استطاعت الشاورما في الآونة الأخيرة أن تتربع على عرش الأكلات السريعة في الجزائر، وفي وقت وجيز بعد أن استحوذت البيتزا والهمبورغر لأعوام على قائمة الأطعمة السريعة المفضلة لدى الجزائريين عامة والعاصميين خصوصا بمحلات الفاست فود، فقد تمكنت الشاورما وهي أكلة مشرقية في فترة قصيرة أن تجلب اهتمام الكثير من زبائن محلات الأكل السريع الذين يدفعهم الفضول لتذوق سندويتش من تلك القطعة الكبيرة من اللحم التي يعرضها البائعون في مقدمة محلاتهم والتي تعبق رائحتها وتنتشر في المكان، لتدفع الجائعين دفعا إلى طلبها. تعلق الزبائن بهذه الأكلة دفع العديد منهم الى الادمان عليها، لاسيما العمال الذين يضطرون لتناول غدائهم خارج البيت، دون أن ننسى الشباب الذين باتوا يرفضون اكل المنزل، ويفضلون الاستمتاع بتذوق هذا الطبق رفقة اصدقائهم، وهو نفس ما يقوم به الكثير من التلاميذ والطلاب الذين اصبحوا يطالبون بمصروف جيب ''ثقيل'' ليتمكنوا من تناول غدائهم خارج البيت. تقول سامية إنها حريصة على اقتناء وتناول الشاورما كلما سنحت لها الفرصة، لأنها لا تستطيع أن تقاوم طعمها المميز خاصة الشاورما اللبنانية التي تعتبرتها أكلة مميزة بحق. أما وليد 12 سنة فقد أكد لنا أنه مغرم بطبق الشاورما ويفضله على باقي الأكلات كلما توجه مع والده للتسوق، وأكد أن والده بدوره لا يمكنه تناول أي أكلة ثانية خارج البيت إلا الشاورما وأحيانا يقوم باقتنائها وتناولها داخل البيت، وقد صرح لنا بعض الشباب أن سعرها الذي يتراوح ما بين 100 إلى 180 دج هو في متناول الجميع وغير مبالغ فيه، وهوماجعلهم يقبلون عليها. وما يكثر الطلب على الشاورما هو اختلاف ذوقها من محل الى آخر، بسبب اختلاف طرق اعدادها، والمواد التي تعد بها. فهناك من يعدها باللحم وآخرون يحضرونها بالدجاج، أما الاغلبية فيلجأون إلى الديك الرومي، كما يؤكد أغلب أصحاب المحلات بالعاصمة. كما تختلف انواع التوابل المستخدمة في اعداد الشاورما وهو ما يجعلها مختلفة من مكان الى اخر... دون ان ننسى اختلاف انواع الخبز التي تحتضن الشاورما... وهو مايسمى ب''سر المهنة'' كما يقول اغلب الشباب الذين تعلموا اعداد هذه الاكلة، بعضهم تعلم فنونها هنا والبعض الاخر في بلدان اخرى كسوريا وتركيا... والأكيد ان احسن معدي الشاورما اصبحوا ''جوهرة'' لايستطيع صاحب أي محل اكل الاستغناء عنها، بالنظر الى الطلب الكبير على الأكلة، مع العلم أنهم يتقاضون أجرهم بحسب مايبيعونه يوميا من ساندويتشات، وهو ما يؤكد أهمية معرفة هؤلاء لطريقة مميزة ومختلفة وطبعا لذيذة لإعداد الشاورما. والمتجول في شوارع العاصمة يلاحظ استحواذ اجهزة اعداد ''الشاورما'' على مداخل محلات بيع الأكل السريع، فحين تدور هذه الأخيرة وتطلق رائحتها الشهية فتأخذ معها أنظار المارة وشغفهم والمتأخرون عن الطابور لن يجدوا نصيبهم منها. في هذا السياق قال لنا محمد صاحب محل للاكل السريع إن هناك إقبالا كبيرا للناس على الشاورما التي يقبل على شرائها الشباب وحتى الاطفال بصورة كبيرة لذوقها المتميز، وقد استطاعت فعلا وبدون مبالغة أن تزعزع مكانة البيتزا والهامبورغر. ويجلب انتباه المارة على محلات الاكل تلك العبارات المميزة على واجهات محلات بيع الأكل السريع، ''شاورما لبنانية''، ''شاورما سورية'' ، والكل يتنافسون من أجل جلب أكبر عدد من الزبائن. وما لاحظناه أن الشاورما السورية أو اللبنانية أو حتى الجزائرية لا تختلف إلا في التسمية أو النسب إلى بلد معين، ولذلك فهي تعد مجرد حيلة لزيادة عدد الزبائن، ويبقى الطعم وحده الحكم فكم من محل اصبح خاويا على عروشه بعد ان اكتشف الناس طعم الشاورما التي يقدمها والعكس صحيح.. ولم يعد يقتصر الولع بالشاورما على العاصمة والمدن الكبرى فقط، بل امتد صداها ليغزو العمق الجزائري، كما فعلتها قبلها البيتزا وغيرها، لكن الشاورما استطاعت أن تؤسس لثقافة استهلاكية جديدة، ودون الحديث عن فوائدها الصحية أو الاخطار المترتبة عنها، فهي تزحف بقوة وتواصل فرض سيطرتها خاصة لدى فئة الشباب.