طالبت الفيدرالية الوطنية لحماية المستهلك بإعادة النظر في المرسوم المنظم لقطاع الاستثمار في مجال المياه المعدنية الموجهة للاستهلاك البشري والمحدد لشروط إنتاج المياه المعبأة في قارورات بمختلف أنواعها، منتقدة الظروف التي يتم فيها إنتاج هذه المادة وغير المطابقة للشروط المطلوبة المعمول بها في هذا المجال. وأوضحت الفيدرالية أن بعض التحليلات التي قامت بها، بينت في العديد من الحالات أن المياه المسوقة لا تحتوي إلا على نسبة قليلة جدا من العناصر المعدنية، كما اكتشفت بعض حالات تلوث هذه المياه خلال نقلها عبر القنوات لتعبئتها بعيدا عن مكان استخراجها. فيما نفت جمعية منتجي المشروبات رفع سعر قارورة الماء المعبأة إلى 30 دينارا عوض 25 دينارا مرجعة ذلك إلى المضاربة. وتوجه فدرالية حماية المستهلك على لسان رئيسها السيد زكي حريز أصابع الاتهام إلى المنتجين والموزعين وكذلك السلطات والمستهلك على حد سواء، حيث حملت هذه الأطراف مسؤولية ما آل إليه هذا القطاع من تدهور والذي أدى في النهاية إلى عرض مياه بدون جودة من ناحية المكونات في السوق فضلا عن ممارسات التحايل على المستهلك الذي نجده لا يفرق بين الماء المعدني وماء المنبع مما جعله لا يفرق كذلك بين سعر هذا وسعر ذاك. وتكمن مسؤولية المنتج، حسب المتحدث، في الظروف غير القانونية التي يمارس فيها نشاطه، موضحا أن القانون ينص على ضرورة أن يتواجد موقع تعبئة الماء المعدني بنفس المكان الذي يستخرج فيه كون أن هذه المادة لا تتحمل الاحتكاك بأي عنصر خارجي ضمانا لوصولها إلى المستهلك بأعلى جودة ممكنة، إلا أن الواقع غير هذا حسب السيد حريز الذي أشار إلى أن العديد من مصانع الإنتاج تربطها قنوات تبعد بالكيلومترات عن مواقع التعبئة الأمر الذي يسهل حدوث تلوث هذه المياه في حال حدوث أي عطب أو اهتراء لهذه القنوات، وهو ما حدث فعلا يضيف المتحدث الذي أكد أن تحاليل مخبريه أثبتت في بعض الحالات وجود بعض الجراثيم حتى وإن لم تسبب خطورة للمستهلكين إلا أنها تنذر بضرورة مراجعة ظروف التعبئة التي تعتبر غير سليمة لدى عدد كبير من المنتجين. وتعد مسألة نقل قارورات المياه المعدنية المعبأة هي الأخرى مشكلة لا يستهان بها بل هي ذات أهمية قصوى، حيث يرى ممثل فيدرالية حماية المستهلك أن نقل هذه المادة في شاحنات لا تتوفر على أدنى الشروط المطلوبة وهي عارية ومعرضة لأشعة الشمس، أمر خطير على صحة المستهلك خاصة إذا علمنا أن مادة ال« بي – أو – تي" غير ثابتة ومع الحرارة تتسرب لتمتزج بالمياه الموجودة في القارورة مما يشكل خطرا على صحة المستهلك. كما انتقد حريز الأسعار المعتمدة من طرف التجار بحيث لا تختلف بين الماء المعدني وماء المنبع، مشيرا في هذا الصدد إلى ضرورة تحديد السعر لكل من المياه وتعليقه على ملصقة القارورة لتتوضح الأمور أمام الجميع وعلى الخصوص المستهلك الذي يبقى في الأخير هو الضحية.
