عادت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمس الى المنطقة العربية في رابع زيارة لها منذ انعقاد مؤتمر أنابوليس للسلام نهاية شهر نوفمبر الماضي· وحلّت رئيسة الديبلوماسية الأمريكية بفلسطين المحتلة بهدف دفع عملية السلام المتعثرة وفي أقل من أسبوعين من زيارة وصفت ب" التاريخية" ينتظر أن يقوم بها الرئيس جورج بوش لنفس الأهداف· ورغم أن البيت الأبيض الأمريكي ما إنفك يؤكد عشية كل زيارة لكوندوليزارايس الى المنطقة أنها تهدف الى تقريب وجهات النظر بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ولكن المفارقة أن زيارات رايس كانت كلها نذير شؤ م على الفلسطينيين اذ تتعمد ادارة الاحتلال على تأزيم الوضع والقيام بأبشع المجازر في حق المدنيين الفلسطينين· والمفارقة أن كوندوليزا رايس التي تحل بالمنطقة ببذلة الوسيط الحيادي تغلبها عاطفة الانحياز الى جانب ادارة الاحتلال وتفضحها مواقفها المدافعة في كل مرة على اسرائيل رافعة في كل مرة ذريعة " حقها في الدفاع عن مواطنيها من ضربات صواريخ القسام الفلسطينية ولكن رايس لا يهمها في ذلك اذ سقط الرضع والأطفال والنساء الحوامل والمهم بالنسبة لها أن يلقى الفلسطينيون العقاب المناسب رغم أن ذلك لا يخرج عن دائرة ارهاب الدولة الذي تمارسه ادارة الاحتلال جهارا نهارا دون أن تلقى حتى التنديد من الولاياتالمتحدة راعية عملية السلام· ويطرح متتبعون بشأن مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية نتيجة لذلك عدة تساؤلات حول طبيعة الدفع الذي تعطيه وزيرة الخارجية الأمريكية لعملية سلام معطلة أصلا منذ ثماني سنوات؟ وهي أسئلة تطرح بعد خيبة الأمل التي اصيب بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب النتائج الهزيلة التي عاد بها من زيارته الأخيرة الى الولاياتالمتحدة ولقائه بالرئيس جورج بوش· وكان الرئيس الفلسطيني عاد الى رام الله قبل أسبوعين خالي الوفاض بعد ان لاحظ عدم تحمس من الرئيس الأمريكي لتلبية مطالب اعتقد أنها اساسية لتفعيل العملية السلمية بعد ان طالبه بالضغط على اسرائيل لوقف الاستيطان والمداهمات الفكرية وتهويد القدس الشريف والحدود الدولية ومصير اللاجئين والأسرى· ويبدو أن ادارة الرئيس الأمريكي والرئيس جورج بوش تحديدا أصبح يتقزز من عبارة ممارسة ضغوط وخاصة اذا كانت على حليفه الاستراتيجي في المنطقة العربية· ولذلك فان الرئيس جورج بوش سيحل بالمنطقة منتصف هذا الشهر وليس معه أي ورقة لدفع لمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية باتجاه الأمام وهو الذي تعهد خلال مؤتمر أنابوليس بتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة قبل رحيله عن البيت الأبيض جانفي القادم· وهو رهان يتأكد من يوم لآخر استحالة تجسيده ميدانيا ليس لأنه مستحيل التحقيق ولكن بسبب انعدام الارادة الصادقة من الرئيس بوش نفسه للايفاء بتعهده اذ يكفيه الضغط قليلا على ادارة الاحتلال لارغامها على إبداء جدية في مفاوضاتها مع الفلسطينيين من أجل الحسم في قضايا الوضع النهائي الكفيلة بتحقيق التقدم الذي ينشده الجانب الفلسطيني ولكن دون جدوى· ومهما كانت المعطيات التي تسبق زيارة جورج بوش فان العملية السلمية محكوم عليها الانتظار الى غاية حلول العام القادم وقدوم الرئيس الأمريكي الجديد الى البيت الأبيض لمعرفة مدى استعداده لحسم الأوضاع في المنطقة من منطلق أن ملفا ساخنا ومعقدا بنفس تعقيدات النزاع في الشرق الأوسط لا يمكن تسويته خلال أشهر والأكثر من ذلك من طرف رئيس أصبح يعد أيامه في المكتب البيضاوي يوما بيوم · وأيضا بقناعة أنه لو كان صادقا في مساعيه لما انتظر المنعرج الأخير في عهدته لإيهام الفلسطينيين باقامة دولتهم!·