تشكل زيارة المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية السيد كريستوفر روس إلى الجزائر فرصة أخرى لهذه الأخيرة من أجل تجديد استعدادها التام لدعم المفاوضات بين طرفي النزاع لأجل التوصل إلى حل عادل للقضية قائم على أساس تمكين الشعب الصحراوي من حقه المشروع في تقرير المصير، طبقا لما تقتضيه الشرعية الدولية وما تنص عليه لوائح الأممالمتحدة والقانون الدولي. كما تشكل هذه المناسبة فرصة أخرى للجزائر لتفنيد وفضح المزاعم المغربية التي تحاول تشويه قضية الصحراء الغربية في نظر الرأي العام الدولي، والتشكيك في جهود الجزائر الصادقة في اتجاه دعم الحلول السلمية العادلة والنزيهة للنزاع في الصحراء الغربية، وهي التي ثمنت مصادقة مجلس الأمن الدولي في 2007 على اللائحة رقم 1754 التي تهدف إلى بعث مفاوضات ''دون شروط مسبقة'' قصد إخراج النزاع في الصحراء الغربية، من وضعية الانسداد، ورحبت باستئناف المحادثات غير الرسمية في أوت 2009 وفيفري 2010 والرامية إلى التحضير لمفاوضات رسمية جديدة، بهدف توصل الطرفين إلى حل سياسي عادل ومستديم، يسمح بضمان حق تقرير المصير للشعب الصحراوي. كما أعلنت الجزائر مرارا دعمها الكامل لجهود الأممالمتحدة من خلال كل من أمينها العام ومبعوثه الشخصي كريستوفر روس، والرامية إلى مساعدة المغرب وجبهة البوليزاريو على استئناف طريق المفاوضات من اجل التوصل لحل للنزاع طبقا لقواعد ومبادئ القانون الدولي، وظلت الجزائر الوفية لتاريخها والتزاماتها إزاء القارة الإفريقية والمجتمع الدولي تؤكد وتعبر عن تضامنها الأخوي والتام مع الشعب الصحراوي مع ضمان دعمها الثابت لاسترجاع حقوقه المشروعة، لاسيما حق اختياره وبكل حرية وسيادة لمصيره من خلال تنظيم استفتاء يمكنه من ممارسة حقه في تقرير المصير، كما تبقى الجزائر تتحمل مسؤولياتها في حماية اللاجئين الصحراويين وفقا للتشريع الدولي ذي الصلة، الأمر الذي كلفها الاتهامات غير المؤسسة من قبل الحكومة المغربية التي تحاول في كل مرة إقحامها في النزاع من اجل زرع الشك والتنصل من مسؤوليتها كقوة محتلة لإقليم مدرج في قائمة الأممالمتحدة للأقاليم غير المستقلة. وكانت آخر هذه المناورات اليائسة الحملة الإعلامية الشرسة التي قادها النظام المغربي ضد الجزائر في قضية توقيف جبهة البوليزاريو للسيد مصطفى سلما ولد سيدي مولود مفتش عام الشرطة في مخيم للاجئين الصحراويين، والتي استغلتها السلطات المغربية للهروب إلى الأمام في تسييرها لمشكل تصفية الاستعمار القائم بالصحراء الغربية وبعث محاولاتها المبيتة الهادفة إلى تحويل الرأي العام عن حقيقة القضية، والتغطية عما يقترفه بوليسها في الأراضي الصحراوية من انتهاكات مفضوحة لحقوق الإنسان ضد الصحراويين العزل. مستغلة اقتراب المواعيد الهامة المحددة من قبل الأممالمتحدة لمواصلة جهودها من اجل إيجاد حل للنزاع في المنطقة، على غرار موعد اجتماع اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المكلفة بتصفية الاستعمار، التي صادقت الأسبوع الماضي على لائحة تؤكد من جديد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال وترفض الاحتلال غير الشرعي للصحراء الغربية من طرف المغرب، وكذا الزيارة التي شرع فيها أمس المبعوث الشخصي للأمين العام الاممي إلى المنطقة السيد كريستوفر روس. وقد جدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة مؤخرا بنيويورك استعداد الجزائر لتقديم دعمها الكامل لجهود الأممالمتحدة الرامية إلى تسوية النزاع بالصحراء الغربية، ودعمها لمهمة ولجهود المبعوث الخاص كريستوفر روس، التزاما منها بمسؤوليتها وواجباتها، مع تمسكها بالشق الخاص بحقوق الإنسان وضرورة التكفل به من قبل مجلس حقوق الإنسان والآليات الدولية ذات الصلة، ودعا في السياق ذاته المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤوليته كاملة تجاه شعب الصحراء الغربية، وفقا لأحكام ميثاق الأممالمتحدة بغية التوصل لحل سياسي عادل يسمح للشعب الصحراوي بممارسة حقه الثابت في تقرير مصيره عن طريق الاستفتاء، مشيرا إلى أن مكافحة اللاعقاب وانتهاكات حقوق الانسان والتي باتت مكسبا ثابتا للمجتمع الدولي ينبغي أن تندرج في مقاربة شاملة لا تعيق أي مسار تسوية سياسي للأزمات والنزاعات في العالم ولا تعارض الجهود الإقليمية والدولية في هذا المجال وفقا لميثاق الأممالمتحدة.