قف.. حدود.. إلى أين أنت ذاهب.. هل وثائقك صحيحة مائة بالمائة، وهل تنوي العودة إلى الديار، أم انك في لحظة وداع مع أصلك وأهلك وبلدك.. توقف إلى أين تذهب؟ حدود. ''قف.. حدود''، هو عنوان المسرحية التي عرضت نهاية الأسبوع الماضي بقاعة الموقار، من إخراج كمال كربوز، اقتباس عمر فطموش وتمثيل فتيحة سلطاني وعبد الرحمن جموعي. تحكي المسرحية، قصة الصحفية حسنية، التي رغبت في السفر إلى الخارج والعيش مع أبناء أختها حنيفة وهذا بعد عشر سنوات من المحاولة، فقد قضت خمس سنوات في تصحيح اسم والدها في المحكمة وخمس سنوات أخرى للحصول على جواز سفر، وأخيرا وبعد أن تمكنت من الظفر بكل الوثائق اللازمة للسفر، وجدت نفسها أمام شرطي الحدود... ابن حارتها وخطيب أختها السابق... مبارك ولد العرش... وثائق حسنية مضبوطة مائة بالمائة، وسفرها لا يحوم حوله أي شك، فهل ستتمكن من العبور بكل سهولة، خاصة أنها باعت الغالي والرخيص لكي تلتحق بأبناء أختها، فاستقالت من عملها وتخلصت من كل ما تملك وتوجهت مباشرة إلى الحدود، فهل ستتمكن من تحقيق حلمها؟ وهاهي حسنية أمام مستقبلها... قبالة الحدود، وتتحدث مع مبارك عن ذكريات الماضي فهو ابن حارتها وكان خطيب أختها قبل أن يتركها ويتوجه إلى العاصمة ويتوّظف هناك، ولكن مبارك منضبط في عمله ولا يترك أي مسافر يخرج من البلد ووثائقه غير سليمة، وهو ما يحدث مع حسنية التي يكتشف أن اسمها مكتوب بطريقة مختلفة في جواز السفر وفي وثيقة أخرى، فيمتنع عن إمضاء وثيقة خروجها لأنه رجل قانون حقيقي والقانون فوق الجميع.. بل هو فوق جميع المساكين... تقول حسنية وتبكي حظها العثر. وأمام توسلاتها، يسمح لها مبارك بالخروج من البلد ويصحح لها الخطأ عن طريق دودة... نعم دودة، كانت مارة من هنا وقامت بتصحيح الاسم، وهكذا لم يخترق مبارك القانون، ولكن بما أن القانون فوق الجميع فهو يتحدى كل شيء حتى القوانين القديمة منها، وهكذا لم تتمكن حسنية من الخروج ولكن هذه المرة بسبب صدور قانون جديد في تلك اللحظة بالذات، يمنع كل الفنانين والمثقفين، وبالأخص الصحفيين من مغادرة البلد، لأنه سيتم تنظيم مهرجان ثقافي كبير يستدعي مشاركة الجميع.. فيا لحظ حسنية... المشؤوم. وتعود حسنية إلى نحيبها وتخرج من مكتب حارس الحدود نحو مستقبل مجهول، إلا أن ابن العرش لا يمكنه أن يترك ''بنت الحومة'' في الشارع فيقرر توظيفها كمساعدة له في حراسة الحدود، وكم كان قراره هذا قاتلا... فإن كان يعتقد نفسه مطبقا للقانون، فحسنية حامية له بكل جوارحها وهو ما سيكتشفه لاحقا. وتأخذ حسنية عملها محمل الجد وتطبق القوانين بحذافيرها... أبعد من ذلك، تبحث في أرشيف كل الملفات القابعة على مكتب مبارك، وكم كان وجعها كبيرا حينما تجد شهادتها النهائية للدراسة تستعمل كمنشفة وتقول : ''هذه الشهادات لم تطعم أصحابها الخبز، فهاهي الآن تستعمل لغرض آخر''.وأثناء سفر حسنية مع الملفات القديمة تكتشف قضية حساسة تتمثل في وفاة عائلتين كانتا على الحدود، وتقوم بتحقيق لتكتشف أن مبارك ذبح عجلا مريضا ومن ثم قام ببيعه لعلاوة، الرجل الثري الذي لا ينكفئ في تهريب الحيوانات عبر الحدود، وقام الأخير ببيع اللحم إلى الجزار الذي باعه بدوره إلى هاتين العائلتين فكانت الوفاة، واثر اكتشافها لهذه الحقائق تتصل حسنية بالجهات المعنية بالعاصمة ويصاب مبارك بالهلع... فهل حقا القانون فوق الجميع... أم أنه فوق جميع المساكين فقط؟ للإشارة، مسرحية ''قف.. حدود''، من إنتاج تعاونية فنون عنابة بالتعاون مع المسرح الجهوي عز الدين مجوبي، سنة ,2010 من تمثيل فتيحة سلطاني وعبد الرحمن جموعي اللذين كانا في المستوى، رغم ثقل وتيرة هذا العمل المسرحي الذي تنقصه الحركية والفرجة بالقدر المطلوب