اختارت الجزائر أن تحيي خمسينية استرجاع سيادتها الوطنية من نفس المكان الذي تجرأت فرنسا الاستعمارية ودخلت منه إلى الجزائر في جويلية1832، ففي هذا المكان الرمز أطلقت، أمس، الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد احتفالاتها المخلّدة لهذه الذكرى التي أشرف عليها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي شارك أبناء وطنه من مختلف الأجيال نشوة الانتصار وفرحة تجديد العهد على أن تحيا الجزائر، وكانت ملحمة "أبطال القدر" المحطة الفنية التي جمعت بين التاريخ والإبداع وتزيّن بها ساحل البهجة، وزادها بهاء الألعاب النارية التي أضاءت التباشير الأولى من يوم الخامس جويلية 2012. هذا العمل الملحمي الذي تابعه رئيس الجمهورية، سهرة أمس، من مسرح الهواء الطلق بالكازيف سيدي فرج، بمعية كبار المسؤولين في الدولة وكذا السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر إضافة إلى أصدقاء الجزائر، وقّعه الفنان العالمي عبد الحليم كركلا، الذي ألف الإسهام في أفراح الجزائر، على غرار احتفالات خمسينية الثورة المظفرة في 2004 وتتويج تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية في 2011، وأشرفت على إنجازه وزارتا الثقافة والمجاهدين، وقد أوكلت مهمة تقديم العرض للموسيقار اللبناني عبد الحليم كركلا. «أبطال القدر" تروي بطولة شعب قهر الصعاب من أجل العيش في كنف الكرامة والحرية على مدار أكثر من ساعة وخمس وأربعين دقيقة من الزمن، وكان هذا العمل الملحمي -الذي بدأ من الحاضر في مشهد طرح أستاذ سؤالا لطالب حول إنجازات الجزائر، ثم يعود إلى الزمن الماضي، وقد جعل من اتفاقيات ايفيان منطلقا للتطرّق لمراحل البناء والتشييد وتكريس إنجازات الدولة على مدار خمسين سنة في أسلوب أصيل يعكس الهوية الجزائرية- بمستوى عال جدا من الإبداع الفني المستقى من التراث الجزائري، إذ لم يعتمد كركلا على الأغاني أو الرقص بل اتّخذ من مسرحية التراث الجزائري مصدرا لعمله بالإضافة إلى استعانته في كتابة النصوص بتاريخ البلاد ومن خطابات رؤساء الجزائر وكلام الشعب والشهداء ومجموعة من الشعراء. كركلا الذي كتب النص من وحي الجمل التي نطق بها الرؤساء والشعب، بكلّ ما تحمله من الماضي الجزائري، باستثناء قصيدتين كتبهما شاعر لبناني إحداهما مهداة إلى رئيس الجمهورية بعنوان "لبسوا الليل"، أشار في تصريحات سابقة، إلى أنّ هذا العرض يمسح الفترة التاريخية الممتدة بين اتفاقيات إيفيان وما تلاها من سنوات التشييد والبناء مرورا بالعشرية السوداء إلى غاية الألفين، مؤكّدا أنّه يفتحر بهذا العمل على مستوى المسارح العالمية، وقد وجد في المواهب الجزائرية مادة خام لبلورة إبداعه كفنان، وأوضح أنّه يكرّس لنضال الشعب الجزائري الذي أشعل ثورة اتّخذت منها شعوب العالم مثالا ونموذجا على مدار أجيال.وللوصول إلى النتيجة المرجوة، استعان الديوان الوطني للثقافة والإعلام –منتج الملحمة- بفريق إيطالي لتغطية الجانب التقني، وبلغ عدد المشاركين في العمل الفني 800 عنصر، منهم 500 فنان من مختلف ولايات الوطن، منهم ممثلون ومطربون وراقصون من البالي الوطني وراقصو هيب هوب، بالإضافة إلى فرق فلكلورية. وبلغ عدد المنظمين والتقنيين والمهنيين 300 فرد، كما وضع في خدمة القائمين على العرض إمكانات كبيرة وهامة.وحسب المنظّمين فإنّ ملحمة "أبطال القدر" ستعرض من 4 إلى7 جويلية بمسرح الكازيف، ثم تنتقل إلى مدن وهران، قسنطينة وباتنة بمعدل ثلاثة عروض في كلّ مدينة.