دافع عن الحق والعدل، كافح الجهل وحارب الضلال والعصبية بنفس الحدة التي حارب بها الاستعمار، ساهم في زرع الوعي الديني السليم، رفض بيع ذمته ودينه حينما طلب منه تغيير توجهه الثوري أو الرحيل نحو مصر أو تونس فكان رده "لن أغادر وطني الجزائر، هنا يموت قاسي، لئن أقطع إربا إربا في ساحة الجهاد خير لي من أن أموت على سرير من ذهب في أرض الفرار، لو فررنا نحن العلماء من ساحة المعركة فمن سيبقى فيها؟! ماذا نقول لله ورسوله وصحابته الكرام يوم نلقاهم؟ كيف سنرفع رؤوسنا أمام العالم إذا فر علماؤنا؟ وماذا سنقول للأجيال اللاحقة يوم الزحف؟"· إنه العلامة الشيخ العربي التبسي الذي قال فيه الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله في مجلة الشهاب "الشيخ العربي التبسي يعتبر نعمة أنعم الله بها على تبسة"· هو العربي بن بلقاسم بن فرحات الجدري والدته منة بنت عبيد، وقد كان مولده في سنة 1891 بدوار سطح قنتيس بالجنوب الغربي لولاية تبسة الذي أصبح الآن بلدية تابعة لدائرة عقلة قساس، توفي والده وهو في السنة السادسة من عمره فتزوجت والدته من عمه الذي رعاه بحنانه وعوضه فقدانه لأبيه، اشتهر بلقب الشيخ العربي التبسي، تدرج في تعلم أصول اللغة وحفظ القرآن من زاوية أولاد رشاش بمنطقة الزوي بولاية خنشلة، زاوية خنقة سيدي ناجي ببسكرة، جامع الزيتونة بتونس وفي سنة 1915 تحصل على شهادة التحصيل· بعدها توجه إلى مصر متخفيا في إحدى البواخر الفرنسية سنة 1919 حيث نزل بميناء الإسكندرية ليلتحق بالطلبة المغاربة بجامع الأزهر وفي سنة 1927 تحصل على شهادة العالمية الكبرى، ليعود من مصر إلى أرض الوطن ويقوم بالتدريس بمدرسة التهذيب للبنين والبنات بتبسة، تقلد مناصب عديدة أهمها عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، نائب رئيسها ثم تولى رئاستها بصفة رسمية في الفترة بين 1952 1956 ، كما امتهن تجارة المواشي كباقي الشباب بعرشه حيث كانت تجارة المواشي مصدر الرزق الوحيد آنذاك· وقد كانت للشيخ العربي التبسي مواقف لم ولن تنساها فرنسا أبدا حيث رفض مقترحات وإغراءات كل من لاكوست وديغول لتغيير موقفه حيال الاستعمار الفرنسي وفضل العمل على قيام الثورة بالفتوى في سبتمبر 1954 ليتم اختطافه من بيته بتاريخ 04 أفريل 1957 حيث أخضع للاستجواب والتعذيب وأعلن عن استشهاده ولا يعلم أحد شيئا عن مكان قبره·