بوسط السوق المغطى ل''كلوزال'' بالعاصمة تتواجد طاولة لبيع التوابل تديرها السيدة ''زيان زهية'' التي وجدت في بيع التوابل مصدر رزق، ألهمها مع مرور الأيام أفكارا لتجديد عملها وتطويره بما يتماشى مع طموحها في التجديد حتى وإن كان يبدو مجال التوابل ثابتا لا يتجدد. عانت السيدة زهية من ويلات البطالة لسنوات وهي الحاصلة على شهادة تقني سامي في الإعلام الآلي، ولم تكن تعتقد أنها ستصبح يوما بائعة توابل.. فكرة ولوج عالم التجارة راودتها لشهور كون والدها يملك طاولة بيع خضر بالسوق المغطى لكلوزال بالجزائر الوسطى، ولكنها اعتبرت عالم بيع الخضر شاقا جدا بالنسبة لها كامرأة، من منطلق أن تجارة الخضر تستوجب التعامل مع أسواق الجملة التي تتطلب هي الأخرى شاحنة خاصة لنقل الخضر، ومعرفة واسعة بهذه الأسواق، فحاولت إيجاد صيغة أخرى في مجال البيع والشراء، وبعد أسابيع تخمرت في ذهنها فكرة بيع التوابل. تقول المتحدثة إن المرأة هي الأعلم بأسرار التوابل والبهارات التي تعد من جهتها أحد أسرار الطبيعة والطعام اللذيذ معا، لأنها تعطيه النكهة، وتكسبه الرائحة الزكية التي قد تميز الشعوب عن بعضها البعض، كما أن أنواعا كثيرة من التوابل تحافظ على صحة أفراد الأسرة، ''لذلك فإن المرأة في اعتقادي هي الأعلم بخبايا هذا العالم وبإمكانها تقديم النصائح للزبائن.. فقد لاحظت أن هناك زبائن خاصة الرجال لا يعرفون من لتوابل إلا الاسم. يتقدمون للسؤال عن مدى توفر هذا التابل أو ذاك، ويتركون لي حرية الاختيار، أو أن يسألوني عن أجود البهارات حتى يشتروا''، تقول المتحدثة. وتعتمد بائعة البهارات في التزود بالتوابل على اقتنائها من سوق الجملة للمواد الغذائية الكائن بجسر قسنطينة غرب العاصمة، وتؤكد أنها تقتنيها بشكلها الطبيعي، أي على شكل أعواد أو حب، ثم تطحنها عند اختصاصيين في طحن التوابل بذات السوق، وهي تعتبر هذا أحسن لزبائنها لتحافظ على الثقة التي زرعتها منذ أشهر بين الطرفين، كونها اكتشفت أن أغلب التوابل المطحونة المسوّقة مغشوشة، ''الثقة هي الوتر الحساس الذي يمكن للتاجر أن يلعب عليه ليكتسب وفاء الزبائن الذين قد يتحسسون من أي أمر مريب قد يكتشفونه في السلع، وبالتالي تتشوه صورة البائع لديهم فيفقدهم، أو أن يلمسوا منه تفانيه في تقديم الأحسن لهم فيكسبهم أوفياء لصفه''، تقول البائعة مؤكدة أنها ''والحمد لله اكتسبت زبائن أوفياء لما أقدمه من خدمات منذ ان ولجت هذا العالم في ثاني أسبوع من شهر رمضان المبارك للعام .''2010 ''المساء'' ما كانت لتفوت فرصة جس نبض الزبائن الذين كانوا يتوافدون على طاولة بائعة البهارات ونحن نحاورها، فسألت عن مدى ترحاب هؤلاء بفكرة بيع امرأة للتوابل والبهارات، فقال مواطن عاش سنوات في إنجلترا ووقف هناك على أعمال كثيرة كان يعتقد أنها من اختصاص الرجال مثل تنظيف الطرقات والشوارع وجمع القمامة وتسريح البالوعات، ولكن النظرة تغيرت بالنسبة له حينما شاهد نساء يقمن بتلك الأعمال في العاصمة لندن، لذلك فإنه لم يستغرب أبدا وجود امرأة تبيع التوابل الذي بقي لسنوات مجالا حكرا على الرجل، وهو في الحقيقة خاص بالنساء ''أنا لا أفقه في التوابل شيئا إلا الاسم، أتقدم لأشتري بهارات فأطلب منها كبائعة كمية من هذا أو ذاك فقط وهي ''تدبر راسها'' يقول المتحدث. فيما قال لنا آخر في عجالة ''أمر ممتع أن يكون بائع التوابل امرأة لأنه مجال خاص بالنساء''. وقالت زبونة '' تفاجأت يوما وانا أتقدم من طاولة بيع البهارات هذه للشراء عندما رأيت امرأة هي التي تبيع، ولكني بعدها استلطفت الأمر، خاصة وأنها حيوية وتعاطيها مع الزبائن جيد ما جعلني اشتري من عندها كلما اقتضت الحاجة لذلك''. وعن بائعة البهارات ''الجارة'' يقول بائع خضار ''في 2011 لم يعد هذا المجال أو ذاك حكرا على الرجل بل إن العمل شريف كيفما كانت طبيعته، وهي بيننا كبائعة أختنا ونحن نشجعها على كسب قوتها وقوت أولادها بساعديها''. وفي مقام آخر تؤكد بائعة البهارات أنها تتمنى تطوير مهنتها أكثر بتوسيعها لبيع الأعشاب الطبية، فهي دائمة الاطلاع على الجديد في هذا الميدان، ولكن هذا يتطلب منها رأس مال، تقول إن هذا يبقى مجرد فكرة، خاصة وأنها اضطرت إلى الاستدانة لبدء مشروع بيع البهارات في انتظار تطوير مهنتها أكثر..