فرقة استطاعت ان تفرض نفسها على الساحة الفنية بقوة، حيث تمكنت من مزج الطبوع الغنائية الجزائرية وارتشفت من التراث الجزائري لتقدم أجمل الأعمال التي يحار المرء في وصفها، هي فرقة لا تضاهيها أية فرقة متميزة في أدائها، الانسجام الكلي وروح الجماعة وصوت الرجل الواحد هي ميزة فرقة الفردة البشارية التي تمتاز بمسحة صوفية، كما تعتبر الفرقة عماد الاعراس البشارية بالقنادسة وبهجة الحفلات العاصمية، ''المساء'' استضافت المعلم العربي عضو فرقة جمعية الفردة، الفنان المميز المتواضع ونقلت لكم هذا الحوار الشيق... ''المساء'' : نزلت ضيفا عزيزا على ''المساء''، خاصة انك لبيت الدعوة رغم الإرهاق والسفر، كيف وجدت العاصمة؟ العربي: الحمد لله لقد وجدناها في أبهى حلة، خاصة ان الأمطار قد روت الأرض، وهذا امر يبشر بالخيرات، فالمطر فال خير وسعادة للبشر. - ما هو الجديد الذي تحضره الفردة؟ العربي: لقد أكملنا عملية تسجيل - صندوق - كوفري تراثي مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف، وقد جمعنا مجموعة من القصائد التي كنا نقدمها في حفلاتنا، فكما نقول نحن دوما قديمنا هو الجديد، لأننا نغترف من الأعمال التراثية الجزائرية، ومن بين الأغاني التي قمنا بتسجيلها ''كيف انواسي''، '' غابو تاج الملاح'' ، ''يا العالم ما في الصميم''، وننتظر صدور الصندوق ليستمتع به جمهور الفردة ايضا. - تعرف الفردة بالتميز الذي يعد سر قوتها، فما هو هذا التميز؟ نحن نتميز دوما بالإيقاع الفريد من نوعه، والآمر الذي يميز الفرقة هو اللحظة التي نضع فيها كل الآلات الموسيقية جانبا عند اقتراب نهاية الأغنية، لنعتمد على آلة الفردة لنعزف على أنغام القباحي وهو طبع فريد من نوعه، اما بالنسبة للألحان ففيها الكثير من الاجتهاد منا رغم انها في الأصل قنادسية اللحن، وقد وجدنا القصائد التي أعطاها لنا الشيوخ من بينهم الشيخ الحاج محمد المجابي المدعو بالدرويش. ولدينا طريقة خاصة في العمل فقصيدة الفراجية نسميها ''يا كريم الكرماء'' والتي نعطيها لحنا خاصا ينتمي للقنادسة، ويجعلها مميزة، وهنا أود التوضيح الى إلا أننا لم نجد أي اثر لمن كان يلحن الأغاني، فقد وجدنا الأغاني ملحنة، وقد وجدناها في الفردة. - ما هي الفردة بالضبط؟ الفردة كانت موجودة مند القدم وكان اسمها العامة، أي تعم كل الناس الغني والفقير الكبير والصغير، المثقف والأمي، وانا شخصيا عندما فتحت عينيّ على الدنيا وجدت العامة موجودة، بحيث يجتمع من يحفظ القصائد في مكان ما لتقديم حفل، إلا انها لم تكن جمعية او فرقة فقد كان كل واحد يقدم ما عنده، اما نحن الآن فقد قمنا بوضع الفردة في قالب ثقافي جمعوي، حيث شكلنا فرقة الفردة، وقد أطلقنا عليها هذا الاسم نسبة للآلة الإيقاعية التي نعزف عليها بأيدينا قبل نهاية الأغنية، وقد قدمت ثلاثة توضيحات لهذا الاسم، بحيث قيل لنا انه في القدم كان الشخص عندما يقدم على الزواج يدعو الناس إلى ما يسمى بالتقصيرة، مثلا ''رانا مقصرين عند فلان'' ويتم وضع بلغة على الأرض، هذه الأخيرة تجمع ما يجود به القادمون لمساعدة صاحب العرس، اما التسمية الثانية فهي انها لون غنائي فريد من نوعه، بالنسبة للتسمية الثالثة فيقال انه في الزمن الماضي كان هناك في القنادسة يجلس الناس للعشاء وكانوا يأكلون في قصعة الكسكسي، لم تكن هناك مكبرات الصوت، فيتم قلب القصعات، ثم توضع فوقها الهيدورة، ويلبس العازف البلغة في يده حتى يضرب على القصعة فلا تؤلمه فتعطي صوتا مميزا خلال الحفل. - لو كان لك الاختيار في وجه التسمية، ماذا كنت تختار من الأوجه الثلاثة التي ذكرتها؟ صراحة لو كان لي الاختيار، لاخترت فردة المساعدة، أنا أحب كل شئ فيه التضامن او ما يسمى بالتويزة، فقد كان الناس يتعاونون فيما بينهم، بحيث كان الواحد في السابق يختار الزوجة فقط، في الوقت الذي يهتم فيه الجيران والأهل والأصدقاء بتحمل التكاليف، اما اليوم فقد أصبحت الظروف جد صعبة. - يقال ان المعلم العربي القلب النابض للفرقة، ما تعليقك؟ هذا فضل من الله تعالى، الفردة تحتاج إلى جهود الكل، فكما يقال الجماعة تخدم الفرد، لكن الفرد لا يخدم الجماعة، أنا فرد من المجموعة وكل واحد منا لديه مهمة يؤديها في الفرقة، فهناك من يعزف على الآلات ويقدم أجمل الألحان، وآخر يحضر القصائد، وذاك في صوته نغمة خاصة، كل هذا يشكل الفردة التي اعتبر جزءا منها. - وماذا عن الجمهور؟ الصراحة الفنان بدون جمهور لا وجود له، وقد صادف في حالات أننا كنا متعبين او مرهقين لكن سبحان الله، هتافات الجمهور وتشجيعاته تعطينا الطاقة التي نستطيع من خلالها تقديم وصلات رائعة يمكنه الاستمتاع بها، كما أود الإشارة الى ان الجمهور العاصمي ذواق ويعرف جيدا القصيد، لهذا نحرص دوما على تقديم الأحسن، كما أنني أود التوضيح ان الفردة قد بدأت شهرتها من العاصمة. - ماذا قدمت الفردة للتراث؟ التراث ارث يغترف منه الجميع، فالكثير من الأصوات تألقت بإعادتها للاغاني التراثية، والتراث بحاجة الى أصوات جيدة وعازفين جيدين يمكنهم الحفاظ عليه، فهناك تراث جيد إلا ان طريقة عرضه للأسف ليست في المستوى، إلا ان الفردة تعتبر هذا الأمر من أولوياتها فالتراث عزيز جدا ونسعى لتقديمه في أبهى حلة. - كيف تكونت فنيا؟ نحن في القنادسة وبشار لم يكن لنا الحظ في الدخول للكونسرفاتوار، فقد اعتمدنا على أنفسنا في التكوين فكلنا عصاميون، وأكثر من هذا فقد كان أفراد العامة في القديم يحرمون الأطفال والشباب من مشاهدة الحفل، باعتبار ان القصيدة تحتاج الى الانتباه والصمت، ورغم اني كونت فرقة السد في الثمانينيات وهي التي أخرجت الشيخ بن بوزيان من تراث الفردة وقدمناها بتوزيع شبابي، وفرقة الحسناوة، ناس الغيوان جيجي لالا، إلا أننا كنا ممنوعين من الدخول، لكن كل هذه العراقيل لم تثبط عزيمتنا واصررنا على المتابعة، كما كنا نستفيد من جلسات التحضير والتكرار للحفلات والأعراس في المحل الذي نجتمع فيه. - فرقة السد لا تزال موجودة الى يومنا هذا.. ما تعليقك؟ نعم فرقة السد التي كونتها أنا والشيخ مجباري مجبر الذي يعمل حاليا في طبع قناوي خاص به، حلت في آواخر سنة ,1986 واليوم يشرف عليها شقيقي حسينة الذي تبناها. - وكيف تتعامل الفردة مع الجيل الجديد؟ الشكر الله، مند ظهور الفردة في ,91 أصبح الجيل الجديد يحضر حفلاتنا، أي من 7 سنوات الى 70 سنة، فالجيل الجديد هو المستقبل، كما انه ذواق يستمع للقصيد ويرقص على الأنغام الخفيفة. ؟لا يمكن أن يقوم عرس بدون حضور الفردة في القنادسة، ما تعليقك؟ بالفعل، في الماضي كان الأمر كذلك، خاصة ان العرس عمره 7 أيام بلياليها كاملة، والفردة هي التي توقع الاختتام، بعد مشاركة 6 فرق أخرى، ومع هذا فالفردة تحيي الحفلات بأسعار رمزية، خاصة ان هناك أعراسا تتعدى الخمس ساعات وانا أجدها جيدة، طبعا نحن نعتمد على وضع برنامج غنائي متنوع بين القصائد، والقناوي. - وماذا عن القناوي؟ في الحقيقة القناوي ليس اختصاصنا كما انه يجهد الفنان كثيرا، لكننا نقدمه كفواصل وخدمة لجمهورنا ومحبينا، لان القصيد الملحون يضم القباحي والبروالي الراقص وهذا لوحده كاف للترفيه عن المستمع واخده إلى عوالم فنية شاعرية. - لاحظنا انك تتعب كثيرا عند تقديم الحفل؟ سعادتي تكتمل عندما اعرق خدمة للجمهور الذي أحبه، فعندما يأتي الجمهور لمشاهدتي فإني افعل كل ما في وسعي لإسعاده، فهو يضع فينا الثقة الكاملة ويأتي من اماكن بعيدة للاستماع إلينا، هناك حالات كنت ارجع فيها من الحفل لا يمكنني حتى الكلام لمدة، إلا أنني اعتبرها جزءا من عملي وإكراما لثقة الجمهور. - حدثنا عن أمر آثار اهتمامك وبقي عالقا في ذهنك؟ في الواقع لدي الكثير من الذكريات الجيدة خاصة مع الجمهور العاصمي، بحيث نجد أمامنا جمهورا متكونا من الكبار والصغار، الرجال والسيدات، لهذا نسعى لان يخرج الجمهور فرحا، فعندما يرد علينا الناس بمقاطع من الأغنية التي تعرف بها الفردة، فهنا اشعر بسعادة عارمة تجتاح وجداني، كما ان شغف العاصمي بالقصيد يجعله مستمعا هادئا ومتابعا رائعا. - كلمة أخيرة؟ شكرا لجريدة ''المساء'' على هذه الاستضافة الرائعة وعلى وفائها بالوعود، ووفقكم الله وإيانا لنظل دائما متواضعين وفي خدمة من يحبوننا ويثقون فينا.