتمامها على فرقاء الأزمة اللبنانية فإن فرنسا فضّلت التركيز على سوريا بقناعة أن باريس تعتقد أن حل المعضلة اللبنانية يمر عبر دمشق بخلفية التأثيرالسياسي لسوريا على لبنان· ووصل إلى دمشق أول أمس الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيون، الذي سبق له أن زار دمشق رفقة المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي جون دافيد لوفيت في محاولة لجس نبض السلطات السورية حول تداعيات الأزمة السياسية في لبنان· وأكدت الرئاسة الفرنسية أن تحرك دبلوماسييها باتجاه العاصمة السورية يندرج في إطارالعمل الذي يقوم به وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الذي كثف منذ الأحد الماضي من اتصالاته مع مختلف الأطراف اللبنانية· وتزامن وصول الديبلوماسيين الفرنسيين إلى سوريا مع أول اتصال هاتفي يجريه الرئيس ساركوزي مع نظيره السوري بشارالأسد، ركز بشكل خاص على آخر تطورات الوضع في لبنان والدور السوري المحتمل للمساهمة في إنهاء الأزمة السياسية· وتقاطعت المواقف الفرنسية مع نظيرتها الأمريكية والبريطانية حول اعتبار سوريا هي مصدر المتاعب التي يواجهها لبنان منذ اغتيال رئيس وزرائه الأسبق رفيق الحريري وما تبع ذلك من تداعيات سياسية جعلت الساحة السياسية في هذا البلد تؤول إلى طريق مسدود وانعدام كل البدائل للخروج منه· وفي محاولة لتفعيل الدور العربي للمساهمة في حل الإحتقان الحاصل وصل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أمس، إلى بيروت حيث أجرى أول محادثات مع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة قبل سلسلة لقاءات مع ممثلي أطراف المعادلة السياسية الآخرين·