تتميز المائدة السطايفية بفسيفسائها خلال الشهر الفضيل، فرغم الاختلاف الطفيف بين الأماكن، إلا أن ربات البيوت يجتهدن في إعداد طبق الشوربة أو “الحسوة” السطايفية، التي تحضر”بالفريك” الذي يتم جلبه مبكرا من طرف ربات البيوت، بغرض تجفيفه وتمليحه لاستعماله خلال الشهر الكريم، خاصة بالمناطق الجنوبية للولاية، إلى جانب البوراك والحميس اللذين يعتبران رئيسيين، فلا يكاد يخلو أي بيت منه، وهو ما نلاحظه لدى العائلات السطايفية بفسيفسائها الفنية في الطبخ، على غرار حضور الأطباق القبائلية، الشاوية والجيجلية. كما انتشرت في السنوات الأخيرة تجارة الحلويات المشرقية والشامية منذ مشاركة فريق وفاق سطيف في الكأس العربية وانتقال أحد السوريين مع الوفاق إلى سطيف، حيث افتتح مطعم “مشاوي حلب” الذي أصبح المكان المفضل للسطايفية في السهرات الصيفية والشتوية، وفي مقدمتها “صبيعة لعروس الشامية، والنوڤا” وغيرها من المُقبلات، تلك الحلويات التي تتسع رقعة عرضها على مستوى محلات وطاولات البيع في رمضان وتعرف إقبالا متزايدا لتجتمع عليها العائلات في السهرة، وهي تتربع المائدة وسط الشاي ومختلف العصائر، لاسيما وأن رمضان هذه السنة اقترن بالحر الشديد. وفي هذا الصدد، تحدثنا إلى إحدى العجائز التي قالت؛ “إن رمضان في سطيف لا يختلف عن باقي ولايات الوطن، إلا أن ميزة المائدة السطايفية شوربة الفريك، البوراك وطاجين الحلو بالهرماس. أما ما يطبع السهرة، فهو صلاة التراويح والتوافد الكبير للمصلين على المساجد بسطيف، كما يكثر التصدق على العائلات الفقيرة في إطار التراحم الذي يتطلبه الشهر الكريم، وهكذا دواليك إلى غاية مفارقة الضيف العزيز”. ولا ينكر الكثيرون افتقاد العائلات السطايفية، مع مرور السنين، للكثير من العادات والتقاليد التي كانت تصاحب يوميات رمضان، مثل بعض الأكلات الشعبية التي كانت تميّز الشهر الكريم بسطيف، على غرار أكلة “المسفوف” التي كان يحتضنها كل بيت عند السحور، وهو كسكسي مدهون بالزبدة يُضاف إليه الزبيب والسكر، كما غابت حلوى “النوقة” أيضا عن المائدة السطايفية، تاركة مكانها للحلويات الشرقية التي يقتصر استهلاكُها على أصحاب الدخل الجيد فقط نظرا لغلائها، على عكس “النوڤة” التي كانت تميز محلات بيع الحلويات بكل من “لقواس”، “طانجة”، “البرقاي”، وغيرها من أحياء سطيف العريقة. التغيّر في المجتمع السطايفي شمل حتى العلاقات الأسرية، فبعدما كانت سهرات رمضان تميزها كثرة التنقلات بين الأقارب والجيران بعد الإفطار للسهر وتبادل أطراف الحديث، أصبحت هذه السهرات خالية من تبادل الزيارات بفعل متابعة العائلات المسلسلات العربية على الفضائيات، إلا أن المساجد لا تزال تعجُّ بالمصلين المحافظين على صلاة التراويح.