طمأن رئيس الحكومة المؤقتة الجديد في مصر عصام شرف الشعب المصري باستمرار المسار الانتقالي وفقا لرغباته ومطالبه بما يضمن الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 جانفي التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك. وقال عصام شرف في كلمة ألقاها أمام آلاف المتظاهرين الذين احتشدوا بميدان التحرير وسط القاهرة انه استخلص شرعيته منهم في رسالة منه على أنه ليس من بقايا النظام الأسبق وان مطالبهم ستوفى بكاملها حتى في ظل النظام العسكري الذي يتولى تسيير شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة كرس القطيعة التامة مع نظام الرئيس المطاح به حسني مبارك بقبوله استقالة رئيس الحكومة الانتقالية احمد شفيق وعين خلفا له عصام شرف مرشح المعارضة. ويأتي تعيين هذا الاخير في سياق الإصلاحات التي يجريها المجلس العسكري الحاكم لتهدئة الأوضاع في البلاد والتي كان آخرها الإعلان عن إجراء استفتاء حول تعديل الدستور في 19 من الشهر الجاري. ولقي تعيين شرف وهو أستاذ بجامعة القاهرة على رأس الحكومة الانتقالية بترحيب الشارع المصري وشفع له في ذلك خروجه من حكومة رئيس الوزراء الأسبق احمد نظيف بعد خلافات معه وهو الذي شغل منصب وزير النقل بين سنتي 2002 و.2005 كما انه يعد من بين الأوائل الذين شاركوا شباب الانتفاضة ثورتهم وسط ميدان التحرير ودعا إلى الثورة من اجل إسقاط نظام مبارك وخلق نظام جديد مبني على الديمقراطية الحقة. وكان ممثلو المتظاهرين قدموا اسم عصام شرف إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة كمرشح لقيادة المرحلة الانتقالية وقال احد مسؤولي ائتلاف شباب الثورة شادي الغزالي''إننا سعداء اقترحنا اسمه وتم قبوله''. وقال محمد البرادعي رئيس حركة التغيير أن ''نظام الرئيس المخلوع مبارك سقط كما سقطت حكومته أيضا إننا على الطريق الصحيح'' وقدم كل تقديره إلى المجلس العسكري الذي قبل مطالب الشعب. وردد المحتشدون داخل ميدان التحرير هتافات تطالب بمحاكمة رئيس الوزراء المستقيل الفريق أحمد شفيق باعتباره ''جزءا من النظام السابق'' و''يتحمل مسؤولية سقوط العديد من القتلى والجرحى خلال أحداث الأربعاء الدامي أو ما يعرف إعلاميا ب''موقعة الجمل''. ورفعت لافتات تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتخابات مجلس الشعب وتفكيك جهاز مباحث أمن الدولة (المخابرات الداخلية) بشكل فوري. ولا تتوقف مطالب القوى السياسية الشبابية عند إلغاء جهاز امن الدولة فحسب بل بمحاكمة قادته باعتبارهم مسؤولين عن ملاحقة الناشطين السياسيين وتعذيبهم إضافة إلى تقويض النشاط السياسي والنقابات والجامعات خلال فترة حكم الرئيس السابق. وبدا الجيش حريصا عل تلبية مطالب الشعب، حيث خرجت نتائج لجنة تقصي الحقائق في الأحداث التي شهدتها مصر منذ اندلاع المظاهرات في 25 جانفي سريعا والتي أكدت أن قوات الشرطة ارتكبت جرائم تصل إلى حد ''الإبادة'' ضد المتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة. وقالت اللجنة في تقريرها الأولي الذي نشر أمس أنها استمعت إلى أقوال 120 من شهود الوقائع التي حدثت في القاهرة والجيزة الذين أكدوا أن قوات الشرطة عمدت إلى تفريق المتظاهرين بطلقات الرصاص الحي بقصد ''القتل العشوائي الذي يصل إلى حد الإبادة والدهس بالسيارات والقنابل المسيلة للدموع''. وأضافت إن إطلاق الرصاص استنادا لما قاله اثنان من كبار قادة الشرطة السابقين ''لا يكون إلا بأمر من وزير الداخلية''.