تعرف الأحياء المجاورة والقريبة من محطات ميترو الجزائر تدفقا بشريا وحركية تجارية غير معهودة، حيث انتعشت مختلف المواقع وبشكل ملحوظ منذ تدشين هذا الأخير في بداية نوفمبر، فقد سمح بتنقل الأشخاص وربطهم بأغلب المؤسسات والهيئات الواقعة بقلب العاصمة، من خلال الخط الذي يربط البريد المركزي بحي البدر، الذي يمكّن المسافرين أيضا من الالتحاق بنواحي مختلفة من العاصمة. أصبح مستعمل ميترو الجزائر يلاحظ انتعاش الحركة بمختلف الأحياء المجاورة لمحطاته العشرة، مثلما هو الأمر بمحطة البدر التي كسرت سكون هذا الحي الذي يجمع بين السكنات الراقية والفيلات الفاخرة بحي سعيدون التابع لبلدية القبة، وبين السكنات الهشة والقصديرية التابعة لبلدية المقرية، فقد غير الميترو وبشكل كبير، مثلما لاحظت''المساء''، ملامح هذه الجهة من العاصمة، حيث أصبحت الحركة بها لا تتوقف طيلة اليوم، ما انعكس إيجابيا على الجانب التجاري خاصة بالنسبة للمحلات الواقعة بحي1010سكنات المحاذية للمحطة والتي يقصدها مستعملو الميترو لاقتناء حاجياتهم، رغم قلتها ومحدودية عددها في الوقت الراهن، إذ يتطلب الأمر، حسبما صرح به بعض المسافرين، فتح مرافق خدماتية على مستوى المحطة، مثلما تم تدعيمها بحافلات لنقل المسافرين، وذلك من خلال إدراج البلديات المعنية لمشاريع تعود عليها بمداخيل إضافية. محطة البدر بحاجة لمرافق خدماتية وفي هذا السياق، أوضحت السلطات المحلية لبلدية القبة ل ''المساء'' أن الجهة التابعة لها تقتصر فقط على حي سعيدون المقابل للمحطة التي شيدها الخواص بعد اقتنائهم للقطع الأرضية، وأنه لم تعد هناك أية مساحة عقارية تسمح بتشييد مشاريع مستقبلية، على غرار حظيرة للسيارات التي اعتبرها مستعملو الميترو ضرورية، مثلما هو الأمر بالنسبة للخدمات والنشاطات التي يفترض أن تكون منظمة حتى لا تسود التجارة الفوضوية، إذ لاحظت ''المساء'' خلال زيارتها لمحطة البدر بداية هذا الأسبوع، تنصيب طاولة لبيع الفواكه بأحد الأرصفة القريبة من المحطة، إذ لا يخفى على أحد أن الظاهرة ستتسع أكثر إذا لم تكن هناك مراقبة صارمة لمثل هذه المواقع التي يجب إعطاؤها الوجه اللائق، بالنظر إلى العدد الكبير للمواطنين الذين يعبرونها. وحسب صاحب محل لبيع قطع غيار السيارات والقريب من الموقع، فإن الحركة التجارية ستنتعش أكثر في الأيام القليلة المقبلة، مثلما بدأت ترتفع أسعار كراء المحلات والسكنات أيضا، حيث أشار محدثنا أن زميله في المهنة اضطر إلى مغادرة محله بسبب رفع سعر الكراء بصفة مفاجئة من 20 ألف دينار للشهر إلى 25 ألف دينار، كما أكد صاحب محل لبيع المواد الغذائية بحي 1010 سكنات المجاور لمحطة الميترو، أن كراء الشقق الذي لا يقل حاليا عن 30 ألف دينار سيرتفع أكثر، مثلما أسرّ له أحد المتعاملين في هذا المجال، وهو الأمر الذي أكده ل''المساء'' صاحب وكالة عقارية بحي دالاس، مشيرا إلى أن سعر إيجار شقة بهذا الحي يصل إلى 40 ألف دينار، كما أنه يختلف