''معا للحد من مجازر الطرقات''... إنه الشعار الذي اختارته جمعية الأمل لذوي الإرادة القوية لباب الوادي، بالتنسيق مع الاتحادية الجزائرية للرياضات الميكانيكية، لإطلاق الرالي الانضباطي الثالث، مؤخرا، من ملعب فرحاني نحو ولاية بسكرة على مسافة 434 كلم، في أجواء من المنافسة القانونية، حيث حرصت الاتحادية على مراقبة أجواء الرالي ومدى احترام السائقين ومساعديهم لقوانين الكتاب الأحمر الذي حمله كل متسابق بيده، هو سباق من نوع خاص، أراد من خلاله أصحاب العزيمة القوية إظهار مدى قوة هذه الشريحة في مساعدة الأصحاء على الإبقاء على صحتهم، من خلال سبل تعلم السياقة الصحيحة. من ملعب فرحاني، انطلقت السيارات ال 30 المشاركة في الرالي الثالث الانضباطي، بحضور السلطات المحلية وممثلي المديرية العامة للأمن الوطني، التي أعطت إشارة الانطلاق، بالتنسيق مع الاتحادية الوطنية للرياضات الميكانكية، حيث كان ''الكرومومامتر'' في يد السيد بقار، مدير الرالي الذي أطلق المتنافسين الواحد تلو الآخر، حسب القرعة التي أجريت في الليلة التي سبقت الرالي. انطلقت المنافسة بين الأصحاء والمعاقين للتأكيد على أن السائق أيّا كانت صفته ذكرا أو أنثى، صحيح بدنيا أو معاقا، لابد أن يتحلى بالأخلاق الفنية للسياقة، وهو الأمر الذي جعل السباق يحمل الكثير من المقاييس العالمية، وقد وجد المتسابقون راحة نفسية كبيرة على طول الطريق، بسبب التغطية الأمنية الكبيرة التي ضمنتها وزارة الداخلية، علاوة على سحر الطبيعة، حيث سلك المتسابقون طريق طابلاط الجذابة ذات الرداء الأخضر بمختلف درجاته، اعتمادا على الإشارات والطريق المرسوم على الكتاب الأحمر الذي لم يهمل كبيرة ولا صغيرة في تفاصيل الطريق، على غرار التذكير بإشارات المرور ومدلولاتها، خاصة الشائعة في الطرق السريعة، حتى يكون السائق على اطلاع تام بكل العقبات التي تعترض طريقه، مع تحديد السرعة القصوى ب 75 كلم في الساعة، كما عملت الاتحادية الجزائرية على مراقبة مدى احترام السائقين لهذه القواعد في نقاط عديدة، حيث انتشر المراقبون في المدن والأماكن، وقد عمل المتسابقون من جهتهم، على احترام قواعد المرور، من خلال السير على المخطط الذي حمل خريطة الطريق المؤدية للمكان المطلوب في المرحلة الأولى إلى بوسعادة، ثم المواصلة إلى قلب مدينة بسكرة، حيث كانت إشارة الوصول في انتظار احتضان أول المتسابقين، والتي سجلها السيد محفوظ لجوي، عضو بجمعية الأمل، ليتواصل تدفق المشاركين الواحد تلوي الآخر، بحضور عناصر الأمن الوطني الذين قدموا الكثير من التشجيعات للمشاركين. أعضاء الجمعية المرافقين للرالي عبر الحافلة، وصفوا الرحلة بالرائعة والمميزة جدا، حيث كان للجمال الرباني للطبيعة العذراء سحره في النفوس، فمن جمال جبال وغابات تابلاط التي تنبض بالحياة، مرورا بصور الغزلان وسيدي عيسى، إلى جاذبية بوسعادة ذات التضاريس الصحراوية التي توقف بها المتسابقون، لاسترجاع الأنفاس إلى الجمال الفتان لبسكرة، التي جمعت بين الجبال البركانية الصحراوية والخضرة في تضاريسها، حيث أكد لنا الكثير