صدر مؤخرا عن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف كتاب ''الأمن الفكري - ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه-'' وهو مجموعة لبحوث الملتقى المغاربي - سيدي عقبة- الذي احتضنته بسكرة في ربيع .2010 الكتاب الصادر حديثا عن منشورات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف والذي تناول الأمن الفكري إحتوى ثلاثة فصول رئيسية تضمّن الفصل الأول منه ''الأمن الفكري'' المفهوم والسياقات المعرفية والتاريخية، الأمن الفكري مفهومه ودلالته، نموذج مالك بن نبي، وأثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو، كما تناول الفصل الأول من الكتاب مؤسسات بناء الأمن الفكري ''الأنساق التقليدية وتحديات العولمة''. أما الفصل الثاني، فقد تضمن خمسة مواضيع هي الفتح الإسلامي لبلاد المغرب بين الأهداف والصعوبات، تطور الحركة المذهبية في بلاد المغرب الأوسط - الجزائر- دراسة تاريخية وميدانية تحليلية، مظاهر ومؤسسات التعايش المذهبي في الجزائر خلال العهد العثماني، الدعوة المهدوية على عهد الموحدين ودورها في بناء الأمة والدول، المؤرخون الفرنسيون والأمن الفكري في بلاد المغرب. أما الفصل الثالث والأخير من الكتاب، فقد تضمن خمس موضوعات: استراتيجية الأمن الفكري ودور المؤسسات في تحقيقه هذه المحاور، تناولت آليات تحديث الخطاب المسجدي في الجزائر، دور المسجد والفتوى في حماية الأمن الفكري، نحو صياغة استراتيجية للأمن الفكري، دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيزي المؤسسات التعلمية نموذجا، الأمن الفكري وسبل تحقيقه كما تركز المحور الأخير على متطلبات الأمن الفكري. مقدمة الكتاب دبجت بكلمة الإفتتاح التي ألقاها الدكتور بوعبد الله غلام الله وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الملتقي المغاربي - سيدي عقبة، وأشار بوعبد الله غلام الله أن الأمن الفكري أصبح يحتل مكانة معتبرة في الفضاءات السياسية والثقافية والاجتماعية الحديثة، باعتباره الإنسجام القائم بين ما يؤمن به المجتمع وبين ما يعيشه ومايتطلع إليه، حيث تتفرع هذه المرجعية في منظومة قيم يقدسها الجميع في السلوك الفردي والجماعي، مما يحقق التماسك والوحدة لهذا المجتمع التي تقيه من كافة أنواع الصراع العرقي أوالطائفي أو المذهبي، ومن كل أنواع التعصب والتطرف والإكراه والعنف. كما أوضح وزير الشؤون الدينية والأوقاف في افتتاحية الكتاب أن الاسلام جاء ليحافظ على الكليات الخمس، وأولها العقيدة التي هي الدين، وكل اضطراب في العقيدة لامحالة يؤدي إلى إضطراب المجتمع في أسسه التي يستند إليها أمنه بشكل عام وأمنه الفكري بشكل خاص، وأن الأمن الفكري في المجتمع الاسلامي يرتبط بالمرجعية الدينية وأن علامات إضطراب الأمن الفكري هو إبتعاده عن مرجعية الإعتدال، حيث تبرز ظاهرة التطرف الديني والفكر التكفيري الناتج عن التعصب وإلغاء الآخر. واستعرض الوزير في مقدمته علماء المعرب العربي الذين خلفوا الفقهاء العشرة الذين بعثهم عمر بن عبد العزيز ليفقهوا أهل هذه البلاد في الدين، مبادئ وأسسا كبرى في الممارسة الدينية اتسمت دائما بالاعتدال والوسطية في العقيدة والفقه والسلوك، فكانت عبر الأجيال صمام أمان يحفظ من الإنحراف عن الوسطية والغلو والتطرف والعنف. أما الدكتور محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية فقد تناول في هذا الكتاب العولمة والحصانة الفكرية، منطلقا من التساؤل عمّا يعينه الأمن الفكري، هل هو عودة إلى تراثنا المنقول والمعقول لإحيائه وإثرائه؟ وكيف يكون ذلك فيما عرفه العالم من تطورات وتحولات معرفية وجيو حضارية وصراع على مناطق النفوذ الاقتصادي والثقافي، واستعرض ولد خليفة الآراء المتباينة بين دعاة رفض التراث جملة وتفصيلا والذين يعتبرونه مدخلا تلفيقيا على طريقة نعم، وبين فئة ثالثة ترى أن العودة إلى الأصول كماهي في الكتاب والسنة، وهو الموقف الوقائي الذي يضمن لشعبنا وللأمة العربية الاسلامية حبل النجاة من الضلال والإحتواء. ويرى الدكتور ولد خليفة أنه ليس من السهل التميز بين ماهو فكر وطني وماهو عالمي وماهو ثقافات فرعية من جذع مشترك للثقافة الأم أو ثقافة الأم، والحد الأدنى من الأمن الفكري يعود أساسا لمنظومة التربية والتكوين، لأن طوفان العطولمة وثورة الاتصالات القائمة على قدم وساق ليست لانعمة ولا نقمة، وإن ذاتنا العربية الاسلامية وخصائصنا المحلية ينبغي أن تبقى ناصعة وجلية في حداثة منتجة وليس حداثة استهلاكية تكون في النهاية مجرد سوق جانبية لحداثة معولمة واثقة من نفسها وهجومية، وخلص ولد خليفة في بحثه على أن التواصل والحوار مع الغرب الأوروبي الأمريكي لن يؤدي إلى إضعاف عقيدة التوحيد في أوطانها وحتى خارج حدودها الكتاب من القطع العادي ويحتوي على 372 صفحة.