إن فكرة إنشاء جمعية خاصة بهواة سفن النزهة ليست بالجديدة، غير أن التجسيد الفعلي لها جاء من طرف مجموعة من الأشخاص المحبين للبحر، الذين رأوا أنه من الضروري أن يكون لديهم جمعية تعنى بمشاكلهم، وتسعى لترقية وتنمية النزهة البحرية، ومن بين هؤلاء؛ عبد اللطيف حمادي الذي أنشأ رفقة بعض أصدقاء البحر ما أسموه ب''جمعية هواة السفن''.وحول الغرض من إنشاء الجمعية والأهداف المسطرة والبرامج المعدة، تحدثت ''المساء'' إلى رئيس الجمعية. قال عبد اللطيف حمادي في بداية حديثه ل''المساء'': ''قبل أن أتحدث عن الجمعية، بودّي أن أقول بأنني مقاول جُلْت مختلف دول العالم، غير أني لم أجد ما هو أجمل من الجزائر ومن السواحل الجزائرية تحديدا، وبحكمي شاب غيور على وطنه، أردت أن أقدم عملا أبرهن من خلاله أن الجزائر أيضا تملك من الخيرات والمؤهلات السياحية ما يجعلها تنافس الدول الأخرى العربية وحتى الأوروبية، ولعل هذا ما حمسني لإنشاء هذه الجمعية التي تعمل على ترقية وتنمية سياحة النزهة بالجزائر. وعن سبب إنشاء هذه الجمعية، قال محدثنا: ''أنا كغيري من عشاق البحر، منذ صغري أتردد على ميناء سيدي فرج، اِقتنيت سفينة صغيرة بغية الاستمتاع بمناظر البحر الخلابة، والابتعاد عن زحمة المدينة وضجيجها، ولأن المنطق يقتضي أنْ يوفّر مكان النزهة الراحة والهدوء، غير أن هذا ما بتنا نلمس غيابه بالميناء، بسبب بعض المشاكل العالقة وغياب التنظيم، رغم مساعي إدارة الميناء الحثيثة إلى تداركها، غير أن وجود ميناء واحد للنزهة بالجزائر، وهو ميناء سيدي فرج، جعل الإقبال عليه كبيرا، ما ولّد العديد من المشاكل، الأمر الذي دفعني رفقة بعض الأصدقاء من مُلاّك سفن النزهة، إلى إنشاء هذه الجمعية التي تعدّ الأولى على المستوى الوطني، وبالتالي الجمعية ولدت أساسا لتمكين زوار الميناء، والبحر، من الظفر بأكبر قدر من المتعة بعيدا عن التوتر، من أجل تحسين ظروف الترفيه والنزهة بميناء سيدي فرج، ناهيك عن معالجة بعض النقائص. وعن الأهداف التي تم تسطيرها، قال عبد اللطيف: ''حتى نوضّح، الجمعية ليست حكرا على ملاّك السفن، وإنما أبوابها مفتوحة لكل راغب في زيارة البحر أو الميناء، يكفي فقط أن ينخرط بها ليتحول إلى عضو من أعضائها ويستفيد من نشاطاتها الرامية إلى خلق ثقافة بحرية لدى الزوار، تجعلهم يغيّرون نظرتهم للميناء والبحر، ويولوها أهمية من حيث الحفاظ عليها وعلى نظافتها، من أجل هذا -يضيف ذات المصدر- ''كيّفنا أهداف الجمعية وفقا لمتطلبات الميناء وملاّك سفن النزهة، وعلى الرغم من أننا حصرنا الأهداف في ثلاث نقاط وهي: العمل على ترقية وتنمية ملاحة النزهة، العمل على تنمية وترقية الرياضيات المائية وتحت المائية، وأخيرا العمل على تنمية وترقية النشاطات الخاصة بحماية المحيط البحري والساحلي، غير أن كل عنوان منها يحمل في طياته العديد من النشاطات التي تصبّ كلها في مجال إكساب المواطن ثقافة بحرية، ضف إلى ذلك، فكّرنا في إنشاء موقع إليكتروني نساعد من خلاله كل راغب في اقتناء سفينة للنزهة ومعرفة ما يجب عليه اتباعه ومعرفته، وكذا الموانئ التي يمكنه زيارتها والأمور التي ينبغي له التقيّد بها. وعن طريقة عمل الجمعية، قال عبد اللطيف: ''إن الجمعية تُصنّف وفقا لقانونها الأساسي للأعضاء بحسب نشاطهم، فإن كان مواطنا لا يملك سفينة ويرغب بالعضوية، يسمى عضوا محبا للبحر، وإن كان من ملاك سفن النزهة فتختلف تسميته، وعلى كل حال، نعمل مع الأعضاء والمنخرطين