تحركت الدول الغربية ومعها العربية من اجل وضع إستراتيجية مالية لإعادة اعمار ما خلفته الحرب في ليبيا والتي لم تضع أوزارها بعد في ظل استمرار انعدام الأمن والاستقرار في هذا البلد.فبينما طالبت جامعة الدول العربية الأممالمتحدة بالإفراج عن الأرصدة المالية الليبية المجمدة في الخارج تستعد باريس لاحتضان ندوة دولية حول ليبيا في الفاتح سبتمبر المقبل لتقديم الدعم المالي للمعارضة المسلحة. وكانت الدول المنضوية ضمن لجنة الاتصال حول ليبيا اجتمعت الخميس الأخير بمدينة اسطنبول التركية من اجل التحضير لعقد ندوة باريس التي من المقرر ان تشهد مشاركة ما لا يقل عن 50 دولة أعلنت اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي إضافة إلى حضور الأمين العام الاممي بان كي مون. والى غاية الآن لم تتأكد مشاركة كل من مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الوطني ومحمود جبريل الرقم الثاني فيه اللذين من المنتظر وصولهما إلى باريس الخميس القادم. ولتأكيد دعم باريس الحليف الرئيسي إلى جانب لندن للمعارضة الليبية قال مصدر دبلوماسي فرنسي ان ''عهدا جديدا افتتح في ليبيا ويتعلق ببناء الليبيين لليبيا جديدة وديمقراطية '' وأضاف ان ''المجلس الانتقالي لديه أفاق سياسية وبرنامج ونحن بكل تأكيد سنقدم الدعم له''. من جانبه اعتبر مصدر دبلوماسي بريطاني ان ندوة باريس ستكون فرصة لمعرفة إستراتيجية المعارضة في دفع البلاد نحو الأمام وأيضا حجم ونوع الدعم الذي ترغب في الحصول عليه من قبل المجموعة الدولية. وتطالب المعارضة الليبية أولا بالاستفادة من الإفراج عن الأرصدة المالية الخاصة بالعقيد معمر القذافي ومقربيه والمجمدة منذ نهاية فيفري الماضي عن طريق لائحة أممية. وهو ما جعل الدول العربية خاصة تلك المعترفة بالمجلس الانتقالي الليبي تطالب الأممالمتحدة بالإفراج عن هذه الأرصدة وأيضا السماح للمجلس الذي أسسته المعارضة المسلحة بشغل منصب ليبيا في مختلف الهيئات الدولية. والمفارقة ان هذه التحركات لتقديم اكبر دعم مالي للمعارضة المسلحة في ليبيا تأتي في الوقت الذي لا يزال الوضع الميداني من دون حسم وسط استمرار المواجهات بين المقاتلين والقوات النظامية التي لا تزال تبقي على ولائها للعقيد معمر القذافي الذي فقد كل اثر له. فحتى الآن ورغم الدعم العسكري الأطلسي الذي تحظى به لم تتمكن قوات المعارضة من فرض كامل سيطرتها على كل أنحاء ليبيا ولا تزال تواجه مقاومة شرسة في عدد من جيوب المقاومة خاصة على طول الطريق المؤدي إلى مدينة سرت مسقط رأس العقيد الليبي والتي يعتقد انه قد لجأ إليها. كما ان العاصمة طرابلس وبعد قرابة أسبوع من سقوطها في أيدي المعارضين لا تزال تعيش على وقع حالة من اللاأمن واللااستقرار غذاها تنامي مشاعر الخوف لدى سكانها من تعرضهم للانتقام بسبب دعمهم للنظام المنهار. وتجد مثل هذه المخاوف مصداقيتها خاصة وان قبيلة الجنرال عبد الفتاح يونس قائد العمليات العسكرية للمجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي قتل مؤخرا في مدينة بنغازي معقل المعارضة المسلحة توعدت بالثأر له إذا لم ينشر قادة المعارضة نتائج التحقيق حول مقتله. وهو وعيد يجب على المجلس الانتقالي ان يأخذه بعين الاعتبار إذا علمنا ان قبيلة يونس تعد من بين اكبر واعرق القبائل الليبية ودخولها في أية مواجهة مع المجلس الانتقالي لن تكون في صالحه. وهو ما جعل مجلس الأمن الدولي يدعم نشر بعثة تابعة للأمم المتحدة في ليبيا في وقت شدد فيه على الحاجة إلى إنهاء الصراع واستعادة النظام والاستقرار. وقال الأمين العام الاممي بان كي مون أن مجلس الأمن الذي يتخذ قرارات حول إرسال البعثات أكد له دعمه لنشر بعثة للأمم المتحدة في ليبيا بسرعة. واضاف أن ''الجميع اتفق على أن الازمة في ليبيا دخلت مرحلة جديدة وحاسمة وعلى أهمية الانتقال السلس الذي يجب أن يقوم على الشمولية والمصالحة والوحدة الوطنية في ظل حكومة جديدة بإمكانها الإيفاء بشكل فعال بتطلعات الشعب الليبي للديمقراطية والحرية والرخاء والنمو الاجتماعي والاقتصادي''.