في الوقت الذي يرجع فيه تجّار الجملة ارتفاع أسعار بعض الخضر، إلى قلة المنتوج الذي أجّلت الأمطار الأخيرة عملية جنيه، فإن ارتفاع باقي المواد كالحبوب الجافة، والعجائن والسكر تثير العديد من التساؤل لدى المواطنين ولم توجد له تبريرات، ويؤكد بشأنه الخبراء الاقتصاديون بأنه راجع إلى تقلبات السوق الدولية، واستمرار الاعتماد على استيراد العديد من المواد الأساسية التي تدخل في صناعة المواد الغذائية، التي كلما ارتفعت أحدثت خللاً في القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما محدودي الدخل. وذكر الخبير الاقتصادي السيد عبد المالك سراي في حديث ل ''المساء'' أن التقلبات العالمية الحاصلة في سوق المواد الغذائية التي لا يمكن مراقبتها والتحكم فيها هي المسؤولة على إحداث هذا الارتفاع، خاصة وأن الجزائر كواحدة من أكبر الدول المستوردة للحبوب في العالم تعتمد على جلب العديد من مواد غذائية أساسية من الخارج، مفسراً هذا الارتفاع بضعف الإنتاج الوطني خاصة في مجال الحبوب، التي أدى ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية الى ارتفاع أسعار مختلف العجائن المصنوعة منها في السوق المحلي، متوقعاً ارتفاع سعر مادة الخبز ''إذا لم تتخذ إجراءات مناسبة لمثل هذه الأوضاع''. وأضاف محدثنا أن الكوارث الطبيعية التي حدثت في العديد من البلدان مثل روسيا، الهند، الباكستان وغيرها من الدول أدت إلى تراجع إنتاج الحبوب الجافة، خاصة بعد قرار روسيا تخفيض صادراتها نحو الخارج، بسبب الخسائر التى تكبدتها نتيجة الحرائق التي مستها في الصائفة الماضية. وحذّر السيد سراي من خطورة السوق الدولي وانعكاساته على السوق المحلي''طالما لازلنا مرتبطين كثيرا بالاستيراد''، ودق ناقوس الخطر، بشأن التحضير لمواجهة هزات أخرى من المحتمل أن تحدث في السوق الدولي بعد سنة أو سنتين، وذلك قبل أن تتسع الأزمة وتشتد في بداية السنة المقبلة أي فيفري ومارس المقبلين، حيث يمكن اللجوء الى استيراد الحبوب بأسعار أكثر ارتفاعا، إذا لم تتغير أسعار الحبوب ''التي تؤدي الى ارتفاع جنوني في أسعار كل المواد التي لها علاقة مباشرة بها، إذا لم تتغير الأمور على المستوى الدولي''. وفي هذا الإطار أشار مصدرنا، الى أن الديوان الوطني للحبوب، استورد كمية من الحبوب قبل أن ترتفع أسعارها وقام بتخزينها لتغطية الاحتياجات الى غاية نهاية السنة الجارية، إلا أن تجاوز مثل هذه الانعكاسات، يتطلب-كما قال-تغيير منهجية العمل، وتدعيم الإنتاج الوطني، ورفع مستوى الاستثمار في الزراعة خاصة في بعض الزراعات، كالحبوب الخاصة بإنتاج الزيوت، والأخذ بعين الاعتبار بعض التجارب التي حدثت في بعض البلدان العربية والإسلامية مثل ماليزيا، سوريا والسعودية. وفي جولتنا ببعض المساحات التجارية الكبرى، ومحلات بيع المواد الغذائية بالعاصمة لاحظنا أن سعر السكر ارتفع إلى 100 دينار للكيلوغرام الواحد، بعد أن كان بين 80 و90 دج، كما عرف الزيت زيادة قدرها 15 دينارا للتر الواحد الذي وصل سعره 135 دينارا، بينما انتقل سعر خمسة لترات من نفس المادة من 580 دينارا الى 620 دينارا، وبالنسبة للحبوب الجافة فقد عرف سعر الفاصوليا ارتفاعا ليتراوح الكيلوغرام الواحد منها بين120 و140دج، أما العدس فحافظ على سعره المرتفع ب 150ديناراً ، كما ارتفعت أسعار بعض أنواع القهوة والمنظفات السائلة. ولم تسلم العجائن -التي عادة ما يلجأ إليها المستهلك وقت الضيق كبدائل- من حمى الأسعار، حيث بلغ سعر الكيلوغرام من المعكرونة 70دينارا، وشهدت الأنواع الأخرى من العجائن ارتفاعا ملحوظا. من جهتها حافظت الخضر - مثلما لاحظناه في بعض الأسواق الشعبية بالعاصمة- عن أسعارها المرتفعة المتداولة منذ مدة، فلا تقل أسعار جل الخضر عن60 ديناراً للكلغ الواحد فما فوق، باستثناء البصل الذي بلغ 25 دينارا، والبطاطا المخزنة ب35 دينارا، بينما بلغ سعر البطاطا الموسمية التي شرع البعض في جنيها 70 دينارا، أما الخس والفاصوليا الخضراء فسعرهما بلغ على التوالي100دينار و120 دينارا للكيلوغرام الواحد. وإذا كان الأمر معقولا بالنسبة لهاتين المادتين، على اعتبار أنها ليست منتوجاً موسمياً، فإن أسعار باقي الخضروات غير مبررة، مثلما هو الأمر بالنسبة للجزر واللفت اللذين وصل سعرهما بين 40 و50 دج، كما بلغ سعر الكوسة والطماطم، 60 ديناراً،أما الكرنب أو''القرنبيط ''والخرشوف والبسباس فبلغت أسعارها 50 دينارا.