على اقتراح الأفكار وتبادل الآراء التي من خلالها نبرمج بعض النشاطات التي يستفيد منها الميناء، وكذا مرتادي البحر، بما في ذلك ملاك سفن النزهة، ولعل من الأمور التي نعمل على القيام بها كجمعية؛ التنسيق مع حراس الشواطئ لمعرفة العدد الصحيح لملاك سفن النزهة، فعلى حد علمي؛ هناك 600 مالك سفينة نزهة، غير أنهم لا يلتزمون بدفع الرسوم الخاصة بسفنهم مقابل استغلالهم للميناء، ما يولد الكثير من المشاكل، ناهيك عن الاكتظاظ الذي بات يعرفه الميناء بسبب غياب التنظيم، وهو ما نحاول تداركه من خلال النشاطات التي تبرمجها جمعيتنا بغرض الوصول إلى إقرار ما يسمى بنظام داخلي يخضع له ملاك سفن النزهة. وعن بعض المشاكل التي وقفت عندها الجمعية، جاء على لسان محدثنا أنها كثيرة، غير أنها تُصب في وعاء واحد وهو افتقار زوار الميناء والباحثين على الترفيه والمتعة للثقافة البحرية، ما يجعلهم ينتهكون حرمة البحر، والميناء، وكذا السفينة، وأبسط مثال على ذلك، بعض محبي البحر عندما يقصدون الميناء ويرغبون في التقاط الصور إلى جانب السفن، يقومون بسحب السفينة بطريقة عشوائية، ما يؤثر على السفينة التي تحتاج إلى معاملة خاصة، هذا التصرف في حد ذاته يتطلب توعية الناس وتنبيههم حول بعض التصرفات، وهو ما نعمل عليه في إطار نشاط الجمعية التحسيسي. يضيف محدثنا قائلا: ''إلى جانب غياب قانون خاص يحكم ملاك سفن النزهة، والذي يعتبر مشكلا كبيرا يواجهنا، لأننا بالرجوع إلى القانون البحري، نجد أن قانونا واحدا فقط يتكلم عن السفينة بصفة عامة، وبحكم أن من بين أهداف الجمعية تنمية سياحة النزهة، فإنه تواجهنا بعض الصعوبات فيما يتعلق بالقانون، ففي واحد من مواده ينص أنه لا يجوز توظيف عامل بسفن النزهة، وهذا يحد من نشاطات الجمعية التي تعمل على امتصاص البطالة من خلال توظيف الشباب الراغب في تقديم بعض الخدمات على السفن، كتنظيف السفينة أو صيانتها، أو قيادة سفينة النزهة بالمالك الذي يرغب في الحصول على أسمى درجات الرفاهية. وحول أهمية سياحة النزهة في الجزائر، قال عبد اللطيف: ''تملك الجزائر ساحلا غنيا يعِد بآفاق واسعة للاستثمار، فعلى حد علمي أنه تم مؤخرا تصحيح طول الشريط الساحلي من 1200 إلى 1400 كلم، وهذا في حد ذاته خطوة إيجابية لاستغلال هذا الأخير، بخلق بعض الموانئ التي تشجع الاستثمار في سياحة النزهة، ولعل هذا من أكبر التحديات التي تواجهنا بحكم أننا بالجزائر كلها نملك ميناء واحد فقط خُصّص للنزهة، ما تولّدت عنه الكثير من المشاكل خاصة مع ارتفاع عدد ملاك السفن، ولو أننا نستثمر في موانئنا، فإننا سنساعد في إدخال العملة الصعبة، ولا يخفى عليكم أن الأجنبي الواحد الذي يدخل السواحل الجزائرية يستهلك كأقصى حد في اليوم الواحد 80 أورو، هذا دون الحديث عمّا ينفقه في سبيل جلب المؤونة لسفينته خلال نزهته البحرية، وما يحتاج إليه من أعمال صيانة ووقود، أي الجانب الخدماتي الذي تقدمه اليد العاملة الجزائرية، وهو من بين الأمور التي نسعى لتكريسها بمساعدة كل من وزارتي السياحة والنقل. وفي الأخير، قال رئيس جمعية هواة السفن: ''على الرغم من أن الجمعية فتية، إلا أنها حضيت بترحيب كبير لا سيما وأن نشاطاتها وبرامجها لا حدود لها، بحكم أنها تنشط في كل ما له علاقة بالبحر والميناء، ويمكن لكل الولايات الساحلية أن تستفيد من تجربتنا، من أجل هذا نتمنى أن نتمكن بقليل من الدعم من تطوير ميناء سيدي فرج، ليتحول إلى ميناء ملاحة نزهة بمقاييس دولية.