دعا المشاركون في الملتقى العلمي الوطني الأول حول الإعلام الرياضي وتأثيره على المجتمع في الجزائر ''بين الواقع والمأمول'' إلى تبني كافة التوصيات التي خرجوا بها بعد يومين من المداخلات والنقاشات، والتي نصّت أهمها على ضرورة بناء استراتيجية واضحة بخصوص الإعلام الرياضي التربوي بالجزائر، والتخطيط لإنشاء معاهد متخصصة في هذا المجال وغيرها من التوصيات التي شددوا على فائدتها الجمة في حال تطبيقها. وكان هذا الملتقى، الذي نظمه معهد التربية البدنية والرياضية بجامعة العلوم والتكنولوجيا ''محمد بوضياف'' بوهران تحت شعار ''رياضة راقية ..إعلام هادف''، قد عرف مشاركة أساتذة ومختصون في المجال، تناولوا عديد المواضيع والمجالات التي لها علاقة مباشرة ووطيدة بالإعلام الرياضي في الجزائر وواقعه وآفاقه، وكذا ارتباطه بالعلاقات الإنسانية وإنعكاساتها على المنظومة التربوية. وقد سجّل اليوم الأول خمس مداخلات، كانت أهمها المداخلتان الإفتتاحيتان للسيد عز الدين ميهوبي وزير الإتصال السابق، الذي شارك بمداخلة تناول فيها تاريخ الإعلام الرياضي في الجزائر، وأهم المحطات التي مر بها، مستعرضا التجربة التي عاشها هو شخصيا من خلال تأسيسه لجريدة (صدى الملاعب)، ومداخلة الأستاذ بوداود اليمين التي تناول فيها علاقة الإعلام الرياضي بثقافة الإحتراف، خاصة مع الطّلة الجديدة لمشروع الإحتراف في كرة القدم الجزائرية، حيث شدد المتدخل على أن الإحتراف يجب أن تكون خطوته الأولى إنطلاقا من المدرسة، من خلال توفير جميع الوسائل البشرية والمادية لكافة المؤسسات التربوية حتى تؤدي دورها كما يجب، موضحا على أن تطبيق سياسة الإحتراف تحت مظلة النظام الدولي، يتطلب اعتماد استراتيجية وتخطيطا مدروسين، وهو ليس مجرد شراء وبيع اللاعبين بين الفرق والأندية يؤكد الأستاذ بوداود. ولم ينس المختصون المتدخلون، إبرازالتوظيف السياسي للرياضة مستشهدين بالأزمة التي عاشتها العلاقات الثنائية بين الجزائر ومصر بسبب خلافات سياسية، إنعكست سلبا على اللقاء الذي جمع بين منتخبيهما برسم التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأسي إفريقيا للأمم بأنغولا والعالم بجنوب إفريقيا. ونفس العدد من المداخلات (خمسة)، شهدها اليوم الثاني من هذا الملتقى، الذي تميّز بالمداخلة التي ألقاها الأستاذ شريفي بعنوان ''وضعية الخبر الرياضي بين الواقع والآفاق''، حيث ذكر فيها بأهمية الخبر الرياضي ودوره في كشف العديد من الخروقات المضرة بالرياضة، وتصحيح الأخطاء التي تؤذيها، وضرب مثالا بالخبر الذي كشف عن الفضيحة الكروية التي هزّت فرنسا في السنوات الماضية، وتمثلت في عملية بيع مباراة من قبل لاعب من فريق فالانسيان لعدد من مسيري نادي مارسيليا، مشيرا إلى نقص التكامل بين مراكز التكوين والهيئات الرياضية، التي قال عنها المتدخل، بأنه يتوجب عليها الإنشغال والإهتمام أكثر حتى تأتي بالحلول للمشاكل التي لا زالت جاثمة في الحقل الرياضي الوطني. وكانت المداخلة الثانية الهامة للأستاذ شناتي أحمد، بعنوان ''التأثير الإيجابي للإعلام الرياضي، في الحد من تفشي الظواهر الإجتماعية (الحرة، الإنتحار، السرقة، وتعاطي المخدرات ..''، حيث أبرز فيها المكانة المتقدمة التي تحتلها وسائل الإعلام الرياضي، في معالجة القضايا الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والرياضية، ودورها الكبير في الحد من هذه الظواهر السلبية بتأديتها لرسالتها كما هو منوط بها، من خلال بثها للبرامج الواعية المتطورة، حتى تكسب ثقة المتلقي وبالتالي تؤثر فيه إيجابا. مؤكدا على أن التغيرات السريعة التي يشهدها العالم في هذا القرن وفي كل مناحي الحياة، والتي رافقها تغيرات إقتصادية وإجتماعية وثقافية، أدت إلى ظهور إتجاهات وقيم وسلوكيات وأنماط تفكير وأنماط معيشة، قال المتدخل أنها أثرت سلبا في تماسك المجتمع، وتولدت لدى أفراده شعورا بالخوف على قيمهم وعاداتهم وتراثهم وهويتهم الوطنية، في ظلّ بروز قيم أخرى جديدة تضعف الولاء للوطن والإنتماء إليه والإعتزاز بالثقافة والموروث التاريخي. وكان المجال مفتوحا بعد مداخلات كل يوم، للنقاش والإستفسار لدى الأساتذة الباحثين والمختصين، ليكون النفع تاما وعاما على كل الحضور، وخاصة الطلبة منهم الذين ثمنوا انعقاد هذا الملتقى، متمنين تكراره مستقبلا لأنه يتيح لهم تنمية وتقوية معارفهم العلمية في مجال تخصصهم، من خلال الإحتكاك المباشر مع الأساتذة الباحثين والمختصين، خاصة أن غالبيتهم يحضّرون لشهادات دراسية عليا. الأستاذ عيسى الهادي المنسق العام للملتقى قال عن فكرة تنظيمه: ''لا نخال أحدا غافلا عن الدور المؤثر للإعلام الرياضي في مجتمع شباني، وفي العلاقات الداخلية والخارجية لأي بلد، ولازالت صورة تلك الأزمة التي وقعت بين الجزائر ومصر ماثلة أمامنا، لذلك أردنا أن نعطي صورة أكثر جمالية للإعلام الرياضي الهادف ذو الأبعاد التربوية''. أما عن الأهداف المرجوة من تنظيم هذا الملتقى أضاف محدثنا: ''هي أهداف سامية نصبو إليها من مثل رؤية إعلام رياضي هادف، وجرائد رياضية متخصصة أكثر مهنية تولي اهتماما أكثر للجانب الأكاديمي، وبناء استراتيجية واضحة بخصوص الإعلام الرياضي في الجزائر، وغيرها من الأهداف التي تبين رغبتنا وأمنيتنا الكبيرة في تميزه''. كما كانت الفرصة مواتية على هامش هذا الملتقى، لإقامة ندوة علمية وإعلامية، وزيارة منشآت معهد التربية البدنية والرياضية، وعرض الجداريات المعدة خصيصا لهذا الموعد العلمي الهام.