اعتبر وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز أول أمس أن اقتراح تعديل المواد المتضمنة في قانون العقوبات بالشكل الذي يلغي تجريم جنحة الصحافة يتماشى مع ما بلغته البلاد من تطور في مجال احترام الحقوق وتعزيز الحريات، فيما أكد في المقابل بأن رفع التجريم عن فعل التسيير لا يعني اللاعقاب. وأوضح الوزير أمام نواب المجلس الشعبي الوطني خلال جلسة مناقشة مشروعي تعديل قانون العقوبات والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته أن إلغاء التجريم عن جنحة الإعلام جاء من منطلق أن الصحافة حق من حقوق التعبير التي يكفلها الدستور وتكرسها المبادئ المشتركة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مشيرا إلى أن الجزائر كانت من أولى الدول التي انضمت إلى العهد الدولي المذكور بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-67 الصادر في 1989 الذي يضمن لكل إنسان الحق في حرية التعبير التي تشمل حرية التماس مختلف المعلومات والأفكار ونقلها إلى الآخرين. ولدى تطرقه إلى أهم التعديلات التي أدرجت على قانون العقوبات في إطار رفع التجريم عن جنحة الإعلام، قال الوزير أن الإبقاء على الغرامة يهدف إلى حماية ضحايا الأفعال المنصوص عليها في القانون من كل انحراف صادر عن الصحافة، مع ضمان التوازن بين حرية الصحافة وحماية الحقوق والحريات، مشيرا إلى أن هذه الاقتراحات من شأنها تسهيل ممارسة مهنة الصحافة إذا تم تعزيزها بمدونة أخلاقيات المهنة تضع قواعد الممارسة النزيهة والموضوعية. من جانب آخر؛ أكد الوزير أن رفع التجريم عن فعل التسيير الذي جاء في مشروعي تعديل قانون العقوبات والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد لا يعني تخويل اللاعقاب، أو الإفلات من القصاص إذا ما أثبتت جريمة أو جنحة فساد ومساس بالمال العام، موضحا بأن الغرض من التعديل هو زرع المزيد من الثقة في نفوس الإطارات والمسيرين العموميين لكي يعملوا في كنف الطمأنينة واضعين ثقتهم في الدولة والعدالة. وبعد أن ذكر بأن ممثلين عن عدة مؤسسات وهيئات عمومية ممن لهم علاقة بتسيير المال العام وإدارة الشأن العام شاركوا في إعداد المشروع، أشار المتحدث إلى أن تعديل قانوني العقوبات ومكافحة الفساد، اشترط أن تحريك الدعوى العمومية لا يكون إلا بناء على شكوى من أجهزة الشركة المنصوص عليها في القانون التجاري أو في التشريع المتعلق برؤوس الأموال التجارية للدولة في حال ارتكاب جريمة تبديد المال العام أو التلاعب به بما يضر المؤسسة الاقتصادية العمومية. وفي سياق رده على طلب بعض نواب المجلس الشعبي الوطني برفع التجريم عن الإمام على غرار ما تم اقتراحه لرفع التجريم عن فعل التسيير وعن جنحة الإعلام، أشار الوزير إلى انه منذ توليه تسيير القطاع في ,2003 لم يعاقب أي إمام بالحبس على مستوى القطر الوطني، مشددا في المقابل إلى أنه يرفض إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة كل من يقوم بخطبة داخل المسجد بدون ترخيص بهدف خرق تقاليد المساجد والتحريض على الأعمال الإرهابية والتخريبية. الفصل في 7324 قضية متعلقة بالفساد منذ 2006 على صعيد آخر؛ كشف السيد بلعيز أن العدالة فصلت منذ 2006 في 7324 قضية خاصة بالفساد، حيث حكمت بحجز أموال واسترداد أملاك مختلسة، مقدرا بأن كثرة الحديث عن التراخي في محاربة الفساد، سببه عمل العدالة في صمت احتراما لمبدإ عدم التشهير بالأشخاص المحكوم عليهم في مثل هذه القضايا لعدم المساس بسمعة عائلاتهم. وبعد أن أشار إلى وجود قضايا خطيرة بين أيدي العدالة، لا يجوز لأي كان ان يعلق عليها أو يبوح بمضمونها بما فيها وزير العدل نفسه، ذكر المتحدث أن ''هناك إطارات في العديد من المؤسسات تطلب تدخل وزير العدل لإطلاق سراح احد المتهمين في قضايا فساد''، مؤكدا، في سياق متصل، أن الجزائر تسعى إلى إيجاد توازن بين حماية المال العام والاستمرار في مكافحة الفساد وحماية الإطارات النزيهة. وبخصوص مسألة التصريح بالممتلكات، أكد بلعيز في تصريح للصحافة أن هذه التصريحات التي ينص عليها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، موجودة على مستوى المحكمة العليا، حيث يخول القانون لرئيس المحكمة العليا القيام بمراقبة صحة التصريحات والقيام بالتحقيق فيها، مشيرا بالمناسبة إلى أن الموظفين بالبلديات والولايات يقومون بالتصريح بممتلكاتهم لدى الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، التي تم تنصيبها حديثا، نافيا أن يكون هناك لا عقاب في تطبيق القانون. وردا على سؤال حول طلب الإفراج المشروط الثاني الذي تقدم به المقاوم علي غربي الموجود في السجن في قضية قتل، أكد الوزير بأن هذا الملف ستتم دراسته أمام لجنة تطبيق العقوبات لوزارة العدل، مشيرا إلى أن الإفراج المشروط، له شروط لا بد ان تتوفر عند طالبه. أما بخصوص قضية صحفي جريدة ''الخبر'' المتابع بتهمة ''إفشاء أسرار التحقيق'' في قضية اغتيال المدير العام السابق للأمن الوطني علي تونسي، فأكد الوزير التزامه الشخصي بالتكفل بهذا الملف، مشيرا إلى أنه اطلع على القضية وأعطى تعليمات كي يتمكن من الاطلاع على تفاصيلها.