حسب نوعية الشقة وعدد غرفها، إلا أن الوكالات العاملة في هذا المجال ستلجأ إلى اعتماد أسعار أخرى، بناء على قرب الموقع من محطة الميترو التي خففت كثيرا من معاناة التنقل، خاصة أن سعر العقار ببلادنا-مثلما قال- لا يخضع لمعايير معينة بل يحددها المتعاملون حسب أهوائهم، الأسعار سوف لن تتغير كثيرا بالنسبة لحي دالاس الراقي، وذلك عكس الأحياء الأخرى القريبة من الميترو، مثلما هو الأمر لباش جراح القريبة من حي البدر، والتي استفادت من النقل العمومي للمسافرين انطلاقا من محطة البدر. وحسب بعض العاملين في مجال العقار، فإن أسعار الإيجار ستشهد زيادة في السعر في المواقع المحيطة بمحطات الميترو مقارنة بمثيلتها في المواقع البعيدة، لا سيما أن الكثير من المستأجرين يفضلون دفع زيادة في الإيجار مقابل الاستفادة من خدمات الميترو الذي يوفر لهم الوقت والراحة معا، مثلما هو الأمر بالنسبة لبلدية حسين داي التي يعبرها الميترو من خلال محطة حي عميروش، الأمر الذي سيرفع أسعار الإيجار بشكل كبير، مثلما أكده لنا أحد المواطنين الذي أشار إلى أنه تفاجأ في الأيام القليلة التي تلت تدشين الميترو، بإبداء صاحب الشقة التي يستأجرها نيته في رفع سعر الإيجار كون المسكن يقع على مقربة من محطة حي عميروش التي تربط بين عدة أحياء ذات كثافة سكانية عالية، مثل ''الكالفير'' التابع لبلدية القبة و ''بانوراما'' التابع لبلدية حسين داي التي استفادت أيضا من خدمات الميترو من خلال محطة البحر والشمس الواقعة في قلب الحي في أعالي حسين داي، المعروفة بكثرة زوارها بسبب احتوائها على أحد المستشفيات المعروفة وهو مستشفى ''نفيسة حمودي'' أو ''بارني''، فضلا عن محكمة حسين داي، كما تمكن السكان من الالتحاق بوسط العاصمة بسهولة وفي وقت وجيز. الميترو ينعش الأسواق والمؤسسات من جهتها، تشهد باقي المحطات حركية كبيرة كونها تمكن مستعمليها من الالتحاق بمؤسسات وأسواق بالعاصمة، والتي يقصدها عدد كبير من المواطنين يوميا، على غرار محطة خليفة بوخالفة التي تعتبر مدخلا للحي التجاري المعروف بسوق فرحات بوسعد''ميسونيي''، وشارع ديدوش مراد، سينما الجزائر وشارع فيكتور هيقو، بالإضافة إلى حديقة الحرية، حيث أكد مستعملو الميترو أنهم وجدوا ضالتهم في هذه الوسيلة المريحة والسريعة في نفس الوقت، وأصبحوا لا يترددون في الالتحاق بوسط العاصمة للاستفادة من الخدمات والنشاطات التي تقدمها المؤسسات المختلفة، كما أشار صاحب محل بسوق ميسونيي أن الإقبال سيزيد على هذا السوق المعروف خاصة في المناسبات، كما سيشهد النشاط التجاري حركية على مستوى شارع حسيبة بن بوعلي الذي يلتحق به المسافرون من خلال محطة الميترو المتواجدة على مستوى ساحة أول ماي والتي تصلهم بساحة المقراني، حيث تتواجد حافلات النقل التابعة لمؤسسة''الايتوزا''، فضلا عن مستشفى مصطفى باشا الجامعي الذي يقصده عدد كبير من الزوار والمرضى، كما تقربهم هذه المحطة أيضا من أحد الشوارع الأكثر حركية