قد لا أخطئ عندما أقول أن التشكيك والتشاؤم قد أصبحا سمتين تطبعان هذه الأيام خطاب من يصنفون أنفسهم بالنخبة التي تكابد من أجل الشعب وتعمل على إسعاده أو رفع الغبن عنه وتحرير رقبته من تعسف السلطة أو النظام كما تدعي. والأمر على ما يبدو فيه الكثير من الغرابة كما يرى الكثير من الذين يراقبون هذه الأيام ما يحدث على الساحة الوطنية، ومن هنا يطرح هذا السؤال: من خول لهذه النخبة أن تتحدث باسم الشعب، حين تقول إن الشعب يريد كذا... وكذا... وهي تدرك أنها تركب الموجة فقط، طالما أن الصندوق الحر حجمها وصنفها في خانة من لا يستمع إليه أو يؤخذ برأيه؟ وشخصيا أستغرب حينما أستمع لرئيس حزب يمارس ترباندو الرصيف ويتاجر في الخردة ويحرق جيوب المواطنين ويخاف الصندوق حتى داخل حزبه، حين يرافع لصالح الديمقراطية ويدخل المعركة الانتخابية ويقبل بقواعد اللعبة، لكنه يشكك في نزاهة الصندوق والاصلاحات السياسية التي كثيرا ما يخرج مستفيدا منها.كما أستغرب موقف ذلك الزعيم الذي شارك في الحياة السياسية منذ المجلس الوطني الانتقالي إلى اليوم، وشارك في مقاليد السلطة ولما خرج منها أضحى يبكي على الديمقراطية ويحاول غرس ثقافة التشاؤم، فما هذه المفارقات المتناقضة يا نخبتنا التي تدعي العفة والطهارة والنزاهة وتتحاشى الخوض في الثقافة التي تغرس التفاؤل في نفوس المواطنين؟ إن المواطن مهما كانت ميولاته أو حتى مناهضته ومهما كان امتعاضه من بعض الاصلاحات التي يراها لا تخدم مشاربه، بات بالمقابل يمقت الخطب السوداوية للنخبة اليائسة، ويريد من يغذي في نفسه الأمل بغد أفضل من باب »تفاءلوا خيرا تجدوه«.