من أعضاء الجمعية أن الرالي، زيادة على كونه توجيهي وأخلاقي، استفاد الأعضاء من رحلة أنستهم ضغط الحياة والضوضاء. وأهم ما ميز الرالي، روح الأخوة التي تجمع أعضاء الجمعية الذين ألفوا تقاسم كل شيء، بداية من الألم إلى الأمل الذي تحمله الجمعية شعارا لها، حيث يعكف كل فرد على القيام بواجبه التنظيمي أو مساعدة الأخر، فجازية مصورة الجمعية التي جاءت رفقة والدها، خلدت صورا رائعة للرالي، ولعبت خالتي شريفة دور الأم الرؤوف، إلى جانب حرص مليكة على متابعة أدق التفاصيل، رغم التعب الذي كان باديا عليها، مع وقوف حيزية رئيسة الجمعية على كل كبيرة وصغيرة لإسعاد الفريق الذي يحترمها ويقدرها كثيرا، فرغم الإمكانيات المادية البسيطة للجمعية التي تستحق الكثير من التشجيع والمساعدة، إلا أنها استطاعت أن تسجل حضورا في المناسبات وغيرها لإسعاد المعاق. محاضرات وتوزيع الهدايا اليوم الثاني من أيام الرالي شهد حفل توزيع الكراسي والعصي، بدار الثقافة، من طرف جمعية الأمل على معاقي بسكرة، بحيث صنع الحدث بهجة وفرحة كبيرة لدى العائلات والأفراد، كما شهد أيضا مداخلات مختلفة، منها مداخلة الدكتور بشة، أخصائي في الوقاية لدى الاتحادية، ومداخلة الدكتورة لويزة برايس، طبيبة لدى الأمن الوطني جاءت رفقة كل من سائق سيارة الإسعاف سمير حنيش والممرض فريد حنان، لتقديم المساعدة لأفراد الجمعية والمتسابقين، ومداخلة عميد الشرطة مراد حول ميكانزمات وسبل الوقاية من حوادث المرور. وقد أشارت الدكتورة برايس في مداخلتها حول القواعد الأساسية في الحالات الاستعجالية، إلى كيفية الإنذار والحماية وطريقة الإسعاف، وحول مداخلتها قالت ل''المساء'': لقد حاولت أن أقدم بأسلوب بسيط مفهوم لدى الجميع، كيفية مساعدة الآخر في الحالات الاستعجالية، على غرار حوادث المرور أو حوادث المنزل، وكيفية حماية الضحية، الشهود وممتلكات الضحية لتفادي ما بعد الحادث، وهي الأمور التي تستوجب وضع إشعارات على بعد 100م من مكان الحادث، لتنطلق عملية الإندار التي يتم من خلالها الاتصال برجال الأمن أو الدرك أو الإسعاف على أن يكون الإندار مختصرا، أي ذكر مكان الحادث، نوعه، عدد الضحايا وحالتهم. أما عند الإقدام على الإسعاف، فيستوجب التأكد من 3 أمور وهي؛ حالة التنفس، الدورة الدموية والوعي، فإذا كان المصاب يعاني من صعوبة في التنفس، فيستوجب مساعدته من خلال إعانته على التنفس عن طريق الفم للفم، مع مراعاة عدم وجود عائق، مثل طقم الأسنان، مع فتح الصدرية للمرأة. أما إذا كان الإنسان في حالة صدمة قلبية، فنستعمل التهوية الاصطناعية والتدليك للقلب بتفاحة اليد، أما إذا لم يكن في وضع خطير، فيستوجب ألا نلمسه. إذا كان الشخص مصابا، فيمكننا الضغط على الجرح باليد أو نقوم بوضع شريط لإيقاف النزيف، وفي حالة الكسر، نلاحظ انتفاخ العضو، وهنا لا نحرك الضحية، أما إذا شاهدنا الدم من الأنف، الفم أو الأذن، نضع المريض على الوضعية الجانبية الأمنية، ونحرسه من الإغماء لحين وصول الإسعاف. وأشار عميد الشرطة السيد مراد بوضرسة من بسكرة، في مداخلته القيمة إلى