كل المياه المسوقة معدنية في نظر الجزائريين لا يفرق المستهلك بين مختلف المياه المعبأة في القارورات البلاستيكية، حيث يعتبرها كلها معدنية وحتى استشفائية استنادا لما تحتوي عليه ملصقات القارورات من معلومات حول نوعيتها ودرجة نقاوتها ومكوناتها من الأملاح المعدنية والتي لا يمكن للمستهلك التحقق منها، في الوقت الذي يغيب فيه أي تصنيف من قبل وزارة الموارد المائية، ماعدا شعار علامة مسجلة كما تغيب الرقابة من طرف وزارة التجارة التي أصبحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لتنظيم هذا النشاط خاصة وأن سوق المياه يعرف توسعا متزايدا وإقبال المستهلك على المياه المعبأة هو الآخر في تزايد مستمر. ويتساءل البعض عن مصير اللجنة المختصة والمشتركة التي أعلن عن تشكيلها وزير الموارد المائية السابق والتي كان من المفروض أن تتولى تقديم نتائج الدراسة التحليلية لجميع أنواع المياه المعدنية المطروحة في السوق، وتصنيف تلك المياه وتسعيرها وفق قيمتها النفعية والعلاجية. وهو ما لم يحدث لحد الآن بالرغم من أن سوق المياه المعدنية الطبيعية ببلادنا يعرف نموا كبيرا من حيث الإنتاج الذي قدر بأزيد مليار لتر في السنة. إعادة النظر في تنظيم هذا القطاع تمليه الوضعية الحالية التي أفرزت العديد من الاختلالات والتجاوزات كان آخرها ما كشفت عنه مصادر من مديرية المراقبة وقمع الغش بوزارة التجارة خلال هذه الصائفة والتي مفادها أن التحقيقات التي أجرتها خلال هذه الفترة أثبتت أن بعض الشركات المنتجة للمياه المعدنية على المستوى الوطني لا تنتج مياها معدنية طبيعية وإنما تقوم بتسويق مياه ينابيع مغشوشة لا تخضع للتحاليل الفيزيائية والكيميائية والبكتيرية التي تجريها المخابر العمومية، وتشكل في نفس الوقت خطرا على صحة المستهلك، بل إن مصادر أخرى تذهب إلى حد القول بأن بعض المنتجين يعبئون مياه الحنفيات لتباع على أنها ماء معدني. كما يأتي الحديث عن مراجعة القانون المنظم لهذا النشاط في الوقت الذي يؤكد فيه العديد من المختصين والأطباء أن أكثر من نصف سوق المياه المعدنية مقلدة وغير مطابقة للأصل وقد تضر أكثر مما تنفع مما يجعل من مسألة ترقية النصوص القانونية المنظمة لهذا النشاط أمرا حتميا.
المنتجون:׃ لم نرفع سعر القارورة ولا سلطة لدينا لمراقبة السوق ويرى رئيس جمعية منتجي المشروبات السيد عمر حماني، من جهته، أن هم هذه الأخيرة هو تقديم للمستهلك نوعية جيدة من الماء، معترفا ببعض التجاوزات الحاصلة من غش ومضاربة والتي أكد أنه لا يمكن أن تحسب على جميع المنتجين نافيا في السياق أن يكون المنتجون قد رفعوا سعر القارورة الذي بلغ هذه الأيام 30 دينارا للقارورة عوض 25 دينارا. وأبدى المتحدث رغبته في العمل مع الجهات الرسمية المعنية من أجل تنظيم القطاع ووضع حد لكل النقاط التي تشوبه، مؤكدا استعداده للعمل من جهة أخرى مع جمعيات حماية المستهلك. وأشار السيد حماني إلى أن جمعية منتجي المشروبات ستعمل على تسليط العقوبات على كل المخالفين لشروط العمل لاسيما التوزيع الذي حمله مسؤولية الندرة التي عرفتها بعض المدن فيما يخص المياه المعدنية لاسيما العاصمة. وتساءل المتحدث عن أسباب هذه الأزمة التي لم يجد مبررا لها خاصة وأن وحدات الإنتاج أنتجت كميات مضاعفة ووزعت لتجار الجملة المعتمدين لديها. موضحا أن منتجي المشروبات والمياه المعدنية ومع قدوم موسم الصيف أي بداية من شهر جوان يتخذون كل الاحتياطات لضمان تغطية الاحتياجات من المياه من بينها تدعيم المخزون على مستوى تجار الجملة المعتمدين وتجار نصف الجملة. كما تساءل عن مصير العروض التي أطلقها لفائدة المستهلك بمناسبة شهر رمضان وموسم الحر والتي لم تصل إلى هدفها بل ذهبت إلى جيوب غير جيوب المستهلك. وتعهد المتحدث بتسليط العقوبات على كل من يثبت تورطه في أعمال غش ومضاربة وتحايل على المواطن من الموزعين بسحب الاعتماد وفسخ الاتفاقيات، علما أن العديد من القضايا مطروحة أمام العدالة تتعلق بسحب اعتماد التوزيع.