يدرك المتأمل في القضية الفلسطينية بصفة خاصة وقبلها في قضايا الاستعمار بصفة عامة أن الوعود بالجلاء والمفاوضات حول حل الأزمات اعتمد سلاحا من طرف المستعمر والأطراف الراعية لهذه الوعود والمفاوضات من أجل تكريس الاستعمار وإفشال كل حل تفاوضي. هذه الفكرة - الاستراتيجية عند الغرب الاستعماري يعرفها جيدا ويعلنها بوضوح ويطبقها بدون حرج مادام يعتقد في أن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون'' وأفضل أن أقول لا يتعظون. فها هي السلطة الفلسطينية تعلن فشل عمل الرباعية على وضع أرضية لتقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع الفلسطيني والإسرائيلي قبيل اجتماع مرتقب في الأيام القادمة. ويضاف إلى هذا الفشل الرفض الفلسطيني المستمر لأهم ما يعرقل عملية السلام المتمثل في الاعتراف بحدود 1967 وإيقاف الاستيطان واللذين بدونهما لا يكون للمفاوضات معنى ولا محتوى. كل هذه الشواهد بل الممارسات تؤكد أن حل القضية الفلسطينية لن يتأتى من خلال هذه المفاوضات التي أجمع المحللون والمتتبعون لهذا الملف على أنها عبثية ومضيعة للوقت -الفلسطيني طبعا- فيما يعمل الاحتلال الإسرائيلي على التقدم في الأرض وإرساء قواعد تهويد القدس-قضية القضية- وتكريس يهودية الدولة العبرية تمهيدا لإبعاد العنصر العربي وغير اليهودي عن فلسطين كل فلسطين وهي الفكرة التي بني على أساسها كيان دولة إسرائيل قبل الاحتلال الفعلي لهذه الأرض العربية. وعلى سبيل المثال، ما من رئيس أمريكي ترشح أو خلف سابقه في البيت الأبيض إلا ووعد بحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي قبل انتهاء عهدته الرئاسية الأولى ثم قبل نهاية الثانية دون أن يفي أي منهم بوعده، وانتظروا وعودا مماثلة ابتداء من سباق الرئاسيات الأمريكية ل2012 وما يليها !