كشف وزير الخارجية الإيطالي أن ولايات شرق ليبيا لم تعد تحت سيطرة الحكومة الليبية بعد أن تمكن المتظاهرون من بسط سيطرتهم على مؤسساتها الرسمية وتمكنوا من طرد قوات الجيش منها منذ اندلاع المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن الليبية ليلة 15 إلى 16 من الشهر الجاري. وقال فرانكو فراتيني الذي تتابع بلاده الوضع في ليبيا بكثير من القلق بسبب العلاقات الاقتصادية المتينة بين الطرفين إن ''مدينة سرت سقطت هي الأخرى بين أيدي المتظاهرين وإن المواجهات شملت منذ أمس كل مناطق البلاد''. وهي التأكيدات التي أشارت إليها مصادر إعلامية غربية في ليبيا التي أكدت أن المعارضين يسيطرون على مناطق شرق البلاد بعد أن انضمت وحدات عسكرية إلى صفوف المتظاهرين. وهو تأكيد يذهب إلى نقيض الرسائل النصية التي بعثت بها السلطات الليبية على الهواتف النقالة لليبيين والتي أكدت فيها أنها مازالت تسيطر على مناطق شرق البلاد. وقال رئيس البرلمان الليبي محمد الزوي أن الهدوء التام عاد إلى معظم المدن الليبية الكبرى في تعارض مع تصريحات وزير الخارجية الايطالي الذي تتابع بلاده تطورات الأوضاع واحدة بواحدة. وهي تأكيدات توحي أن الوضع العام سائر باتجاه تصعيد قادم وخاصة بعد خطاب العقيد الليبي معمر القذافي الذي ضمنه لهجة تهديد واضحة باتجاه المتظاهرين الذين نعتهم بالجرذان والمهلوسين وقال انه لم يستعمل بعد كل القوة اللازمة لإفشال مسعاهم للإطاحة به رغم عدد قتلى المواجهات الاخيرة. وهو التصعيد الذي توعد به نجله سيف الإسلام يومين قبل ذلك وكان من نتيجته اعتراف السلطات الليبية ولأول مرة منذ اندلاع المواجهات بمقتل 300 شخص ومئات المصابين في وقت أكدت فيه عدة منظمات حقوقية دولية أن عدد ضحايا هذه المواجهات بلغ عتبة ألف قتيل. وذكرت وزارة الداخلية الليبية أن معظم قتلى المواجهات كان في مدينة بنغازي والبيضاء والزاوية ودرنة وكلها مدن واقعة إلى الشرق من العاصمة طرابلس. ودفعت وضعية الانفلات العام للوضع والطريقة التي تعاملت بها قوات الجيش مع المتظاهرين بعبد المنعم الهوني السفير الليبي في الجامعة العربية المستقيل إلى القول أن ''سقوط نظام العقيد الليبي ما هي إلا مسألة أيام فقط ''ولكنه تأسف في حديث صحفي أمس أن ذلك سيكون مأساويا وسيكلف ليبيا والشعب الليبي الكثير لأنه لن يتوانى في استعمال كل شيء للبقاء في السلطة''. وقال أن ''مجازر ستقترف في البلاد بعد أن اقتنع العقيد الليبي بأنه سيقتل أو يقتل''. وكان العقيد القذافي دعا في خطابه الأول منذ اندلاع المواجهات كل الليبيين إلى التظاهر ضد المنادين برحيله ولكنه لم يسجل سوى حضور محتشم للعشرات من أنصاره في الساحة الخضراء في وقت كانت فيه سيارات تجوب شوارع العاصمة طرابلس حاملين الراية الليبية الخضراء التي بدا المتظاهرون في رفضها لصالح الراية الليبية التي كانت في عهد الملكية قبل ثورة الفاتح سبتمبر .1969 وكانت العاصمة الليبية أمس خالية من كل مظاهر الحياة بعد أن فضل التجار ابقاء محلاتهم مغلقة في ظل مؤشرات لمسيرات احتجاجية لاحقة في وقت تشكلت فيه طوابير لا تنتهي أمام محطات توزيع البنزين والمخابز.وعرفت قيادة السلطة في ليبيا منذ خطاب العقيد القذافي شرخا كبيرا بعد انضمام عبد الفتاح يونس وزير الداخلية الليبي وأحد المقربين من العقيد الليبي بالاستقالة والالتحاق بصفوف المتظاهرين ساعات بعد استقالة وزير العدل الذي استقال احتجاجا على الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين. وجاء التحاق اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي بصفوف المتظاهرين في نفس الوقت الذي كان فيه الرئيس القذافي يثني عليه ويثمن جهوده وقال انه بسبب مواقفه تعرض لإطلاق نار في نفس الوقت الذي أقدم فيه 13 دبلوماسيا ليبيا في مختلف العواصم العالمية ومن مختلف الرتب على إعلان استقالتهم والتحقوا بصفوف المتظاهرين وكان آخرهم السفير الليبي في جاكارتا الاندونيسية صلاح الدين محمد البيشاري. ودفع تفاقم الأوضاع الأمنية في ليبيا بكل دول العالم إلى إجلاء رعاياها العاملين في هذا البلد في رحلات جوية وبحرية بينما بدأ مئات الليبيين في الفرار إلى الأراضي التونسية المجاورة مما دفع بالهلال الأحمر التونسي إلى إعلان حالة الطوارئ خشية وقوع كارثة إنسانية قد تتسبب فيها موجات الفارين من هول ما يقع في مختلف المدن الليبية.