السبل الحقيقية للوقاية من حوادث المرور، والتي بدأها بالعمل التوعوي الذي اعتبره أهم الوسائل على الإطلاق، كونه يساهم في خلق انضباط ذاتي لأفراد المجتمع، كما تحدث عن أسباب حوادث المرور التي حصرها في ثلاثة أسباب، وهي؛ العنصر البشري، المركبة والمحيط، فالنسبة للسبب الأول، قال المتحدث إن الأمور المتعلقة بالعنصر البشري تكمن في أخطاء السائق، المشاة والجانب الصحي، على غرار ضعف النظر، ضعف السمع، الأزمات العصبية، التعب، الإرهاق وعامل السن، أما فيما يخص الأسباب المتعلقة بالمركبة، فتتمثل في الاستعمال اللاعقلاني للسيارة والثقة المفرطة للسائق في المركبة الجديدة، ارتفاع مصاريف الصيانة وكذا قطع الغيار، وازدحام الطرقات، أما الأسباب المتعلقة بالمحيط، فهي مميزات الطريق وحالة الطقس، كما قدم المتحدث صورة وافية عن الآثار المختلفة لحوادث المرور ومنها؛ الآثار النفسية والاجتماعية المتمثلة في فقدان الأمن الاجتماعي بسبب السلوكيات المنحرفة، وفاة الكثير من أفراد المجتمع أو إعاقتهم وجرحهم، ومن الآثار الاقتصادية، تخريب الممتلكات والمنشآت العامة، وزيادة تكاليف الدولة في معالجة ما يترتب من حوادث. وشدد السيد العميد على ضرورة تبني بعض الجهات لعمليات التوعية المرورية، وعلى رأسها الأسرة، باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الأولى، ثم المؤسسات التعليمية انطلاقا من المدرسة إلى الجامعة، وذلك من خلال إدراج وتنظيم أنشطة للسلامة المرورية، من خلال تدريسها كمادة منفصلة أو إضافتها في المقررات الدراسية، إلى جانب دور المساجد، الجمعيات، وسائل الإعلام والأجهزة المشرفة على النقل. كما تطرق المتحدث أيضا إلى أدوار مصالح الأمن في محاربة حوادث المرور، على غرار الدور الوقائي والدور الردعي للقضاء على الظاهرة. قالوا في الرالي الانضباطي مدير السباق بقار:الرالي فرصة لضبط النفس أكد السيد بقار المدير الفني للرالي وعضو بالاتحادية الجزائرية للرياضات الميكانيكية، أن الاتحادية تبنت هذه الفكرة مند سنوات، وأن مشاركتها إلى جانب جمعية الأمل، جاءت للمساهمة في الحد من حوادث المرور التي باتت تحصد الأرواح، خاصة أن الإحصائيات المقدمة من طرف رجال الأمن الوطني والدرك حول حوادث المرور تدعو للقلق، يقول؛ ''صراحة، لقد كان مجموع المتسابقين في المستوى، فقد عمل الجميع على احترام قانون المرور، خاصة أن من بين المتسابقين، أشخاص عانوا من ويلات الحوادث، كما لم يسجل أي حادث سواء في الذهاب أو الإياب، وهذا أمر يبشر بالخير، كما عمدت الاتحادية إلى توزيع الكؤوس على كل المتسابقين، تشجيعا وشكرا لهم على المجهودات التي بذلوها. المدير الوطني للرياضة الجامعية: الرالي فضاء رياضي وتربوي رافق المدير الوطني للرياضة الجامعية، السيد مومن عبد القادر، جمعية الأمل في رحلتها الانضباطية والتربوية لمدة ثلاث أيام، وحول انطباعاته يقول؛ ''أرى أن الرالي كان موفقا، وقد استطاع القائمون عليه إيصال الرسالة للمشاهدين، من خلال احترام قانون المرور والإشارات، إلى جانب تحقيقه لجملة من الأهداف، منها