لأن الإبداع لايؤمن بالحدود، ولأنه ينطلق أحيانا من فكرة غريبة لينتج ''الجديد''، أصرت هنية زازوة التي تقدم نفسها كفنانة معاصرة وفنانة تصميم (ديزاين) على القول إن الطريقة الأفضل للحفاظ على التراث هي فتح المجال أمام الابتكار والأفكار الجديدة، وهو ما سعت لتحقيقه من خلال التخصص في الطرز المعاصر. وللتعريف بطريقتها وشرحها، نشطت هنية ندوة في قصر الرياس على هامش مهرجان الابداع النسوي الذي خصص هذه السنة لفن الطرز، عادت خلالها إلى انطلاقتها في هذا المجال، موضحة أهم الخصائص التي تميز عملها. "الطرز بالنسبة لي يعني القيام بجولة في عالم الصور، والعاطفة ملهم رئيسي في كل أعمالي''، هكذا وصفت المتحدثة نظرتها لهذه الحرفة، مشيرة الى بداياتها في هذا المجال التي يعود الفضل فيها لجدتها التي كانت ككل الجدات الجزائريات تحرص على ان تتعلم البنات كل الأعمال المنزلية. تقول في هذا السياق ''جدتي كانت تعتبر ان على المرأة الاستيقاظ باكرا للقيام بأشغال البيت، ولهذا كانت تعلمنا، بل وتفرض علينا القيام بكل المهام المنزلية بدون استثناء: غسل الأواني والأرضية وغيرها من الأشغال، إضافة الى تحضير الخبز أو الكسرة، وكذا الطرز والحياكة... لكنني اخترت الطرز حتى أتجنب غسل الأواني''. وبالرغم من عدم اهتمامها الكبير بهذه الأعمال فإن جدة هنية تمكنت في آخر المطاف من أن ترسخ في حفيدتها ''إحساسا بالذنب'' تقول المحاضرة أنه دفعها الى السعي دائما الى شغل أوقات فراغها، وهكذا تعودت على الطرز وهي تشاهد التلفاز أو تتحدث مع الآخرين أو حتى وهي ''تحلم'' كما قالت، وهي في ذلك تستخدم تقنية ''الكتابة الأوتوماتيكية'' أي أنها ترسم أشكالا تلقائية، دون ان تنظر إلى ماترسمه. طريقة قد يستغرب البعض منها لاسيما المتخصصات في الطرز، لكنها أشارت الى أنها استلهمتها من طارزات أجنبيات استعرضت أعمال بعضهن على الحضور في الندوة، الذين اكتشفوا في واقع الأمر فنا جديدا قد يبدو غريبا للبعض، لكنه حسب المتحدثة يؤكد فكرة ''الابداع الذي ليس له حدود''. وقد أثارت أعمال إحدى الطارزات الأوروبيات انتباه الحاضرين لأنها تقوم بالطرز على فناجين مصنوعة من الخزف الصيني، وتستخدم في ذلك تقنية الحفر على الخزف بمساعدة حرفيين في هذا المجال، ثم تضع المطرزات لتجعل منها تحفة فريدة من نوعها. ولان بعض الحاضرات تساءلن عن التقنية التي استخدمتها تلك الطارزة، فإن هنية أصرت على القول إن الأهم ليس التقنية أو ''سر المهنة'' لأن كل حرفية أو فنانة يمكنها وضع تقنية خاصة بها، فما يهم فعلا حسبها هو فتح باب الإبداع وتشجيع الفتيات عليه، وهو ما يعد الطريقة الأفضل لدفعهن إلى حب مثل هذه الحرفة لاسيما وأن الكثيرات اليوم لا يحبذن كثيرا الأشياء التقليدية، وقالت ''الإبداع يعطي حياة جديدة لهذا الفن''. بالمقابل وانطلاقا من اقتناعها بضرورة الحفاظ على الإرث الجزائري في هذا المجال، فقد دعت إلى إيجاد نوع من ''التلاقي'' بين الحرفيين وفناني التصميم في سبيل توفير فضاء إبداعي. وعن مشاركتها في مهرجان الطرز، قالت المتحدثة إنه مكنها من اكتشاف إقبال الجزائريات على منتجاتها التي اعتقدت في مرحلة سابقة أنها لاتستهوي إلا الأجنبيات، وهو ما دفعها إلى التأكيد مجددا على فتح آفاق الإبداع وعدم التقوقع في خانة ''الاستنساخ أو التقليد''.