أشرف وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم، صباح أمس، بإقامة جنان الميثاق على افتتاح ندوة تعريب التعليم والتنمية البشرية التي حضر فعالياتها ممثلو تسعة بلدان عربية من أساتذة وخبراء واختصاصيين في مجال التعريب، والتي أشرف على تنظيمها المجلس الأعلى للغة العربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق. وأكد وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم في كلمة الافتتاح أن التعليم غدا اليوم عند الأمم المتطورة، قاطرة للتقدم، ولم تتفوق الأمم إلا بإدراكها لهذه الحقيقة، فتهرع إلى أنظمتها التربوية تسائلها لتعيد النظر في مناهجها وبرامجها وأهدافها. وأضاف السيد بلخادم أن المجابهة غالبا ما تكون حامية الوطيس بين من يستشرف المستقبل والآفاق بباعث التجديد والتطوير وبين من يستكين إلى التقليد خوفا من التغيير متمسكا بماض لم يحسن الإفادة منه بما يخدم حاضره ومستقبله. وتطرق وزير الدولة إلى التعريب في الجزائر مستعرضا أهم المراحل التي مر بها مؤكدا أن الجزائر كانت على وعي مبكر بأن تعميم استعمال اللغة العربية هو سبيلها للخلاص من تركة استعمارية بغيضة، وأضاف السيد بلخادم أن الاستثمار في الموارد البشرية عالية التأهيل، غدا اليوم الرافع الاستراتيجي الذي يزود مجتمعاتنا بميزة تنافسية في عالم يتجه صوب اقتصاد معولم مبني أساسا على المعرفة. ودعا وزير الدولة إلى تفعيل اللغة العربية في نقل المعرفة عبر التعريب والترجمة وتأليف المعاجم المتخصصة والحوسبة وعبر نشر التعليم وترقية البحث العلمي عامة والبحث اللساني خاصة في تداخلاته مع الحقول المعرفية الأخرى. من جهته ألقى الدكتور محمد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الأعلى للغة العربية كلمة استعرض فيها راهن اللغة العربية مستذكرا المراحل التي مرت بها خصوصا في العهد الكولونيالي الذي حاربها لأنها ارتبطت على هذه الأرض بالقرآن وعلومه، وقد أعطى الدكتور ولد خليفة حوصلة عن العربية باعتبارها من أولى اللغات التي تم تقعيدها في زمن مبكر قبل 1200 عام، كما تطرق إلى فضل اللغة العربية ومساهمة العرب والمسلمين في حقب سابقة في تقدم العلوم والفنون والآداب، موضحا أن العربية صنعت رصيدا معرفيا نفيسا صنع بدوره حداثة عصره وأضاف الكثير إلى تراث الإنسانية، إلا أن العربية -يضيف الدكتور ولد خليفة- لم تتمكن من مواصلة التقدم الحضاري وتحقيق التراكم العلمي والإبداعي، فقد تحالفت ضدها ثلاثة عوامل عطلت تقدمها وأضعفت إشعاعها وذلك ما حاق العرب والمسلمين من تخلف وجمود، وتخاذل أهلها وغفلة شرائح من نخبها وأولى الأمر في أوطانها عن تحريك النهضة وتوليد العلوم والتقانات باللغة العربية، والمد الكولونيالي الذي اجتاح المنطقة مشرقا ومغربا، وتساءل الدكتور ولد خليفة عن أنظمة التعليم في تأدية مهامها وعن الاستراتيجية طويلة المدى في بلداننا من حيث تنسيق الجهود وعن كيفية الاستفادة من عولمة واثقة من نفسها وهجومية، كما تساءل رئيس المجلس الأعلى عن تهيئة البيئة المحلية بالقدر الكافي وذلك للحد من هجرة الكفاءات العلمية إلى الخارج، وخلص في نهاية تدخله إلى القول إن الطريق للخروج من التخلف ومضاعفته يبدأ بالوعي بأن قوة بلداننا تقوم على نشر المعرفة وتوليدها بلغتنا الجامعة. من جهته استعرض الدكتور زيد العساف مدير المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق المجهودات الكبيرة التي يبذلها المركز الذي عمل ويعمل على المساعدة على تعريب التعليم العالي والجامعي بفروعه كافة بما في ذلك توفير حاجات التعريب من المراجع والكتب ترجمة وتأليفا ونشرا وتوزيعا. وبعد الاستراحة افتتحت الجلسة العلمية الأولى برئاسة الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح رئيس المجمع الجزائري للغة العربية، حيث استهل الجلسة الأولى الدكتور ميلود حبيبي بمحاضرة تحت عنوان ''تجارب الأمم في ترقية استعمال لغاتها في التنمية''، أما الدكتور دفع الله عبد الله الترابي من السودان فألقى محاضرة بعنوان ''توطين العلم والمعرفة باللغة العربية''، ثم الدكتور نشأت حمارنة من الأردن الذي تناول في محاضرته المصطلح التراثي في العلم الحديث، لتختتم الجلسة بمناقشة وتعقيبات. وتتواصل أعمال الملتقى صباح اليوم بجلسات علمية تتناول العربية والتقانات الحديثة، العربية والتعليم، أثر التعليم التقني، اللغة وتفعيل النمو الاقتصادي، التدريس والطب بغير العربية ومساهمة التراث الطبي العربي الإسلامي في تقدم العلوم وغيرها من المداخلات التي تتناول العربية ودورها في ترقية المجتمعات حيث تختتم هذه الندوة مساء غد بقراءة التوصيات.