ليس التانغو رقصا، موسيقى وغناء وحسب، بل أبعد من ذلك فهو ظاهرة فنية انطلقت من الأرجنتين ووصلت إلى أقاصي العالم ومن بينها الجزائر، حيث احتضن أول أمس النادي الثقافي الهادي فليسي حفلا فنيا نشطته الفرقة الفنية للأرجنتين أورلندا ودياس· شدت رقصات الثنائي أورلندودياس ودلفين روبا الثنائي مارتشلو رامر وسيلفا ماستروني، أنظار الحضور الذين استمتعوا كثيرا بالقدرات الفنية لراقصي التانغو وهم يتحركون بجمالية على نغمات الفرقة الموسيقية المرافقة لهم والمتكونة من خمسة عازفين (الكمان، القيتار، الفيولونسيل، البيانو، والباندونيون) وكذا على المقطوعات الغنائية التي أداها المطرب فرناندو، مشكلين بذلك مسلسلا بحلقات متنوعة، ضمن بعضها عزف الموسيقى أما البعض الآخر فجمعت بين العزف والرقص، وبين الحين والآخر يطل فرناندو بأغنياته عن الحب ومواضيع أخرى، بالمقابل كان الراقصون يختفون خلف الستار مباشرة بعد انتهاء وصلاتهم ثم يعاودون الظهور وكأنهم بذلك، يرغبون في أن نشتاق إليهم وأن لا نمل من رقصهم، ولكن كيف لنا أن نمل من رقص التانغو؟ نعم، فالتانغو، ليس مجرد حركات لصيقة بين الرجل والمرأة، بل هو أيضا حوار يرتقي الى الروحانيات ويبدأ من نظرة متبادلة تعني الكثير، فيحدث الانسجام والتناغم وتبرز حاجة الرجل للمرأة والمرأة للرجل، فهما لا يستطيعان العيش من دون الطرف الآخر وينتقلان برقصهما الى أعالي السماوات، ثم ينزلان الى أخفض الاراضي ولكنهما دائما يقتسمان كل أمور الحياة، فمن خلال التانغو، أيضا يلتصق الجسدان وتلتحم الروحان وتثار الغرائز ولكن ليس لشهوة عابرة بل لحب أبدي خالد لقد كان رقص أورلندو ودلفين، وسيلفا ومارشيلو، جميل جدا، ومتنوع بتنوع الحياة، فأحيانا كان مليئا بالفرح والحبور فكانت ترافقه أنغام سريعة مرحة وأحيان أخرى حزينا لحد الموت، على أنغام، تنبعث منها آهات كثيرة، بالمقابل أخذتنا هذه الأنغام في العديد من المرات الى بر الأمان حيث الطمأنينة والسلام· وقد كشف أورلندو ودياس الراقص ومؤسس الفرقة، ل "المساء" أن التانغو فلسفة تحاول الارتقاء الى الكمال رغم أنها على علم بعدم مقدرتها على تحقيق ذلك، مضيفا بأن هذا الفن يهتم بصفة كبيرة على قدرة الراقصين في تبادل النظرات المعبرة لأنه، حسبه، لا يمكن للنظرة أن تكذب وأنها مرآة للصدق والحقيقة·