احتضن قصر الرياس بالعاصمة مؤخرا المهرجان الوطني الثاني لإبداعات المرأة تحت شعار ''الخيط المتناغم''، هذا المهرجان شاركت فيه فنانات الطرز القادمات من شمال وجنوب الجزائر، إضافة إلى مشاركة متميزة لفنانات مبدعات من إيطاليا وتركيا وبوركينافاسو اللواتي يتقاسمن بصمات أبدعت فيها الأنامل للنسج بالخيط والإبرة رسوما تزيينية تحكي جماليتها قصصا حقيقية للحياة.. بعد الطبعة الأولى لمهرجان الإبداع النسوي الذي اختير له موضع ''النسيج''، جاءت الطبعة الثانية هذه لتختار الطرز عنوانا آخر لإبداعات الأنامل الجزائرية، هذا الفن الذي تعتمد عليه المرأة لتجميل وتزيين الملابس وكذا الإطار الداخلي للمعيشة. وبالرغم من هشاشة الأقمشة أحيانا إلا أن مهارة الأنامل أنتجت أعمالا فنية حقيقية تشكل دليلا قاطعا على غناء وبراعة هذا الفن. دليل آخر نسوقه على حساب الذكر يعكس إبداعات الطرز المتعددة ما خصص في أجنحة عرض لقصور ثلاث بحصن 23 بالعاصمة. عدة حرفيات شاركن بمهرجان الطرز، جئن من ولايات الشمال والجنوب ولعل هذا ما اكسب المهرجان روح الاختلاف، فحتى حرفيات من دول أجنبية وضعن بصماتهن، جئن من ايطاليا وتركيا وبوركينافاسو، فكان الاختلاف حقيقيا ولكن الإبداع كان قاسما مشتركا بين كل المعروضات. في القصور الثلاثة، ما كنت لتتجول بين المعروضات ان لم تتجول في القصر نفسه وتقف على روعة المكان وإبداع الهندسة العثمانية. فقصر الرياّس معلم تاريخي رائع شيد في القرن السادس عشر، وهو عبارة عن مجموعة مباني انيطت لها ادوار عبر التاريخ. وهذا ما يزيد من جمالية التظاهرة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة في تزاوج جميل جعل الزوار يستمتعون أولا بالتجول بربوع القصر ثم الوقوف على إبداعات العارضات.. إحدى المواطنات وهي تتجول بالمكان علقت تقول ''صحيح ناس زمان شان وهمة.. وحطّة'' وتقصد انه كان لهم شأن عظيم وحضور مميز وهندام أنيق. ظهرت أغلب الإبداعات المعروضة للمشاركات المساهمة الجمالية الكبيرة التي يقدمها الطرز على الأزياء والزينة، كل عمل يبرز الإمكانات الإبداعية الكامنة في نفس كل مبدعة، سواء في الأزياء العصرية المنمقة بطرز تقليدي او أزياء تقليدية طرزت بإشكال جديدة أو الجمع بينهما معا. لما سألت ''المساء'' بعض زوار المعرض خلصت لإجابة متشابهة، فالكل أعجب بجمالية المكان وروعة المعروضات. الفرصة سمحت للكثيرين بإجراء جولة سياحية بقلب العاصمة الجزائر، واكتشفوا معلما حضاريا وتاريخيا شامخا يشهد على تعاقب أزمنة.. هنا لا يمكنك المرور بالأروقة دون رفع الرأس لترى روعة الهندسة المعمارية وتشهد بجدارة لمن جعل هذا المَعلْم قصرا أسند له في الأصل دور القيادة البحرية الجزائرية. مهرجان الإبداع النسوي هذا يمنح الفرصة للمشاركات لترقية أعمالهن من اجل دمجهن في الإنتاج الثقافي للبلاد وحتى في المبادلات الدولية، حيث شهد المهرجان مشاركة من ثلاث دول صديقة بما يضمن تبادلا ثقافيا ثريا ومثمرا.