التراث ذلك المخزون والرصيد الإنساني الذي تبقى الأجيال تنفق منه دون الخوف من نفاده، لأنه نهر ينبغ من الإنسان وثقافته وتجربته وخبراته، ويصب في بحر الحياة ومحيطها ليعطي لها خصوصية وميزة، ألا وهي التراث، أو ما يسمى التراث الوطني، وأصبح شهر التراث عادة جميلة، حيث تخرج كل ولاية في هذا الشهر جمالها وكذا إسهامها الثقافي والتاريخي لهذا الوطن، ومن بين الولايات التي تحيي هذا الشهر ولاية تيزي وزو، التي أبت إلا أن تقدمه "ذاكرة للأجيال" حتى يكون الجسر الذي يربط بين ماضيها وحاضرها ويمتد إنجازه الى مستقبلها· على غرار الولايات الوطنية، تحيي ولاية تيزي وزو، شهر التراث، الذي تكفلت بتنشيطه وتسطير محتوياته مديرية الثقافة للولاية، وأبت إلا أن تطبعه تحت شعار "ذاكرة الأجيال"· رأت المديرية أن التقوقع في نفس المكان لا يعطي للشهر نكهته، خصوصا وأن الفصل فصل ربيع والطبيعة تضفى مزيدا من الجمال، وهذا ما جعل مديرية الثقافة تسطر في أجندتها لهذا الشهر سبع رحلات وزيارات ميدانية لأهم المعالم والمواقع التاريخية والأثرية التي تزخر بها الولاية، والتي من بينها منطقة "أزفون" و"تقزيرت"، بالإضافة الى بعض الأماكن التاريخية كمنزل عبان رمضان بمدينة الأربعاء ناث إيراثن، ومعالم دينية كزاوية "سيدي علي موسى"، وقد انطلقت هذه النشاطات مع بداية شهر التراث، والتي تبدأ في 18 من هذا الشهر وتنتهي في 18 ماي المقبل· وليس من الغريب إن قلنا أن ولاية تيزي وزو تزخر بكثير من التراث التاريخي والأثري الغني والمتنوع بمواقعه ومعالمه، التي تعود الى مراحل تاريخية متعددة تمضي إلى ما قبل التاريخ ثم تنطلق منه الى الأحقاب المتتالية، توزعت هذه المعالم على تراب الولاية، حيث يكتشف الزائر محطات ترجع الى فترة ما قبل التاريخ عبر عدة مواقع منها محافل جنائزية تعود الى فجر التاريخ "كاثرهونة" ورسومات ونقوش جدارية، وبقايا لمدن قديمة بأزفون وتيقزيرت· ومن المعروف أن المنطقة مازالت متشبثة بقيمها وخصائصها الضاربة في عمق التاريخ، كالعادات والتقاليد والمظاهر الاجتماعية المختلفة، مثل "التويزة" و"ثجماعث" التي تمثل النسيج الاجتماعي المبني على التعاون والتعاضد· أما فيما يخص صيانة وحماية هذا التراث الثقافي بولاية تيزي وزو، فقد تم الشروع في صيانة وترميم العديد من المعالم والمواقع الأثرية، التي تعد رمزا من رموزنا التاريخية، كمنزل "لالة فاطمة نسومر" ومنزل "عبان رمضان" و"برج بوغني" وموقع "تيقزيرت الأثري" و"منزل "أيت قاسي" بتيزي وزو· كما سطرت مديرية الثقافة خلال إحيائها لهذا الشهر عدة معارض متنقلة، حيث تحتضن هذه المعارض كل من بلدية "الصوامع" و "بني زمنزار" و"أقنون" و"بودجيمة" و"ماكودة" و"معاتقة"، وستحط هذه المعارض رحالها في ختام فعاليات شهر التراث بمدينة تيزي وزو، حيث لم تنحصر هذه النشاطات في هذه المعالم، بل تجاوزتها لتسطير محاضرات من قبل مختصين في علم الآثار، بالإضافة الى مشاركة المتحف الوطني باردو وديوان الحظيرة الوطنية للطاسيلي وديوان تسيير واستغلال أملاك الثقافة·