تعتبر آلة لاكورا من الآلات الوترية الإفريقية التي تصنع البهجة وترافق الطبل (التام تام) لتشدو بأعذب الألحان، كل ما فيها من أجزاء تنبئ بجذورها الإفريقية التي استمدت كينونتها من الطبيعة، فعمادها الخشب وجلد الحيوانات الأليفة وحتى المتوحشة على غرار الفهد والنمر، أما وترها من شعر ذيل الحصان، حصام عبد العزيز حرفي في صناعة الآلات الموسيقية استطاع أن يقدم هذه الآلة في أبهى حلة. حول كيفية ارتباطه بهذه الآلة الموسيقية الإفريقية قال ''لقد أتيحت لي فرصة السفر إلى مالي، حيث وقعت عيناي على تلك الآلة الفريدة في أحد محلات بيع التحف التذكارية، أحضرتها معي إلى البيت حيث تربعت على شكل ديكور جميل، ومع مرور الوقت أصبحت أطيل النظر إليها فسحرني شكلها، بل أكثر من هذا نشأت بيننا لغة حوارية من فرط إعجابي بها، وتساءلت، ألا يمكنني أن أصنع مثلها؟ علما أنها من الآلات الموسيقية التقليدية لإفريقيا السوداء، أي من مالي حتى إفريقيا الجنوبية. حصام عبد العزيز الذي يمارس حرفة صنع هذه الآلة منذ 3 سنوات استطاع أن يطورها ويضع بصمته على الآلات التي صنعها، يقول ''عندما تمكنت من تنفيذ أول آلة شعرت بسعادة عارمة، خاصة أنني لم أكن موسيقيا أو حرفيا في صناعة الآلات قبل هذا الوقت، وقد وجدت تشجيعا كبيرا من الأهل والأصدقاء الذين رأو الآلة في البيت، رغم أنني صنعتها في البداية بأبسط وأقل التكاليف، كما أنها لم تأخذ مني أكثر من يومين، حيث طلب مني كل من رآها أن أصنع له آلة مثلها للديكور، وهنا بدأت في تقديم لاكورا بأشكال وأحجام مختلفة، علاوة على اعتمادي على حسي في طرح أشكال إبداعية مع احتفاظي بالشكل الرئيسي لها''. وعن المواد الأولية المستخدمة فيها قال محدثنا ''حتى يمكننا الحصول على آلة جميلة ومتناسقة إفريقية الشكل لابد من المواد التالية، حبة قرع متوسطة أو صغيرة الحجم، أو كبيرة حسب الرغبة، قطعة من جلد الماعز أو جلد البقر أو جلد الجمل أو خروف، حطب أحمر، غراء، مقص ومطرقة، وخيط صيد''. وعن أصل المواد الأولية قال عبد العزيز ''بالنسبة للقرع الصغيرة أو (الكابويا) فهي موجودة بالعاصمة، أما فيما يخص القرع كبيرة الحجم فتوجد في كل من الصحراء الجزائرية الشاسعة أو بالمالي، حيث أسافر لإحضارها''. وعن تقنية تحضير الآلة قال محدثنا ''الصبر والتفاني والانتباه عناصر أساسية لتحضير لاكورا، إذ يستوجب عليك ان تكون حذرا في كل مراحل التحضير خاصة أن القرع حساس جدا ويمكن ان ينكسر أثناء التحضير لتصبح القطعة غير صالحة للاستعمال مباشرة، ولتحضير الآلة يلزمني رسم الشكل المراد إعطاؤه ليد على الآلة على جانبي القرع لأنهما يستوعبان اليد التي يجب تثبيثها داخل القرع، وبعدها ننطلق في عملية رسم مخرجين آخرين على الجانب لإكمال الديكور ثم أشرع في عملية تغليف القطعة التي تأخد شكل آلة الدربوكة الإيقاعية، ليختفي الشكل فور خروج قطعتين خشبيتين يتم تغليفهما ايضا بالجلد على يمين وشمال اليد، ثم أثبت خيوط الصيد، وبعدها أحرص على تقديم الرتوشات النهائية للآلة، ولتحضير آلة كبيرة الحجم احتاج للكثير من الوقت. ويواصل محدثنا قائلا ''الأمر الذي يسرني كثيرا هو أن الكثير من عازفي القناوي يعجبون كثيرا بهذا العمل، وهناك من يقدم لي نصائح قيمة لجعل الآلة تحفة منقطعة النظير''. وحول مشاريعه المستقبلية في هذا المجال قال الحرفي حصام ''أنا بصدد التحضير لصناعة آلة القمبري والامزاد، خاصة أنهما من الآلات الموسيقية التي تعكس التقاليد الصحراوية الجزائرية''.