خلق أجواء عائلية، احتكاك وتعارف، وهو الأمر الذي عاشه الفريق الذي تنقل من العاصمة إلى بسكرة ذهابا وإيابا، علاوة على تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من أعضاء الجمعية من التنفيس عن الذات ومشاهدة مناظر طبيعية خلابة، كما أكدت نتائج الرالي أنه لا فرق بين المعاقين والأصحاء، بدليل أن المراتب الأولى الثلاث حصل عليها المعاقون من السائقين، وهو الأمر الذي يعكس قوة التحدي لدى هذه الشريحة، كما كان الرالي فرصة أيضا لاكتشاف مناطق رائعة ببسكرة، وكان المواطن البوسعادي والبسكري على موعد مع سيارات الرالي، وهي مناظر جديدة في المنطقة، كما أرى أن هذا النوع من النشاطات يخدم الحركة الاقتصادية والسياحية. ويضيف محدثنا قائلا؛ ''الجدير بالذكر أن الهدف الأساسي للرالي هو تحسيس السائقين بمخاطر السرعة الجنونية وإرهاب الطرقات، وهو فرصة أيضا لتدريب الذات على احترام قوانين المرور، وهو نداء أوجهه لكل الشباب الجزائري للحفاظ على نفسه والآخر في ذات الوقت، كما أحيّي السيدة حيزية رزيق رئيسة الجمعية، على المجهودات الجبارة التي تبذلها في سبيل ترقية الجمعية ومساعدة هذه الشريحة. حيزية رزيق رئيسة الجمعية:كفانا من الحوادث لقد تعودت الجمعية على إطلاق الرالي الانضباطي الذي يعتبر بمثابة الدرس التربوي الذي يقدمه السائق المنضبط في صورة حضارية، تبرز فن التعامل مع المركبة التي تتحول في أي ثانية إلى وسيلة دمار تحطم صاحبها وأشخاصا آخرين معه، وفي كل سنة نسعى لتقديمه بصورة أفضل، بحيث نعمل على تدارك النقائص المسجلة سابقا، لهذا أقول؛ إن الرالي الثالث الذي حمل شعار الحد من إرهاب الطرقات كان ناجحا، إلا أن الأمر الذي أسفت له كثيرا، هو غياب السلطات المحلية ببسكرة عن الحدث الذي حضره المواطن والشرطة التي سجلت حضورا قويا، سواء من خلال المرافقة أو الأيام التحسيسية التي برمجت بالمناسبة، وهي أمور إيجابية نحن بحاجة ماسة لتكرارها، للحد من إرهاب الطرقات، ولهذا أقول؛ كفانا من الحوادث. الياس بشير منظم متسابق وعضو في الجمعية: الطرق أصبحت تلد معاقين تحدث إلينا الياس حول انطباعاته عن الرالي، في طريق عودة القافلة للعاصمة فقال؛ ''بفضل الله وتوفيقه، تمت عملية الرالي الثالث بنجاح كبير، أمضاه تضافر جهود الجميع انطلاقا من ملعب فرحاني بالعاصمة، مرورا ببوسعادة، وصولا إلى بسكرة، وهنا أود أن أوصي الشباب خيرا بأنفسهم، من خلال اتباع الأساليب الفنية في السياقة، لأن السياقة فن قائم بذاته، إلا أنها تتحول إلى خراب ودمار، إذا لم يحسن السائق التعامل مع المركبة، بحيث باتت الطرق تلد معاقين يرفضون إعاقتهم، لهذا، من الضروري عدم الثقة في السيارة، اتخاذ كل إجراءات الوقاية واحترام قانون المرور، وهنا أود الإشارة إلى أن نجم الرالي الكبير، ارتونسيا، مات في إحدى المنعرجات، لهذا فقد حاولنا من خلال الرالي إرسال رسالة للفكر، فحواها أن الحياة غالية والصحة أغلى، لذا يستوجب الحفاظ عليهما. الجدير بالذكر أن اليوم الثالث من الرالي سجل عودة الفريق في قافلة، في أجواء من الغبطة والسرور.