أجمع كل النقاد الذين تابعوا مباراة المنتخب الجزائري أمام نظيره الغامبي الأربعاء الفارط ببانجول، في إطار تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2013 لكرة القدم، بأن انتصار ''الخضر'' كان مستحقا في مواجهة كان يمكن أن تكون قوية وجميلة لولا رداءة أرضية الميدان، التي ربما كانت العائق الأكبر الذي حال دون تمكن '' كومندوس'' حليلوزيتش من توظيف كل إمكانياتهم الكبيرة وتسجيل انتصار عريض . لكن ما اتفق عليه النقاد ليس الانتصار فقط ولا القدرة على الحفاظ عليه ولا حتى التغلب على عائق الأرضية، ولكن أيضا عودة الروح القتالية لتعدادنا الوطني، الذي لعب لأول مرة ومن البداية بهدف الفوز بل والإصرار على تحقيقه حتى وهو منهزم، وهي الروح التي كانت سائدة قبل مونديال .2010 وعودة الروح في مثل هذه الحالة تعني الكثير، لا سيما وأن منتخبنا كان في حاجة إلى انتصار خارج الديار وفي مثل هذه الظروف الصعبة وبصرف النظر عن قيمة الخصم إن كان ضعيفا أومتواضعا أو حتى في طور النشأة، وهذه النقطة الإيجابية يوعزها أغلب النقاد إلى العمل البسيكولوجي الذي اعتمده المدرب حليلوزيتش منذ مجيئه للعارضة الفنية وتعامله الشرس مع لاعبيه، سعيا منه لفرض الانضباط داخل المجموعة، وقد رأينا كيف كانت تصريحات اللاعبين تجمع على أن العمل البسيكولوجي قد أعطى نتائجه وأن الفرديات التي تتوخى ''التكسال'' قد ذابت في المجموعة، وأن الناخب الوطني وانطلاقا من نظرته الموضوعية للأشياء، ضحى بأكثر النجوم تأثيرا على أداء المجموعة، والدليل أنه تجاهل زياني الذي يعد أحسن لاعب جزائري على الإطلاق وتناسى المدافع نذير بلحاج، وجاء بلاعبين لا نعرف عنهم الكثير انطلاقا من تجربتهم الاحترافية القصيرة في الليغا الإسبانية، على غرار فيغولي وبن طيبة كادامورو. ولأول مرة يجازف الناخب الوطني أيضا ويدفع بتعداد محترف بنسبة 99 المائة، بضمه للهاوي الوحيد وهو قلب هجوم وفاق سطيف محمد أمين عودية، الذي وظفه كرأس حربة حتى الدقيقة 86 ليعوض فيما بعد بالعائد عبدالقادر غزال لاعب ليفانتي الإسباني، ومثل هذا الاختيار لا يمكن أن يجادله فيه أحد، طالما أن الأداء فوق الميدان كان مقبولا وأن الانسجام كان حاضرا، خاصة وأن عودية حارب كبقية زملائه وتعويضه تم فقط لأسباب تكيتكية، بإعتبار أن غزال كان بإمكانه أن يلعب في أي مركز بما في ذلك الدفاع ولياقته البدنية الهائلة تؤهله لإمتصاص حماسة خصومه. ويتفق النقاد أن عودية قد يريح مدربه مستقبلا، لكن على هذا اللاعب أن يصقل قدراته أكثر فأكثر برفع حجم العمل مع ناديه وفاق سطيف. فيغولي الاختيار الأفضل أما اللاعب سفيان فيغولي نجم فالنسيا الإسباني؛ فقد اجتاز من جهته أول اختبار رسمي له بألوان المنتخب الوطني، إذ أن ظهور هذا اللاعب في هجوم '' الخضر'' أساسيا ولأول مرة، قد أعطى الإضافة التي بحث عنها المنتخب الوطني مطولا في أدغال إفريقيا، كما أن حسه التهديفي مكنه من اقتناص كرة مرتدة وسط دفاع نائم في منطقته، ليعطي بذلك الانطباع على أنه العصفور النادر الذي افتقدناه منذ أن اختفى جيل ماجر وبلومي ومناد وعصاد، وربما تحسب هذه النقطة الإيجابية للمدرب حليلوزيتش الذي وضع فيغولي تحت المجهر واقتنع بمستواه في فترة وجيزة جدا. وربما تكفي الإشارة إلى ما قاله فيغولي في نهاية اللقاء، لنتأكد بأن اللاعب سعيد بتجربته، حين صرح للصحافة ببانجول ''أن هذا الفوز هدية للجمهور الجزائري وإنني في قمة السعادة بعد أن شاركت في هذا الانتصار، وأعد الجمهور الجزائري بمزيد من الأهداف والتألق في المباريات القادمة''. لكن من الخطأ القول إن هذا الانتصار الذي تحقق في بانجول، قد غطى على كل سلبيات الماضي، أو أن الاختيارات التي اعتمدها حليلوزيتش هذه المرة، ستكون الوصفة المثلى لعلاج ما استعصي علاجه من قبل، لأن واقع المرحلة المقبلة يتطلب المزيد لمواصلة إعادة تأهيل المنتخب الوطني ليكون جاهزا لما هو أصعب ابتداء من شهر جوان المقبل، في ظل كثافة الرزنامة الإفريقية، حيث تنطلق التصفيات المؤهلة لمونديال البرازيل 2014 والتي تتزامن مع مواصلة تصفيات كأس إفريقيا للأمم ,2013 ودون شك فإن هناك رؤية أخرى، وعلى الذين يراهنون على ما كشفت عنه مباراة غامبيا أن يتريثوا قليلا في أحكامهم لأن المنتخب الوطني - دون شك - سيكون في حاجة للمايسترو زياني وللمدافع نذير بلحاج ولبعض المحليين الذين ينتظرون فرصتهم كغيرهم من الذين إلتزموا كرسي الاحتياط.