يشارك الفنانون التشكيليون زليخة بوعبد الله، عبد الله بن عنتر ويزيد أولاب، في فعاليات معرض الفن المغاربي المعاصر الذي تحتضنه مدينة أصيلة المغربية حتى 30 أوت الجاري، تحت شعار “آفاق متقاطعة” في إطار الدورة الرابعة والثلاثين للمهرجان الثقافي الدولي لأصيلة، بمشاركة 18 فناناً مغاربياً، من مؤسسي الحداثة، يقدّمون أعمالاً فنية إلى جانب أعمال فنية أبدعها فنانو الجيل الجديد. وقال منظّم المعرض، إبراهيم العلوي، في تصريح تناقلته عدد من المواقع الإخبارية، أنّ المشهد الفني المغاربي يشهد فورة كبيرة ورغبة قوية في التعبير في السنوات الأخيرة، حيث يقدّم الفنانون رؤاهم الشخصية في الفن، ويشمل المعرض أعمال هؤلاء الرسّامين من المغرب، الجزائر وتونس، ممن تعكس أعمالهم اختيارات جمالية وتقنية مختلفة، وتحيل إلى أجيال فنية متعاقبة في البلدان الثلاثة. يشارك في هذا المعرض إلى جانب الفنانين الجزائريين الثلاثة، مليكة أكزناي، صفاء الرواس، منير الفاطمي، إدريس الوضاحي، جمال طاط، محمد المرابطي، أمينة بنبوشتى، محمد المليحي، فريد بلكاهية ومحمد الباز، من المغرب، بينما تحضر تجارب الفن التشكيلي التونسي من خلال كلّ من أمل بنيس، مريم بودربالة، نيسين قنسنطيني، درة دويب وعبد الرزاق سهلي. وتشكّل هذه المبادرة حدثا فنيا بالغ الدلالة، لأنّها تتيح للمرة الأولى للجمهور، الاستمتاع ببانوراما من الفن المعاصر بالمغرب العربي، واستكشاف الروابط القائمة بين فناني الستينيات من مؤسّسي الحداثة في البلدان المغاربية، وفناني الجيل الحالي، على صعيد الرؤى والأدوات التعبيرية، وهذا التقاطع بين الجيلين يوثّق لمسار تجارب مؤسّسة رائدة عرفت كيف تجدّد نفسها، وفي نفس الوقت، تستثمر معين الموروث الثقافي الأصلي، على غرار المغربيين بلكاهية والمليحي والجزائري بن عنتر، إلى جانب أعمال إبداعية تجديدية مبتكرة للأشكال تعبّر عن أصوات واقع المجتمع الحالي، مثل المغاربة محمد المرابطي، أمينة بنبوشتى، صفاء الرواس والتونسية نيسين قسنطيني، إضافة إلى أسماء واعدة في بلدان المهجر، تقيم روابط ثقافية وعاطفية بين ضفتي المتوسط ويمثّلها فنانون مثل التونسيتين آمال بنيس ومريم بودربالة والجزائرية زليخة بوعبد الله والمغربيين محمد الباز ومنير الفاطمي وادريس الوضاحي. يتيح المعرض رصد الخصائص الإبداعية المستقلة لهؤلاء المبدعين وفي نفس الوقت الوقوف على انتمائهم الأكيد لمدار التشكيل المعاصر بسماته الكونية، وكذلك تقاطعاتهم الفنية، إذ يجسّد المعرض تجارب مغاربية متنوّعة، في تلمّسها لطرق الحداثة المختلفة، كما يؤكد محمد بن عيسى، أنّ “هذا المعرض يعتبر شاهداً على مساهمة هؤلاء الفنانين في بناء المغرب العربي الثقافي، أولاً من خلال هؤلاء الرواد الذين عرفوا كيف يجددون مع استغلال جذورهم الثقافية، وثانياً من خلال الفنانين المعاصرين الذين أعادوا التفكير في الحداثة وقاموا باختراع وسائل تعبير جديدة”. وقد عكف الفنانون المغاربيون منذ الستينيات على التفكير بشكل جوهري في سبل جديدة كفيلة بالوصول إلى الحداثة، من خلال طرحهم لنقاط استفهام حول الهوية والعلاقة مع الآخر، ويعتبر هذا النهج الذي سلكوه انعكاساً للنضال ضدّ الاغتراب الثقافي الذي قاده فرانز فانون والذي يحض في ذلك الوقت الفنانين من العالم الثالث على تحرير أنفسهم من خلال التشكيك في الإرث الاستعماري والطابع العالمي المفترض لثقافة المستعمر. وفي السبعينيات، انطلق التعبير التجريدي في الرسم، ما أدّى إلى لقاء هذا الفن بالفن الحديث العربي والغربي، لقد سمحت كافة التجارب الفنية بالمغرب العربي للمبدعين بصياغة أجوبة جمالية مفتوحة لجميع أشكال الحداثة، مستلهمين ذلك من إمكانات الجذور المتعددة والمتنوعة.