كشفت لنا الزيارة الميدانية المنظمة التي قادتنا إلى عدد من وحدات الأمن الجمهوري بكل من بودواو، القبة وباش جراح الاستعداد الدائم للأعوان العاملين بها والتطور الحاصل فيما يتعلق بتطوير الأداء والإمكانيات المستعملة في ظل يوميات شرطية لا تخلو من التدريب والرسكلة المستمرة التي يخضع لها جميع العاملين بالسلك وسط أجواء حميمية عكست الوجه الإنساني لرجل الأمن الذي جعلت منه الظروف المهنية والصرامة التي يطبق بها القوانين محل انتقاد المواطن. فتحت المديرية العامة للأمن الوطني أبوابها أمام الصحافة الوطنية المدعوة إلى التقرب أكثر من جميع هياكل ومصالح الأمن الوطني بجميع ولايات الوطن في خطوة تعد هامة في مثل هذه الظروف وتسعى المديرية من خلال هذه المبادرة إلى تعريف وتقريب الشرطة من المواطن خاصة عندما يتعلق الأمر بقوات الأمن الجمهوري المكلفة خصوصا بحفظ النظام من خلال التطبيق الصارم لقوانين الجمهورية وهو ما صور لدى غالبية المواطنين بوجه سلبي لا يعكس بالضرورة طبيعة هذا الفرد الذي لا يطبق في النهاية سوى القوانين. رفع حالة الطوارئ لا يعني إلغاء الحواجز الأمنية ويتساءل الكثيرون عن ماهية وقف التعامل بحالة الطوارئ وان كان فعلا هذا القرار يعني رفع جميع الحواجز الأمنية أو على الأقل تقليص عددها واستدعاء أفراد كافة الوحدات العاملة بالميدان..غير ان ذلك لن يكون وهو ما تؤكده المعاينة الميدانية وتصريحات إطارات الأمن الذين أكدوا ان الأداء الميداني لفرق وحدات الأمن الجمهوري لم ولن يكون مرتبطا بالرفع أو الإبقاء على حالة الطوارئ، ولن يتم الاستغناء عن الحواجز الأمنية التي أدت دورا مهما وأعطت نتائج ايجابية. وحسب عميد الشرطة الجيلالي بودالية مدير الدراسات ورئيس خلية الاتصال والصحافة بالمديرية العامة للأمن الوطني فإن المهام التي تؤديها وحدات الأمن الجمهوري عادية وخارج إطار الطوارئ، مشيرا خلال مداخلاته بمختلف النقاط التي زرناها إلى ان اداء مختلف الحواجز الأمنية المنصبة عبر كامل التراب الوطني وبولاية الجزائر أعطى نتائج ايجابية خاصة فيما يتعلق بتسهيل حركة المرور والتقليص من حوادث المرور وبالتالي تقليص الوفيات والجرحى التي تخلفها حوادث المرور. كما ان التواجد الدائم للحواجز الأمنية ساهم وبشكل كبير في محاربة الجريمة المنظمة ومكافحة التهريب من خلال حجز كميات هامة من المخدرات والمتفجرات الأمر الذي مكن من وضع حد لعصابات إجرامية وإرهابية ضمن اداء عادي ويومي لأعوان الأمن دون احتساب العمليات المخططة والمبرمجة لأعوان التدخل والتي يقومون بها في الجبال والأماكن المعزولة. ولن تتخلى وحدات الأمن الجمهوري عن مهامها في حفظ النظام ودعم مصالح الشرطة أيا كانت الظروف والحالة التي تعيشها البلاد وهو الاستعداد الذي لمسناه بالوحدة السابعة عشر ببودواو التابعة للمجموعة الأولى لولاية الجزائر ،حيث وقف وفد الصحفيين عند المهام الحساسة التي يؤديها أعوان هذه الوحدة الحديثة النشأة بحيث تم فتحها سنة .2007 وحسب العميد الأول للشرطة السيد جمال مرسي فإن مكافحة جميع أشكال الجريمة ومحاربة الإرهاب هي من المهام الأساسية للأعوان، دور يشمل أيضا الأعوان المختصين في تفكيك القنابل والذين لا يكفون عن القيام بدوريات في المناطق المتاخمة وحتى بالولايات الأخرى ومكنتهم الخبرة والوسائل الحديثة المتاحة لهم من تجنيب المواطنين الموت الأكيد والمفاجئ بالقنابل والمتفجرات التي لا تزال مخبأة ومزروعة بعدد من النقاط منها ما يعود إلى الحقبة الاستعمارية. ولعل الاحتكاك بالأعوان المختصين في تفكيك القنابل يشعرك بأنك صغير أمام كبر ونبل المهام التي يؤديها هؤلاء الأعوان الذين يواجهون الموت مئات المرات وفي مهمات تدوم لأسابيع وشهور..