دعا الخبير الإسباني خوان دي كاسترو دي أرسباكوشاغا الأستاذ بجامعة مدريد أمس، إلى ضرورة وضع حصيلة لمسار برشلونة من أجل إرساء أسس تنمية مشتركة بين دول حوض المتوسط وتوظيفها بشكل أنجع في ترقية الشراكة في المنطقة وفق أطر جديدة تكون أكثر شمولية، مثل مشروع الإتحاد المتوسطي الذي اقترحه الرئيس الفرنسي· وأوضح الممثل السابق لإسبانيا لدى ندوة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية في محاضرة بعنوان "مسار برشلونة، بين التساؤلات والبدائل"، أشرف على تنظيمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة بفندق "هيلتون" أن إطار الشراكة الذي ينبغي إرساؤه مستقبلا بين دول شمال وجنوب الحوض الأبيض المتوسط، ينبغي أن يتعدى مستوى التعاون إلى مستوى الشراكة في التنمية القائمة على المفاهيم الحديثة لمجتمع المعرفة وعلى استغلال الرأسمال البشري والرأسمال الطبيعي· واستهل الخبير في مجال ترقية التعاون الأورو متوسطي، محاضرته بالتأكيد على أن الحديث عن نموذج التعاون الذي يفرض نفسه اليوم بمنطقة المتوسط يستدعي منذ البداية ضبط حصيلة مسار برشلونة الذي تم بعثه في 1995، وطغى عليه الطابع الاقتصادي، ثم تحديد البدائل التي يمكن أن تعوض الجوانب التي تعثر فيها هذا المسار أو الصعوبات التي اعترضت نجاحه، لتوظيفها في الصيغ أو الأطر الجديدة المقترحة لإعادة هيكلة التعاون بين دول المنطقة "وقد يكون ذلك في إطار مشروع الإتحاد المتوسطي المطروح للنقاش"· وشدد المتحدث على ضرورة أن يشمل الإطار الجديد لمسار برشلونة كافة مجالات الشراكة، ويراعي مختلف المفاهيم الحديثة التي تعتبر اليوم من المحركات الأساسية للتنمية على غرار تطوير التنافسية واقتصاد المعرفة والتنوع البيولوجي، مشيرا إلى أنه بالرغم من الصعوبات التي اعترضت تطبيق مسار برشلونة الذي لم يوقف لا حالة اللاستقرار في الشرق الأوسط ولا ظاهرة الهجرة غير الشرعية الجهوية، إلا أنه عمل على خلق ديناميكية للتعاون بين الأعضاء المنخرطين، ويشكل اليوم أرضية يمكن استغلالها مع دعمها بالموارد التي تنمي تنافسية الدول الأعضاء· ومن بين أهم البدائل أو المقترحات التي تطرق إليها الخبير، بتشخيص الإمكانيات والفرص المتاحة لترقية التعاون بين الضفتين، بعث شراكة قوية بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ترتكز على أساس إدماج مؤسسات دول الضفة الجنوبية بالمؤسسات الكبرى الأوروبية، استغلال كل مجالات اقتصاد المعرفة، وعلى رأسها تحويل التكنولوجيا، تنظيم تدخل الدولة بشكل نوعي لتأهيل وترقية تنافسية المؤسسات ولا سيما من خلال التجديد والإبداع وتحديث أنماط التسيير، استغلال الرأسمال الطبيعي على غرار التنوع البيولوجي الذي يتيح مجالات متعددة لتنمية الشراكة بين الدول الأورو متوسطية، علاوة على بعث اتفاقية شاملة من أجل المعرفة· وخلص السيد دي أرسباكوشاغا إلى أنه بتقاسم كل هذه العوامل بين الدول الأورو متوسطية يمكن تحقيق التنافسية المنشودة بالمنطقة، حيث يبقى على دول شمال المتوسط بث وتوزيع هذه المعارف لتستفيد منها دول الجنوب، وبذلك تساعد على خلق مجتمعات التنمية المستدامة، مجددا التأكيد على ضرورة أن يبدأ العمل بوضع تقييم شامل لمسار برشلونة ثم إرساء أرضية لنقاش شامل وديمقراطي بين مختلف فعاليات المجتمعات المعنية، يأخذ في الحسبان ضرورة تعزيز المسار بالعوامل الحديثة المقترحة·