بالعاصمة، وهو شارع محمد بلوزداد الذي يستفيد أيضا من خدمات الميترو من خلال محطة عيسات إيدير التي تسهل عملية تنقل المواطنين، والتي لا تتوقف بهذا المكان الذي يضم دار الصحافة، الجزائر للإتصالات ومقر المركزية النقابية. من جهتها، تشهد حديقة التجارب بالحامة إقبالا كبيرا للزوار نهاية الأسبوع وخاصة في العطل، حيث ينتظر أن تستفيد بشكل كبير من محطة الميترو القريبة من هذا المرفق الترفيهي الهام والواقع بأحد الأحياء العريقة التي تضم أيضا فندق السفير، وخاصة مؤسسة باستور التي يقصدها عدد كبير من المرضى يوميا، مثلما هو الأمر بالنسبة لمؤسسات أخرى، سواء كانت ذات طابع تجاري أو خدماتي أو غيرها من المؤسسات التي تستفيد بصفة مباشرة أو غير مباشرة من خدمات الميترو، مثلما هو الأمر بالنسبة لقصر الثقافة الذي سيستقطب مزيدا من الجمهور خلال تنظيم مختلف التظاهرات، بعد أن سهلت محطة المعدومين بالرويسو الالتحاق به، إلى جانب مقام الشهيد الذي يشهد إقبالا كبيرا للزوار خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأيضا بالنسبة للمقر الجديد لمحكمة الجزائر، بالإضافة إلى الصندوق الوطني للاستثمار الواقع بملحقة وزارة المالية، حيث سيتمكن زبائن هذه المؤسسات من الالتحاق بها لقضاء حوائجهم في أقل وقت ممكن، الأمر الذي سيكسبها زبائن إضافيين، باعتبار أن مشكل التنقل كان يحول دون التحاق المواطنين ببعض المؤسسات الهامة في الوقت المناسب، وهي الميزة التي ستستفيد منها مختلف المؤسسات الواقعة بقلب العاصمة من خلال المحطة الأولى بالبريد المركزي التي تعتبر من أكثر المحطات استقطابا للمسافرين بالنظر لموقعها الذي يمكنهم من الالتحاق بساحة الشهداء، ساحة أودان، جامعة الجزائر، ولاية الجزائر ومحطات النقل المتواجدة بتافورة. بلدية المقرية مطالبة بالتدخل وإذا كانت للميترو ميزة نقل المسافرين في ظرف وجيز وتنشيط الحركة التجارية وكسب البلديات لمداخيل إضافية، فإن هذه الأخيرة مطالبة بالتكفل بانشغالات مواطنيها، خاصة بالنسبة لتلك التي تسجل بها نقائص بالقرب من محطات الميترو مثلما هو الأمر بحي عميروش، حيث توجد بعض طاولات بيع الفواكه التي يمكن أن تحول المكان إلى فوضى، مثلما هو الأمر بالنسبة لمحطة البدر التي تقطن خلفها 400 عائلة في بيوت قصديرية بمزرعة بن بولعيد التابعة لبلدية المقرية، والتي لا تبعد عنها إلا بأمتار قليلة، حيث جدد بعض سكانها في تصريح ل''المساء'' مطلبهم بالترحيل من هذا المكان الذي يقطنون فيه منذ أكثر من عشرين سنة، والذي أصبح غير صالح وتغيب فيه أدنى شروط الحياة من مياه الشرب، الكهرباء وانعدام قنوات الصرف الصحي، مؤكدين أن دخول الميترو الخدمة يزعجهم كثيرا عند خروجه من النفق، خاصة في الساعات المتأخرة وفي الصباح الباكر، حيث يحرمهم -حسب أحد الشباب- من النوم، كما تهتز سكناتهم الهشة عند انطلاق ووصول الميترو، حيث يعتبرون من الذين لم يستفيدوا من إيجابياته، على حد قول بعضهم.