واصلت إسرائيل اعتداءاتها الهمجية ضد الأراضي الفلسطينية والتي ازدادت حدتها لاسيما بعد إعلان قطاع غزة كيانا معاديا لإسرائيل· وشنت أمس، قوات الاحتلال غارة جوية على مدينة خان يونس جنوبغزة التي اقتحمتها بالدبابات والآلات العسكرية مما أدى إلى نشوب مواجهات دامية بينها وبين المقاومين الفلسطينيين· وأسفرت هذه المواجهات عن سقوط شهيد في صفوف المقاومة الفلسطينية وإصابة ثمانية فلسطينيين من بينهم أربعة نشطاء مقابل مصرع جندي إسرائيلي· كما أقدمت قوات الاحتلال ضمن حمالات الاعتقال التي اعتادت على تنفيذها في كل توغل داخل الأراضي الفلسطينية على اعتقال 15 فلسطينيا، إضافة إلى تجريفها لمساحات ساشعة من الأراضي الزراعية الفلسطينية· وكما جرت العادة برر الجيش الإسرائيلي الهجوم الذي شنه بمدينة خان يونس، بمتابعة مطلوبين لديه من نشطاء المقاومة الفلسطينية· ويأتي اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لجنوبغزة بعد الاعتداءات الهمجية والتوغل الذي شنته على مدينة نابلس بالضفة الغربية والذي أسفر عن استشهاد فلسطينيين اثنين وجرح آخرين· وهو التوغل الذي أدناته مختلف التيارات والفصائل السياسية الفلسطينية التي أكدت أن استمرار مثل هذه الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني يزيد من تعقيد الأمور أكثر لا سيما في جانبها الأمني· وكان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين، أدان بشدة، اقتحام الجيش الإسرئيلي لمدينة نابلس، وقال أن ذلك يشكل تهديدا لمؤتمر السلام ويقوض الجهود المبذولة لإطلاق عملية السلام من جديد· كما يأتي الهجوم على مدينة خان يونس في الوقت الذي ناشد فيه الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس، الحكومات والهيئات الدولية للضغط على إسرائيل لوقف ممارستها التعسفية ضد الشعب الفلسطيني· وقال في بيان له أمس، أن سلطات الاحتلال بممارساتها هذه ضد الإنسان والأرض والمقدسات تشيع جوا من الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة بهدف التهرب من أي استحقاق عليها اتجاه حقوق الشعب الفلسطيني· والواضح أن إدارة الاحتلال تعمدت تكثيف عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين تزامنا مع الجهود المبذولة لإخراج عملية السلام من غرفة الإنعاش· هذا المسعى الذي يبدو في الوقت الراهن بعيد المنال لاسيما بعد فشل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندواليزا رايس في دفع طرفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى التوصل إلى أرضية مشتركة حول تسوية الصراع تطرح على المؤتمر الدولي للسلام المنتظر عقده الشهر القادم بالولايات المتحدة· هذا المؤتمر الذي لمحت رايس بإمكانية إرجائه إلى موعد لاحق في ظل استمرار تباعد هوة الخلاف بين الإسرائليين الذين يرفضون التطرق إلى مناقشة قضايا الوضع النهائي سواء قبل المؤتمر أو أثنائه، والفلسطينيين الذين كانوا علقوا أمالا كبيرة على هذا المؤتمر في تحريك عملية السلام المعطلة والتوجه نحو إقامة دولتهم المستقلة، تفاؤلا تبدد نهائيا بعد تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، عقب اجتماعه للمرة الثانية خلال هذا الأسبوع برئيسة الدبلوماسية الأمريكية على أن الذهاب إلى مؤتمر السلام غير ممكن بأي ثمن مطالبا بضرورة تحديد جدول زمني للتوصل إلى إتفاق مع إسرائيل· ورغم أن وزيرة الخارجية الأمريكية حكمت مسبقا بفشل جولتها التي دامت أربعة أيام كاملة قامت خلالها بزيارات مكوكية بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ومصر إلاّ أنها لمحت مجددا بإعادة زيارة المنطقة قبل موعد عقد الاجتماع· واعتبرت جولتها إلى الشرق الأوسط نوعا من الدبلوماسية المكوكية إنطلاقا من إدراك الإدارة الأمريكية لأهمية تكثيف الجهود لمساعدة الطرفين المعنيين للإستفادة من أي فرصة لتحريك عملية السلام·