تعد عائلة غوبالي واحدة من أقدم العائلات المعروفة بصناعة الحلي التقليدية في ولاية الشلف، توارثت هذه الحرفة أبا عن جد منذ ثلاثة أجيال، ووسط هذه العائلة الحرفية، وٌلِدت مليكة التي أحبّت الحرفة منذ نعومة أظافرها، غير أنها اختارت على خلاف إخوتها، التّخصص في الحليّ الفضية دون الذهبية لغاية في نفسها، وهي تعريف المجتمع الجزائري بخصوصية الحليّ الفضية الشّلفية التي قالت إنها لا تزال مجهولة في ظل الاعتقاد السائد بأن الحلي الفضية من اختصاص منطقة القبائل فقط. التقت “المساء” بالحرفية مليكة بمعرض إبداعات المرأة، حيث كانت تجتهد في تعرف الجمهور الذي شدته إبداعاتها، على غرار المحزمة، الخلخال، “مناقش المنشار” و«خاتم الربيع” بخصوصية الحلي الفضية الشلفية. وعن حكاية مليكة مع الفضة قالت؛ “ما أعرفه هو أن عائلة غوبالي امتهنت صناعة الحليّ الفضية والذهبية على حد السواء، إذ تعد من أقدم العائلات المعروفة بهذه الحرفة في الولاية، وبحكم أنني ولدت وسط هذه العائلة الحرفية، كنت كثيرة الاحتكاك بوالدي الذي كان يبدع في صنع الحلي التقليدية التي تتزين بها المرأة في الأيام العادية، في المناسبات والأعراس، كبر بداخلي حب هذه الحرفة ووجدت نفسي أحترفها من دون سابق إنذار، غير أنني كنت أميل إلى الحليّ المصنوعة من الفضة أكثر من تلك المصنوعة من الذهب، فقررت التّخصص في الحلي التقليدية المصنوعة من الفضة، بينما اختار إخوتي الذكور التّخصص في الحلي المصنوعة من الذهب. مَيْل الحرفية مليكة إلى الفضة لم يكن عبثا، وإنما نابع من إيمانها ببعض المعتقدات السائدة التي قالت إنها توارثتها عن السلف من الذين كانوا يفضلون الفضة على الذهب، كون هذه الأخيرة تحمي صاحبها من العين والحسد، كما أنها مفيدة بالنسبة للأشخاص المصابين ببعض الأمراض، على غرار الروماتيزم، ولا تتسبب لمن يلبسها في أي حساسية. هذا من جهة، ومن ناحية أخرى، تبرّر الحرفية مليكة سبب تخصصها بالحليّ التقليدية، كونها تؤمن برسالة تسعى لتبليغها لعامة الناس، حيث قالت؛ “لا تزال الحليّ التقليدية الفضية الشلفية مجهولة لدى الكثير من أفراد المجتمع الجزائري من الذين يسود لديهم الاعتقاد بأن ولاية الشلف لاتنفرد بنوع معين من الحليّ الفضية، وأن الفضة من اختصاص سكان القبائل، “أسعى من خلال المعارض التي أشارك فيها إلى تصحيح بعض المعتقدات الخاطئة حول الحليّ التقليدية بولاية الشلف، إذ أن الولاية معروفة منذ القدم بنوع معين من الحليّ الفضيّة التقليدية التي تتمتع بخصوصية لا نجدها بباقي الحلي الفضية في الولايات الأخرى، ومنها أن الحلي الفضية الشلفية تتميز بالبساطة، حيث تُلبس في الأيام العادية وتنفرد بكونها خفيفة، خالية من الألوان ولا نستعمل فيها الأحجار، لأننا نميل دائما إلى إبراز مادتها الخام الفضية لتحقيق المنافع الصحية، ويظهر جمال الفضة في صفائها، ولعل هذا من أكثر نقاط الاختلاف عن الحلي الفضية القبائلية التي تتميز بكثرة الألوان، ويعتمد في تزينها على الأحجار. وحول ما إذا كانت الحليّ الفضية التقليدية الشلفية تلقى رواجا في الولاية، جاء على لسان محدثتنا أن سكان ولاية الشلف يميلون إلى التزيين بالحلي الفضية، كونها عملية وبسيطة، خاصة مع الغلاء الذي تعرفه الحلي الذهبية، ولعل من أكثر الأنواع التي لا تزال رائجة في مجال الحلي الفضية التقليدية الشلفية، تلك التي تصطحبها العروس معها وتمثل واحدة من التقاليد الشلفية، تذكر محدثتها منها؛ الرديف، العصابة والخلخال، إذ تلتزم العروس الشلفية بالتزيين بها لحظة خروجها من بيت أهلها، وهو تقليد لا تزال العائلات الشلفية تحافظ عليه إلى حد اليوم. وفي الأخير، تتمنى الحرفية مليكة غوبالي أن تتمكن من التعريف بالحلي الفضية الشلفية، وأن يتسنى لها الحفاظ على حرفة الأجداد.