استطاع المخرج لمين مرباح عبر فيلمه الوثائقي الأخير، إخراج شخصية محمد بن يوسف السنوسي من دائرة النسيان، من خلال تسليط الضوء على سيرة حياته الحافلة بالإنجازات الفكرية والدينية، وذلك لأنّه غير معروف في وطنه، بينما يعدّ ذائع الصيت في العالم الإسلامي، إذ دعا من خلال الفيلم إلى الاهتمام جديا بهذه الشخصية التي أعطت إضافة في علوم الدين والعقيدة، وتعريفها للجمهور العريض بتشييد معلم يشبه معلم سيدي بومدين شعيب كصرح علمي وديني ليشعّ على أهل مدينة تلمسانوالجزائر قاطبة. وتلخّص 58 دقيقة مدّة الفيلم الوثائقي''الإمام سيدي محمد بن يوسف السنوسي التلمساني الأشعري'' للمخرج لمين مرباح مسيرة شخصية دينية مهمة وفيلسوف بارز، اشتهر بعقيدة التوحيد وهي نظرية يركّز فيها الشيخ السنوسي على فكرة مفادها أنّ التقليد يشكّل خطرا على الدين وفهم العقيدة كما يجب، ومرد ذلك إلى أنّ التقليد يشلّ العقل ويغيّبه عن الوعي ويحول دون معرفة الله والتقرب إليه، ولعلّ أكثر شيء يبرز مدى نبوغ السنوسي هو تمكّنه من تأليف أهم كتبه ''عقيدة التوحيد'' وهو في السن ال19 ربيعا فقط. واعتمد المخرج على المؤثّرات الفنية والتمثيل وإبراز الشخصية (التي جسدها الممثل الشاب سمير سامي) واستنطاق الأماكن، إلى جانب نقل الشهادات من العارفين والباحثين في محاولة لمرباح، ليكون الفيلم موجها لعموم الناس، وقال في هذا الشأن أنّه كان بإمكانه إنجاز فيلم وثائقي كلاسيكي يعتمد فقط على الشهادات، لكنه سيكون موجّها للنخبة، ولكنه اعتمد ذاك الأسلوب حتى يستطيع الجمهور أن يفهم جزءا من أهمية الشخصية، مشيرا إلى أنّه استغرق ستة أشهر في البحث والتمحيص في حياة السنوسي وفكره. وأوضح مرباح بمناسبة العرض الشرفي لفيلمه الوثائقي ''الإمام سيدي محمد بن يوسف السنوسي التلمساني الأشعري''، مساء الأربعاء المنصرم بدار الثقافة ''عبد القادر علولة'' بتلمسان بمناسبة التظاهرة الإسلامية، أنّ إنجاز الفيلم كان أشبه بالتحدي، وأضاف أنّه وضع سمعته السينمائية والفنية على المحك كون الموضوع له أبعاد فلسفية دينية معقّدة، خاصة مع انعدام مراجع كافية تتناول الشخصية على الصعيد المحلي. وحول الموضوع، أفاد المخرج أنّ الإمام السنوسي فيلسوف لم ينل حقه من الشهرة في الجزائر وهو غير معروف لدى الجزائريين، ولكنه اشتهر في أهم الجامعات الموجودة في العالم، ويبدو أنّ أكثر شيء حزّ في نفس المخرج قد ظهر في نهاية الفيلم، إذ وجّه عدسة الكاميرا نحو ضريح السنوسي بتلمسان ليكشف حالته التي تدعو للأسف، وحسب مرباح، فإنّ الشخصية لم تحظ بالاهتمام اللائق لقيمته العلمية، وأوضح أنّه توقّع قبل تصوير هذا المشهد أن يجد الضريح على شاكلة ضريح سيد بومدين شعيب، ودعا خلالها السلطات المعنية إلى الاعتناء أكثر بهذا الضريح وإعطاء حقه في الإعلام. يشار إلى أنّ الشيخ محمد بن يوسف بن شعيب السنوسي الحسني ولد بتلمسان في 832 هجرية الموافق لسنة 1430 ميلادية، وكانت وفاته سنة 895 هجرية الموافق ل1493 ميلادية بتلمسان، له مؤلّفات من بينها ''عقيدة أهل التوحيد المخرجة بعون الله من ظلمات الجهل وربقة التقليد المرغمة بفضل الله تعالى أنف كل مبتدع وعنيد''، وهو متنه المعروف بالعقيدة الكبرى، وهي أوّل ما صنّف في التوحيد. مبعوثة ''المساء'' إلى تلمسان: دليلة مالك