أدى رئيس الوزراء الباكستاني الجديد يوسف رضا جيلاني المنتمي لحزب الشعب الذي كانت تتزعمه الراحلة بنظير بوتو أمس اليمين الدستورية بحضور الرئيس برويز مشرف· وهنأ الرئيس مشرف في ختام مراسيم أداء اليمين جيلاني على توليه منصب رئاسة الحكومة· وبدا الرئيس الباكستاني في كلمة القاها بالمناسبة مهادنا خصوم الأمس وعبر عن استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة بعد ان اقتنع أن كل مواجهة محتملة معهم سوف لن تكون في صالحه· وقال مشرف أنه اقتنع بضرورة وحدة جميع القوى السياسية في البلاد من منطلق ان الفترة المقبلة ستكون صعبة وبالنظر إلى القضايا الملحة التي تحتاج الى بذل المزيد من الجهود والتعاون لحلها وعدد من بينها محاربة الإرهاب والمسائل ذات الصلة بوضعية الاقتصاد الباكستاني المتدهورة· ولكن رئيس الوزراء الجديد لم يتأخر في الرد على الرئيس مشرف من خلال تصريح كان بمثابة رسالة مشفرة حملت الكثير من المواقف وردا سريعا على التماسات هذا الاخير، عندما أكد أن الباكستانيين وعن طريق الانتخابات الاخيرة يكونون قد اختاروا وبوضوح نوع الحكومة الجديدة والسياسة التي يريدون أن تطبقها على ارض الواقع· وقد حاول جيلاني التأكيد من خلال رسالته أن الرئيس مشرف إذا كان يريد تفادي وقوع أية مواجهة فعليه مع خصومه السياسيين في البرلمان والحكومة ان يطابق سياسته ومواقفه مع السياسة التي تعتزم حكومته انتهاجها مستقبلا· وكان يوسف رضا جيلاني الذي أمضى خمس سنوات في السجن بعد اتهامه بالفساد لدى توليه مناصب هامة انتخب أول أمس من قبل البرلمان الباكستاني لتولي منصب رئيس الوزراء بعد حصوله على أغلبية ساحقة من الأصوات بحصوله على 264 صوتا من اجمالي عدد نواب البرلمان المقدر عددهم ب 342 صوتا في حين تحصل منافسه الوحيد ومرشح الحزب الحاكم على 42 صوتا فقط· ويكون قرار رئيس الوزراء الجديد بإطلاق سراح القضاة المعزولين الذين سبق للرئيس مشرف أن عزلهم بعد أن شككوا في شرعية انتخابه كرئيس مدني للبلاد بمثابة اول رسالة الى هذا الاخير بل وتحد واضح له وبادرة قد تكون بداية لقبضة حديدية بين الحكومة والرئاسة الباكستانية قد تعجل بتطورات سياسية تؤدي في النهاية إلى قطيعة حتمية· وفي ظل المعطيات السياسية التي افرزتها التطورات الاخيرة على الساحة الباكستانية فإن الرئيس مشرف سيكون مضطرا لقبول الأمر الواقع الذي سيفرضه عليه معارضوه بالنظر إلى ضيق هامش المناورة أمامه بعد أن تمكنت المعارضة من الاستحواذ على أغلبية المقاعد في البرلمان· كما بدأت بوادر القبضة الحديدية بين الحكومة والرئيس الباكستاني تلوح في الأفق بعد أن أكد نواز شريف رئيس حزب الرابطة الإسلامية المعارض والذي تمكن حزبه من الحصول على المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة أن الحكومة الجديدة ستقوم بمناقشة ومراجعة إستراتيجية محاربة الإرهاب التي تبناها الرئيس مشرف وأصبح بفضلها احد أهم حلفاء الولاياتالمتحدة فيما تسميه بمعركتها في محاربة الارهاب الدولي· وجاء هذا التأكيد بعد أن التقى شريف بالرقم الثاني في الخارجية الأمريكية جون نيغروبونتي ومساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لأسيا الجنوبية رتشارد بوشر اللذان حلا أمس بالعاصمة إسلام آباد· وقال شريف أن"مباحثاته مع المسؤولين الدبلوماسيين الأمريكيين تركزت حول الإرهاب وقد أبلغناهما بأنه بعد أحداث 11 سبتمبر2001 فان كل القرارات اتخذت من قبل رجل واحد"، في إشارة إلى الرئيس مشرف الذي كان يتخذ القرارات منفردا· وأضاف ان الوضعية في الوقت الراهن تغيرت في ظل وجود برلمان منتخب الذي سيقوم بدراسة ومراجعة أي قرار يتخذه الرئيس مشرف، في إشارة إلى أن هذا الأخير لم يعد يملك سلطة اتخاذ القرارات· وأجرى المسؤولان الأمريكيان محادثات مع الرئيس مشرف ورئيس الحكومة الجديد يوسف رضا جيلاني تركزت حول الإستراتيجية الجديدة التي تنوي الحكومة الباكستانية تبنيها بخصوص مكافحة الإرهاب وذلك في ظل التغيرات السياسية في هذا البلد الذي وضعته ادارة الرئيس جورج بوش في اعلى قائمة الدول المعنية بهذه المحاربة· ويرى محللون أن المعلومات التي راجت حول إمكانية فتح الحكومة الجديدة لباب الحوار مع المسلحين الإسلاميين أثارت مخاوف الإدارة الأمريكية التي كانت تتخذ من باكستان حليفها الاستراتيجي في حربها ضد الإرهاب· وهو ما دفع بواشنطن للإسراع في إرسال موفديها إلى باكستان في محاولة للتنسيق بين الرئيس مشرف والحكومة الجديدة بعد أن هزم حلفاؤها في الانتخابات التشريعية بداية العام بهدف ضمان مصالحها في المنطقة·