تشكل الجباية البترولية المورد الأساسي في تحريك عجلة التنمية والاقتصاد ببلادنا وهي التي ساهمت في بناء البنى التحتية والقاعدية .. غير أنها لم تساهم في نقل التكنولوجيا وخلق اقتصاد بديل وهو اقتصاد ما بعد البترول الذي يتوقع الخبراء زواله إن عاجلا أم آجلا الأمر الذي يتطلب حلولا آنية لمستقبل الأجيال القادمة من خلال استثمار أمثل للموارد والجباية البترولية الحالية في بناء اقتصاد بديل. وقد أجمع الخبراء الذين نشطوا أمس، ندوة بمنتدى المجاهد حول موضوع الجباية البترولية والتنمية الاقتصادية، أن الاهتمام بالقطاع الفلاحي وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تغطية وتلبية الاحتياجات اليومية والضرورية لحياتنا اليومية أحد أهم الجوانب التي من شأنها أن تخفف من تبعيتنا للبترول وهو الطرح الذي أكد عليه الخبير المالي السيد جمال جراد الذي قال إنه وإلى غاية اليوم ''لم يتم استغلال مداخيل البترول في تحقيق اقتصاد وتنمية مستدامة''. ولعل الاهتمام الذي توليه حاليا الحكومة للقطاع الفلاحي من خلال دعم الفلاحين وتشجيع الشباب على الاستثمار في هذا القطاع الدائم نابع من قناعتها بضرورة إيجاد بديل اقتصادي للبترول والتخفيف من التبعية وبالتالي تقليص فاتورة الاستيراد على الأقل فيما يخص المواد الغذائية الأساسية وكذا مستلزمات الحياة اليومية والتي يجب أن تتكفل بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتساءل الخبير عما إذا كان البترول في حالة مثل بلادنا يشكل نعمة أم نقمة، مشددا على ضرورة عمل السلطات على نقل التكنولوجيا التي ستحمينا من التبعية وتحقق لنا نوعا من الاستقلالية ولا يأتي ذلك إلا بتحقيق شراكات مع الدول المتقدمة والاستثمار أكثر في التكوين والبحث وخلق تكنولوجيا خاصة بنا يتم الاعتماد عليها عوض التبعية المفرطة للتكنولوجيات الغربية التي لن يتم نقلها على اعتبار أنها الثروة والمكسب الوحيد للدول الغربية. من جهته أشار الخبير الاستشاري والإطار السابق في وزارة الطاقة والمناجم السيد خالد بوخليفة إلى أن كل ما يتم تحقيقه من مكاسب باليد اليمنى نخسره باليد اليسرى، موضحا ذلك، ''مرة عندما لا تستثمر (بلادنا) المداخيل المحققة في تحقيق تنمية مستدامة ومرة عندما تشتري من دول أوربية مقابل الدولار وهذه المعادلة المالية المتناقضة أفقدت الجزائر الكثير من مداخليها''. وقد أجمع الخبيران على الجهود التي تم بذلها خلال العشرية الماضية والاستثمارات المحققة بفضل الجباية البترولية التي ساهمت في بناء المنشآت القاعدية الأساسية الهامة وتغطية المطالب الشعبية رغم الخسائر التي تكبدتها بلادنا خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي والتي فاقت ال30 مليار دولار بالإضافة إلى الديون الخارجية آنذاك.