كشف وزير الصيد البحري والموارد الصيدية، السيد عبد الله خنافو، في حوار ل''المساء'' أن القطاع اليوم يتجه نحو المهنية من خلال اختيار مشاريع ناجحة للاستثمار فيها مستقبلا، على غرار تربية المائيات في البحار التي أثبتت نجاحها عكس باقي تجارب تربية المائيات في الأحواض والمياه الدافئة، مشيرا إلى أن الدعم المالي المقترح من طرف الوزارة لا يزيد عن 30 بالمائة وعلى المستثمر توفير باقي تكلفة المشروع، علما أن الوزارة تتوقع ابتداء من السنة المقبلة طرح 156 مشروعا بعد تحديد مجموعة من المواقع عبر 14 ولاية ساحلية، وخصصت الوزارة لتنفيذ هذه المشاريع مبلغ 5,5 ملايير دج لإنتاج 28940 طن من مختلف أنواع السمك، وحدد الوزير مهام الوزارة مستقبلا في المراقبة والمرافقة فقط من منطلق أن عملية تسيير نقاط البيع الجديدة التي ستفتح عبر كل ميناء صيد ستكون من مهام المهنيين أنفسهم. س / البحث عن الدعم المالي للمشاريع هو الهاجس الحقيقي لكل شاب يود الاستثمار مستقبلا في قطاع الصيد البحري، كيف تفكر الوزارة في مساعدة المستثمرين الشباب؟ ج / ما يجب الإشارة إليه في هذا الجانب هو أن قطاع الصيد البحري ''خاص'' وعليه فالدعم المقترح من طرف الوزارة في كل المشاريع لا يزيد عن 30 بالمائة كأقصى حد، وعلى المستثمر توفير تكلفة المشروع الباقية من خلال العودة إلى قروض بنك التنمية الفلاحية التي ترافق مشاريع القطاع أو الاعتماد على نفسه، لا أنكر أنني اتصلت مع مسؤول البنك بغرض التفكير في صيغة لتخفيض نسبة الفوائد، لكن القرار يعود إلى مجلس الإدارة ولا يمكن للوزارة التدخل في القضية. س/ كثر الحديث عن مشاريع تربية المائيات ونجاعتها بغرض استدراك عجز إنتاج السمك، ما الذي تم تنفيذه إلى غاية اليوم، وما هي إستراتيجية القطاع مستقبلا؟ ج / قرار اللجوء إلى مجال تربية المائيات اتخذ بغرض تنويع الإنتاج السمكي، وما لسمته منذ تولي منصب المسؤول الأول عن الوزارة أن تسيير تربية المائيات ليس سهلا مثلما يتوقعه البعض فالمشروع ككل ليس ناضجا، ويتطلب مسايرة تقنية خاصة من طرف الخبراء والمختصين، ففي كل مرة نقف أمام عوائق طبيعية أو تقنية، وعليه قررنا تعديل البرامج المقترحة خلال المخطط الخماسي الجاري ''2010 / ''2014 حيث تم تحويل المشاريع المتعلقة بتربية المائيات في الأحواض والمياه الدافئة إلى تربية المياه عبر الأقفاص وسط البحر، وقد تم تسجيل 156 مشروعا لسنة 2012 مع تخصيص غلاف مالي في إطار الدعم المقترح من طرف الدولة يقدر ب5,5 ملايير دج بغرض إنتاج 28940 طن من الأسماك. لا أنكر أن تجارب تربية المائيات السابقة لم تعط نتائجها المتوقعة فمجمع تربية المائيات بولاية ورقلة للمستمثر مولاي على سبيل المثال لم يصل بعد إلى النتائج المرجوة ولغاية الآن لم يتمكن صاحب المشروع من رفع إنتاجه فوق عتبة 120 طن في السنة وهو ما يعادل إنتاج حوض مائي صغير تابع لفلاح، في الوقت الذي أكد فيه الخبراء الكوريون أن المزرعة يمكن أن تنتج 3 آلاف طن في السنة بالنظر إلى الإمكانيات التي سخرتها الدولة للمشروع الذي دعمته ب80 بالمائة بعد تخصيص مبلغ 90 مليار سنتيم، وفي كل مرة يتحجج صاحب المشروع بالمشاكل التقنية المتعقلة بتوفير غذاء السمك وتسويق المنتوج، بينما المستثمر سرحان من بولاية غرداية نجح في مستثمرته وهو يسوق للعديد من الهيئات. وما يجب التأكيد عليه هو أن مشكل مشاريع تربية المائيات يخص التسيير بالدرجة الأولى، وعليه فقد أرسلت الوزارة آخر إنذار لصاحب مزرعة تربية المائيات في ورقة حتى يرفع من إنتاجه ويحسن من نوعية مشروعه خاصة وأنه استفاد من إجراء تمديد فترة دفع الديون إلى ثلاث سنوات إضافية وإلا ستسترجع الوزارة المشروع من منطلق أنها الممون الرئيسي له. س/ إذن يمكن أن نقول أن مشاريع تربية المائيات في مياه البحر هي الناجحة؟ ج / ما أنا متأكد منه اليوم هو نجاح كل تجارب تربية الأسماك عبر الأقفاص المثبتة في قاع البحر، وهو ما وقفنا عنده بمستثمرة السيد جلاج بمنطقة ازفون بولاية تيزي وزو، هي تجربة فتية وناجحة لتربية القاجوج والقاروص بالإضافة إلى نجاح تجربة تربية الجمبري بولاية سكيكدة بالشراكة مع الكوريين، وعليه قررت الوزارة الأخذ بالنقاط الإيجابية للمشاريع السابقة وإطلاق 156 مشروعا لصالح المستثمرين الخواص وعدم العودة للمشاريع الفاشلة. وما يجب التركيز عليه هو أن المدراء الولائيين حددوا مواقع جديدة لاحتضان المشاريع عبر الولايات الساحلية ال14 كما سيتم الرجوع إلى المعلومات المستقاة من العملية التقييمية لباخرة البحث التي انتهت منذ مدة من عملية مسح الشريط الساحلي. س/ بالنسبة لعمل الباخرة هل يمكن أن نقول أنها بلغت الأهداف المنتظرة منها؟ ج / الباخرة قامت بأول عملية تقييم للثروة السمكية السطحية فقط، وأثبتت المعطيات الأولى أن أعماق البحر غنية بالثروة السمكية، غير أن الباحثين هذه المرة لم يقوموا بتجربة الصيد، حيث تم اختبار المواقع الجديدة للصيد عبر أربع محاولات صيد فقط، ويتوقع يوم 15 ديسمبر المقبل عودة الباخرة إلى الورشة الاسبانية التي انجزت فيها الباخرة بغرض المراقبة الأولية، وبالمناسبة سيتم إرسال فريق البحث الذي عمل بها للتدرب في استعمال تجهيزاتها. أما فيما يخص البيانات المجمعة فيتم حاليا معالجتها من خلال إنجاز بنك للمعلومات وخريطة طبوغرافية لتسهيل عمل البحارة مستقبلا، كما أن العمل العلمي المعد من طرف طاقم الباخرة سمح بتحديد نسبة ملوحة البحر وتحديد مناطق تكاثر الأسماك والمساحات البحرية الملوثة، مع تحديد نوعية أرضية عمق البحار وهي المعلومات التي ستستعمل لإطلاق مشاريع تربية الأسماك عبر الأقفاص المثبة في عمق البحر، علما أن الباخرة ستقوم بحملات تقييمية أخرى مستقبلا. س/ ما هو اقتراح الوزارة لحل إشكالية التسويق وتوفير المنتوج السمكي بالكميات المطلوبة من طرف المستهلكين خاصة وأن الصيادين استفادوا من تمديد عملية دفع الديون، وباخرة البحث حددت مواقع تكاثر السمك؟ ج / منذ تولي هذا المنصب تباحثت مع المهنيين مطولا لحل إشكالية تسويق المنتوج، كما أن زياراتي لعدد من الدول الشقيقة والصديقة كشفت لي العديد من الحقائق أهمها أن القطاع يجب أن يكون مسيرا من طرف المهنيين أنفسهم، فلا يمكن للوزارة التدخل في عملية الإنتاج ولا في عملية التسويق. ما هو معمول به في الخارج كل صاحب سفينة صيد يملك سجلا خاصا يدون فيه كل المعطيات المتعلقة بعمليات الصيد وكميات السمك المصطاد في كل مرة، وأول ما ترسو السفينة يتم تحويل السمك إلى نقطة البيع وهناك يتحصل الصياد على فاتورة تحدد كمية السمك وتكلفته ليتم بيع المنتوج من طرف المهنيين أنفسهم وهو ما يساهم في تحديد مسار وكميات الإنتاج، أما هنا في الجزائر فلا أحد يمكن له تحديد كميات السمك المصطادة وعليه تقرر إنجاز نقاط بيع عبر كل ميناء، وبالنسبة لتسيير هذه الهيئات سيتم الإعلان عن مرسوم تنفيذي بعد مناقشته من طرف الحكومة يقضي بوضع هذه النقاط تحت خدمة المهنيين أنفسهم المنضوين تحت غطاء الغرف الوطنية للصيد البحري، اليوم الجزائر استحدثت ثلاث نقاط بيع جديدة من أصل 12 مبرمجة ضمن المخطط الخماسي ''2010/ ''2014 ويتوقع برمجة مشاريع مماثلة لتغطية كل موانئ الصيد مستقبلا. بالمقابل لا يمكن أن نجزم أننا سنحل إشكالية التسويق من خلال هذه المسامك الجديدة، لكننا سنعمل بالتنسيق مع مصالح التجارة والسلطات المحلية لتشديد الرقابة الصحية عليها، وما يجب التذكير به في هذا الجانب أن وزارة الصيد البحري لغاية اليوم لم تتمكن من استرجاع عملية تسيير موانئ الصيد التابعة لوزارة النقل وهو ما يؤثر سلبا على نشاط تنظيم القطاع. س / ما هو مصير المؤسسة الوطنية لصناعة سفن الصيد البحري ''ايكوراب'' المختصة في صيانة وصناعة السفن، خاصة وأنها تعاني من الإفلاس ومهددة بالغلق بعد مشروع الشراكة مع الإيطاليين؟ ج / ما يمكنني قوله في هذا الجانب هو أن مؤسسة ''ايكوارب'' استفادت من دعم الدولة في العديد من المرات غير أن القائمين عليها لم يتمكنوا من تخطي عتبة الإفلاس، وأنا في هذا الجانب لاحظت أن مؤسسات صغيرة اختصت في صناعة وترميم السفن تمكنت من استقطاب العديد من المهنيين عوض مسيري المؤسسة الذين تنتظر دوما التفات الحكومة لهم، وخلال الزيارة الأخيرة لوفد من المهنيين الإيطاليين وجدتهم مهتمين بالشراكة في هذا الجانب مع مهنيين خواص محليين، وقد اقترح أحد المهنيين الجزائريين مواصلة اللقاءات معهم لفتح ورشة لصناعة وترميم السفن عبر التقنيات الحديثة المتعامل بها في أكبر الورشات العالمية، وعليه أتوقع من مسيري المؤسسة التفطن إلى ضرورة البحث عن مشاريع واستغلال كل إمكانياتهم للنهوض بالقطاع من منطلق أن الطلب متوفر على هذه الخدمات.