دعت الجزائر من داخل المنتظم الأممي إلى الاحترام الكلي لجميع المبادئ التي جاءت بها إستراتيجية مكافحة الإرهاب التي تمت المصادقة عليها سنة 2006 مؤكدة رفضها لأي مقاربة انتقائية لمحاربة هذه الظاهرة العابرة للأوطان. فقد أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في خطابه بمناسبة الدورة ال65 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قرأه وزير الخارجية مراد مدلسي أن الجزائر، تشارك، في ظل احترام مبادئ ميثاق منظمة الأممالمتحدة، بشكل كلي في إطار تعاون إقليمي مدمج الذي يعد الحلقة الأساسية في المكافحة الدولية للإرهاب. وقال الرئيس بوتفليقة في هذا الصدد،إن الجزائر تعد صاحبة عديد المبادرات الحديثة من بينها تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي بين دول المنطقة سواء في ميداني السلم والأمن أو في مجال التنمية. وفي هذا السياق أكدت الجزائر أن بلدان الساحل الصحراوي تطمح جميعها إلى تشكيل نظرة أكثر تناغما واتساعا حول رهانات أمن جماعي، رافضة أي انتقائية في التعاطي مع الظاهرة الإرهابية بهذه المنطقة. وقال الرئيس بوتفليقة في هذا الشأن ''إنني أبقى على قناعة، أن مقاربة انتقائية لمكافحة الارهاب، ليست كفيلة بتحقيق الأهداف المرجوة''. وبعد أن جددت الجزائر ارتياحها بعد مصادقة مجلس الأمن الدولي على اللائحة رقم 1904 المتعلقة بالتجريم القانوني لدفع الفديات للجماعات الإرهابية انطلاقا من مبدأ أن هذا العمل الذي يستدعي الإدانة يشكل مصدرا هاما لتمويل الإرهاب، أبرزت أنه وبالرغم من ذلك لا زالت تنتظر المجتمع الدولي جهود جبارة، من أجل اجتثاث هذا التهديد العابر للأوطان، ليس فقط في إطار عملية تطبيقها الكلي والتلقائي، وإنما كذلك في معالجة إشكالية إطلاق سراح الإرهابيين مقابل تحرير الرهائن. وهي المسألة -يضيف خطاب رئيس الجمهورية- التي يجب تناولها بكل عزم وحزم ومسؤولية، موضحا في هذا الصدد، أن يقظة المجتمع الدولي أمام الإرهاب العابر للأوطان'' يجب كذلك أن تشمل جميع الوسائل الحديثة التي يستعملها من أجل القيام بنشاطاته الإجرامية سيما من خلال استعمال صور الأقمار الصناعية في التخطيط واقتراف أعماله''. لذلك، يقول الرئيس بوتفليقة، فإن الجزائر تدعو المجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات المناسبة بغية الحيلولة دون استعمال صور الأقمار الصناعية عبر الإنترنت لأغراض إجرامية. وأشارت الجزائر في هذا السياق إلى أن الاتفاقية الشاملة حول مكافحة الإرهاب التي مافتئت الجزائر تدعو إليها ستؤدي بشكل من الأشكال، بعد المصادقة عليها، إلى تعزيز الترسانة القانونية الدولية الهامة. وبخصوص مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، أكد خطاب الرئيس أن الجزائر تبقى ملتزمة، لصالح تفعيل حقيقي لأشغال ندوة نزع السلاح، قصد تعزيز هذا المنتدى المتعدد الأطراف الفريد للتفاوض بشأن نزع السلاح وتمكينه من الاضطلاع بمهمته لصالح تعزيز السلم والأمن الدوليين. وسجلت الجزائر في هذا المقام حق الدول التي لا تتوفر على السلاح النووي ومنها الجزائر، إذ هي منشغلة بشأن الخطر النووي، أن تطلب من الدول النووية تحمل مسؤوليتها كاملة في تطبيق إجراءات ملموسة من أجل نزع فعلي للأسلحة النووية. أما بشأن تسوية النزاع بالصحراء الغربية، فقد سجلت الجزائر التزامها واستعدادها الدائمين لدعم جهود الأممالمتحدة الرامية إلى تسوية هذا النزاع، تطبيقا للائحة الأممية رقم 1514 التي كرست مبدأ تحرر الشعوب المضطهدة من نير الاستعمار. وجددت الجزائر بالمناسبة دعمها لمهمة ولجهود المبعوث الخاص كريستوفر روس، مؤكدة، تمسكها بالشق الخاص بحقوق الإنسان وضرورة التكفل به من قبل مجلس حقوق الإنسان والآليات الدولية ذات الصلة. ودعت المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤوليته كاملة اتجاه شعب الصحراء الغربية وفقا لأحكام ميثاق الأممالمتحدة ذات الصلة بغية التوصل لحل سياسي عادل يسمح للشعب الصحراوي بممارسة حقه الثابت في تقرير مصيره عن طريق الاستفتاء. كما جددت الجزائر بالمناسبة نداءها للمجتمع الدولي للتحلي بمزيد من الصرامة والانسجام بخصوص النزاع العربي الإسرائيلي، من خلال ممارسة ضغوط ذات مصداقية على قوة الاحتلال من أجل حملها على احترام التزاماتها. وعلى صعيد المغرب العربي، جددت الجزائر حرصها على إعطاء الأولوية لبناء الصرح المغاربي. مشيرة إلى أنها باشرت في إطار برامجها الجديدة الخاصة بالإنعاش الاقتصادي والاجتماعي مشاريع تنموية كبرى ذات بعد مغاربي من شأنها تسهيل عملية الاندماج الإقليمي. إلى جانب ذلك، دعت الجزائر بشأن تنفيذ إعلان ألفية المجتمع الدولي إلى احترام التزاماته في مجال المساعدة العمومية من أجل التنمية وأن تنفذ إجراءات إضافية لمساعدة هذه البلدان وتمكينها على الأقل من الاقتراب من أهداف الألفية للتنمية في أجل 2015 إن كان تحقيقها متعذرا. أما بخصوص حماية التنوع البيولوجي في البلدان النامية، فقد دعت الجزائر إلى ضرورة تعزيز دور الأممالمتحدة في هذا المجال وكذا إلى ترقية تعاون شمال-جنوب يعود بالنفع على الجانبين ويسمح لهما بتقاسم المنافع المترتبة عن استغلال هذه الموارد. وعلى صعيد الوقاية من الكوارث الطبيعية، وجهت الجزائر نداء إلى المجموعة الدولية قصد مباشرة تفكير مشترك حول البحث عن الطرق والوسائل من أجل تكفل عالمي بتسيير حقيقي لهذه الكوارث ضمن مسعى تضامني إنساني.