كثيرون هم الذين اهتموا بواقع الطفولة بالجزائر وسعوا لحل بعض مشاكلها والعناية بها، غير ان قلة قليلة منهم أقاموا جمعيات او شبكات فاعلة تنشط على ارض الواقع وتحقق الملموس من النتائج، ونخص بالحديث في هذا المقام شبكة ندى للدفاع عن حقوق الأطفال، التي أنشأها عبد الرحمان عرعار بعد ان أمضى أكثر من 25 سنة كناشط في الحركة الجمعوية. وحول هذه الشخصية واهم انجازاتها، عادت لكم ''المساء'' بهذا اللقاء... -''المساء'': بداية من هو عبد الرحمان عرعار؟ *عبد الرحمان عرعار: مرب متخصص وعضو قيادي بالكشافة الإسلامية الجزائرية ورئيس شبكة ندى للدفاع عن حقوق الأطفال، ناشط بالحركة الجمعوية منذ أكثر من 25 سنة، اخترت الدفاع عن هذه الفئة وحمايتها من شتى أنواع الاعتداءات التي تواجهها لأنهم بالنسية لي مستقبل البلاد... بعيدا عن كل التوجهات السياسية والطموحات الشخصية، مهمتي جمع الفاعلين من اجل تمكين كل أطفال الجزائر من التمتع بكافة حقوقهم لأنها باعتقادي مقياس تطور المجتمعات. - كيف تقيم تجربتك في مجال الدفاع عن حقوق الأطفال؟ * اختياري الدفاع عن حقوق الأطفال كان نابعا من قناعتي، وعلى الرغم من ان المشوار كان شاقا ومتعبا لكثرة المشاكل التي يعانيها الأطفال، غير أني وجدت ان متعتعي تكمن في البحث عن مصدر هذه المشاكل وإيجاد حلول لها، ولكثرة انشغالي بملف الطفولة شطبت أيام العطلة من أجندتي، حتى أني أتحاشى العطل المرضية إلا عند الضرورة القصوى، لأني على يقين ان كل ما يتعلق بالطفل مستعجل، وبالتالي ليس هنالك وقت للراحة، لا سيما وان عددا كبيرا من الناس يعلقون علينا الكثير من الآمال، من اجل هذا ينبغي ان نكون في المستوى المطلوب. - هل هذا يعني ان ما تقومون به من مجهود ينبغي ان يأتي حتما بنتائج ايجابية؟ * نحاول في كل مرة عند التكفل بانشغالات الطفل في الجزائر ان نبذل ما في وسعنا من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاولة احتواء او التكفل بالقضية التي تعرض علينا، غير ان ما أريد ان اؤكد عليه أننا كشبكة مطالبون بالعمل على تغيير واقع الطفولة نحو الأحسن ولسنا مسؤولين عن النتائج، أي ان ما يهمنا هو ما نقوم به من عمل أكثر من النتيجة المرجوة، حقيقة نتمنى ان تكون كل نتائج أعمالنا ايجابية، غير ان عملنا كشبة غير كاف، وبالتالي الوصول الى مجتمع متطور ومنظم يكفل حقوق الأطفال، ليس بالأمر الهين او السهل، لان الأمر يتعلق بمسيرة أجيال، بيد ان الأكيد أننا مستعدون لمواجهة التحديات التي تنتظرنا. - ما هي أهم الإنجازات التي يفخر بها عبد الرحمان عرعار كمدافع عن حقوق الأطفال. * اعتقد ان أهم انجاز حققته ويعد مكسبا للطفولة في الجزائر، هو انشاء شبكة ندى التي تضم اليوم 130 جمعية ممثلة ب35 ولاية، ولدينا علاقات مع العديد من المؤسسات والعائلات والجمعيات. واظن أني لو لم أكن مكونا تكوينا جيدا في إدارة مثل هذه المشاريع لما تمكنت من المضي قدما، لان تسيير كل هذه الجمعيات والإشراف على متابعة كل الملفات الخاصة بالطفولة، يتطلب الكثير من الحماس والصبر من اجل هذا انظر الى المسألة على أنها تحد. - وما نوع التكوين الذي خضعت له؟ * كما سبق وان أعلنت فأنا مرب متخصص كانت لي فرصة الإشراف على تسيير 7 آلاف متطوع لمساندة ضحايا زلزال بومرداس، اكتسبت تجربة كبيرة في مجال التوجيه والتنظيم والتأطير دون ان انسى أيضا تجربتي كمتطوع في الكوارث الطبيعية بغرداية وفيضانات باب الوادي، كل هذا أهلني لان أكون خبرة في العمل الإنساني الاحترافي أسخره اليوم في معالجة بعض قضايا الطفولة العالقة. - من خلال عملكم بالشبكة، كيف تقيمون وضع الطفولة اليوم بالجزائر؟ * تتمتع الجزائر بقدرات بشرية ومادية لتحسين وضع الطفولة، كما ان الإرادة السياسية متوفرة، ولكن للأسف تغيب الكيفيات والأفكار الحسنة في المجال، من اجل هذا ولدت شبكة ندى التي جاءت لملء الفراغ من خلال جملة المشاريع والمبادرات الجيدة التي تقترحها وتعمل على تجسيدها في الواقع لنرتقي بواقع الطفولة. كما اعتقد أيضا أننا اليوم نعيش نوعا من التقاطع بين ما هو مكتسب من حقوق ومستغل الى غاية اليوم، وبين ما هو متراكم من مشاكل تهدد هذه الحقوق، دون ان ننسى ان الجزائر مرت بالعشرية السوداء حيث كان الأطفال في مقدمة ضحاياها، ضف الى ذلك ما تطرحه الجبهة الاجتماعية والاقتصادية من مشاكل، فلو نعرف كيف نسير هذا التقاطع من خلال الحفاظ على ما هو موجود من حقوق أساسية ونحاول ان نرتقي بها ونؤسس لجبهة تهتم بمشاكل الطفولة، نصل في آخر المطاف الى تكوين محيط يؤمن الحماية المطلوبة لهذه الفئة. لا يكفي ان تتطور المجتمعات من الناحية المادية كتركيزها على تشييد المنشآت والمباني ولكن ينبغي ان نعرف كيف نستثمر في المواطن الذي يتربى بمدرسة الطفولة. - هل لعبد الرحمان عرعار أطفال؟ * طبعا فأنا متزوج ولدي ثلاث بنات والحمد لله. - كم تخصص من الوقت لبناتك؟ * ترؤسي الشبكة جعلني اطلع على الكثير من المشاكل التي يعانيها الأطفال ما صعب علي مهمة التربية، خاصة واني لا املك الوقت الكافي لأتفرغ لمراقبة ومتابعة بناتي، رغم أني اجتهد حتى لا احرمهن من هذا الحق، واقف في كثير من الأحيان لألوم نفسي على تقصيري، ولكني إذا ما وازنت الأمور اقتنع ان العمل الناجح والجاد يستحق التضحية. - هل من كلمة أخيرة؟ * أتمنى الخير كل الخير لجزائرنا البيضاء، كما أتمنى ان تزول كل المظاهر التي تعيق سعادة الأطفال، فكل طفل ينام ليلة واحدة خارج البيت يهمني أمره ويؤلمني حاله.