كما ان الوسائل والتجهيزات الثقيلة المستعملة في عمليات حفظ النظام التي اطلعنا عليها تؤكد مدى الجاهزية والاستعداد من جهة وحجم التطور الحاصل في مجال تدعيم وحدات الأمن بالوسائل والإمكانيات اللازمة والتي أصبح لشركة ''صونا كوم'' الوطنية إسهام فيها بعد ان دخل إنتاجها الخدمة من خلال التجهيزات الثقيلة على غرار قاذفات المياه وكاسحات الحجارة.. ولم يدخر مسؤول الوحدة السيد جمال مرسي جهدا في التعريف بمهام الوحدة التي تعمل على تطبيق البرنامج الوطني لتطوير استعمال الكلاب المدربة في عمليات البحث عن المتفجرات والممنوعات من مخدرات وكذا الجثث وقد أعطى العمل بفرق الكلاب المدربة نتائج ايجابية على مدى السنوات الأخيرة الأمر الذي شجع المسؤولين على العمل لتطوير هذا البرنامج من خلال العمل على تكاثر الكلاب الألمانية بالجزائر عوض اللجوء الدائم لاستيرادها. الاعتماد على التعداد البشري لتجنب استعمال العنف وخلال الزيارة التي استوقفتنا بالجمهرة الثامنة والتاسعة بالقبة وباش جراح اطلع الوفد الصحفي على طبيعة عمل قوات حفظ النظام والتدخل ويومياتهم في الثكنات التي تطبق نظاما شرطيا محضا مع نوع من الخصوصية التي جعلت من أفراد هذه الوحدات على استعداد دائم خاصة بعد أن أصبحت الوحدتان الثامنة والتاسعة تعملان تحت الوصاية المباشرة لأمن ولاية الجزائر وذلك قياسا بحجم تدخلاتها وأدائها في الميدان. وقد أدت الخصوصية التي تميز العاصمة عن باقي الولايات إلى تسخير الوحدتين وجعلهما تحت إمرة المسؤول الهرمي الأول لولاية الجزائر، وخصت الوحدتان ''استثناء'' بهذا الأداء عن باقي الوحدات المنتشرة بولاية الجزائر والتي يمكن ان يستعان بها في باقي الولايات.. وفي هذا السياق أشار رئيس خلية الإعلام والصحافة السيد بودالية إلى اعتماد مصالح الأمن على التعداد البشري المكثف خلال المسيرات غير المرخصة التي شهدتها العاصمة في الأسابيع الماضية وفي ذلك حكمة. وفسّر محدثنا ذلك بالاستراتيجية التي اعتمدتها المديرية لتجنب استعمال العنف المادي ضد المحتجين ودعاة المسيرة تنفيذا للتعليمات الصارمة والمباشرة للمدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل الذي أعطى تعليمات بعدم التعسف أو استعمال العنف لمواجهة أو تفريق المتظاهرين من خلال اللجوء إلى الوسائل التقليدية كالعصي القانونية أو الهراوات والغازات المسيلة للدموع. وأشار السيد بودالية إلى مسيرة السبت الماضي التي لوحظ فيها الاستعمال المفرط للأعوان كخطة لتجنيب استعمال العنف المادي وهي التي لم يسجل استعمالها بتاتا خلال المسيرة الأخيرة وعوضت بتكثيف التعداد الأمني من خلال تسخير 13 وحدة تضم كل واحدة منها ما لا يقل عن 90 عونا، علما انه وفي الحالات العادية يتم استعمال تسع وحدات على أقصى تقدير ... ويبقى للاحتكاك البدني اثر اقل ضررا من استعمال وسائل التفريق التقليدية، ولعل عدم تسجيل أية إصابات أو شكاوى مودعة خلال المسيرة الأخيرة لدليل واضح على نجاعة الخطة. ويتم تحضير الأعوان بجميع الوحدات نفسيا لتجنب الانفعال والعمل على ضبط النفس إلى أقصى حد ويدخل ذلك في إطار المهنية التي يجب ان يتحلى بها رجل الأمن لتجنب الوقوع في فخ المضايقات التي قد تؤدي به إلى عقوبات صارمة، وفي هذا السياق أشار السيد بودالية إلى حادثة تعرض طالبين من جامعة بوزريعة الى الضرب من قبل أعوان الأمن والتي قد تؤدي بهم الى عقوبات صارمة في حال أثبتت التحقيقات تورطهم في ذلك.