اختارت غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية الجزائر «الحلي التقليدية» موضوعاً لصالونها الوطني في السنة الجارية، بعد أن خصصته للسيراميك العام الماضي. وبقصر الثقافة جمعت أهم الحرفيين في هذا المجال الذي حافظ على أصالته وخصوصيته الجزائرية، بالرغم من المنافسة الأجنبية الشديدة وكذا تأثيرات العصرنة والتغيرات في الأذواق. ويسعى منظمو التظاهرة التي تمتد من 26 أوت إلى الفاتح سبتمبر المقبل لتثمين هذه المنتجات وكذا إبراز المهارات الفنية التي يتمتع بها حرفيون جزائريون من 15 ولاية اختاروا الحفاظ على موروث حضاري ضد كل التيارات المضادة، لاسيما وأن هذه المهمة لاتبدو سهلة في ظل تعرض هؤلاء إلى جملة من المشاكل والعوائق المتعددة. كما أن الصالون يعد فرصة لإظهار مدى التنوع الذي تتميز به الجزائر عبر مناطقها من خلال موضوع الحلي التقليدية التي مازالت تحافظ على زبائنها من الكبار والصغار والجزائريين والأجانب، الذين يدركون أن هذه المصنوعات تعكس هوية شعب وخصوصية كل منطقة من الجزائر، وهو كذلك فرصة لبيع إبداعات الحرفيين الذين يحتاجون لمثل هذه الفضاءات من أجل ترقية منتجاتهم والتعريف بها، فضلاً عن تبادل الخبرات والتجارب بين الحرفيين العاملين في نفس المجال. وسمحت لنا جولة في أول أيام الصالون بالحديث مع الحرفيين والاطلاع على منتجاتهم التي تعددت حسب المناطق وحسب المعادن المستخدمة، وأخذت الفضة حصة الأسد، حيث كانت ممثلة لدى أغلب الحرفيين لاسيما من منطقتي القبائل والجنوب، كما تستخدم الفضة لدى الحرفيين الذين يعملون في المجوهرات المطلية بالذهب. وحضر الذهب باحتشام عبر مشاركة شركة «أجينور»، وعرض البعض الآخر حلياً مصنوعة من الأحجار شبه الكريمة لاسيما «الجوهر» الذي مازال يزين لباس العروس الجزائرية في الكثير من مناطقنا، ومازال الطلب عليه كثيراً حسب ما أكده لنا المشاركون في الصالون عكس الاعتقاد الراسخ بأنه أصبح «موضة قديمة». وأجمع الحرفيون على أن المشاركة في هذا الصالون تعد فرصة هامة لهم تمكنهم من عرض إبداعاتهم والإلتقاء بالجمهور المهتم بهذا النوع من الحلي بطريقة مباشرة في فضاء موحد يجمعهم. واعتبروا أن اختيار قصر الثقافة لاحتضان الصالون أمر موفق بالرغم من الحرارة الشديدة التي سادت المكان بسبب غياب التكييف. فبالنسبة للسيد رضوان قصد علي مدير مركزي بالوكالة الوطنية لتوزيع وتحويل المعادن الثمينة «أجينور»، فإن الهدف من المشاركة هو أولا التعريف بالوكالة وبخدماتها الموجهة للحرفيين وهي التي تمونهم بالمادة الأولية من ذهب وفضة ومعادن أخرى، إذ يشير محدثنا إلى أن بعض الحرفيين الجدد يجهلون وجود الوكالة وطبيعة الخدمات التي تقدمها لهم وماتوفره للحرفيين، ويؤكد أنه في أول يوم من الصالون تعرف ثلاثة حرفيين على الوكالة وهو مايعد بالنسبة له أمر هام جداً. كما لاينكر أن الصالون هو فضاء مناسب لتسويق منتجات المؤسسة من حلي تقليدية فضية وكذا حلي ذهبية تعرضها بأسعار معقولة نسبياً مقارنة بالمنافسين، إذ يتراوح سعر غرام الذهب لديها من 5000 إلى 7000دج. ولاينكر بالمقابل أن البيع هو هدف آخر للمشاركة في الصالون الذي يمنح للمشاركين فرصة تسويق منتجاتهم، مشيداً بالتنظيم الجيد الذي عرفته التظاهرة. من جانبها لم تتردد السيدة سعاد ملولي بكوشة وهي حرفية ومبدعة في تلبية دعوة المشاركة التي وجهت إليها من طرف الغرفة، مشيرة إلى نوعية المشاركين الذين يعد بعضهم من رواد صناعة الحلي التقليدية في الجزائر مثل السيد نمشي، وهو مايجعل المسابقة المنظمة بالمناسبة ذات مستوى عال، تقول»أنا جد سعيدة للمشاركة في المعرض ولتواجدي مع حرفيين كبار في هذا المجال... عندما نشارك في صالون جزائري فإن هذا مهم جداً مهما كانت النتيجة لأن هناك تبادلا بين الحرفيين وتعارفا، أنا مبدعة أولا وقبل كل شيء وهي فرصة لي لإبراز مجموعتي الجديدة لأني أحرص على المشاركة بالجديد في كل معرض». من جانبه يعتبر السيد نور الدين زايدي مسير مؤسسة حوحش لصناعة الحلي التقليدية بباتنة أن أي دعوة توجه له للمشاركة في أي معرض يجب أن تلبى وفي كل أرجاء الوطن. وعن أجواء الصالون لايتردد في القول بأنها جيدة لاسيما من حيث اختيار فضاء العرض بقصر الثقافة، وكذا من حيث تنظيم الأجنحة وتوفر كل الخدمات اللازمة بها، ليبقى إشكال التكييف النقطة السوداء التي لم يعرف سببها، فضلاً عن نقص الحضور الذي ميز أول يوم من الصالون، كما لاينسى التذكير بأن المشاركة تعد هامة من حيث كونها مناسبة للتعريف بمنتجات المؤسسة للجمهور العاصمي الذي يتميز بكونه خليطا من مناطق متعددة. وتميز صالون الحلي التقليدية بوجود ورشات حية لتعريف الزوار بكيفية صنع هذه الحلي، بل وعرض فرصة اختيار قطعة وإنجازها في اللحظة ذاتها من طرف الحرفي، ليضرب الزبون عصفورين بحجر الأول هو الحصول على قطعة فريدة من نوعها ومميزة، والثانية مشاهدة طريقة صنعها بأم العين، وهو مايضفي متعة إضافية للزبون وللحرفي على السواء. يذكر إن مؤسسات أخرى شاركت في التظاهرة منها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ووكالة التنمية الاجتماعية، التي جاء ممثلوها لشرح أهم الإجراءات التي توفرها الدولة من خلال هذه الأجهزة لدعم التشغيل من خلال مساعدة الحرفيين على إنشاء مشاريعهم الخاصة. والملاحظ أنه بالرغم من اللوحات الإشهارية التي وضعت للإعلان عن تنظيم الصالون فإنه بدا خالياً من زواره في يومه الأول، ولعل ذلك يرجع إلى جملة من الأسباب من بينها عدم العلم بتنظيمه، لكن على الأغلب تعد فترة تنظيمه في آخر موسم الإصطياف والعطل السبب الرئيسي لقلة الحضور، باعتبار أن أغلب العائلات الجزائرية تفضل حالياً قضاء ما بقي من العطلة على الشواطئ هروباً من درجات الحرارة العالية، وغياب التكييف عن المكان يزيد من هروب الزوار منه، أو اختصار زيارتهم له لبضع دقائق.