اعترف المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي "بصعوبة مهمته" في احتواء وضع دام مستمر في هذا البلد منذ حوالي العام ونصف خلف سقوط عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف النازحين. وأكد الإبراهيمي خلال اجتماعه بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أمس بالعاصمة المصرية القاهرة، على ضرورة التوصل إلى صيغة ترضي كافة الأطراف لوقف أعمال العنف وحقن الدماء، وقال "أدرك تمام الإدراك بأن المهمة صعبة جدا، إلا أنني رأيت أنه من حقي أن أحاول قدر المستطاع أن أقدم مساعدة للشعب السوري". ورفض الإبراهيمي الكشف عن عناصر خطة تحركه للتعامل مع الأزمة السورية من منطلق حرصه على نجاح مهمة يرى فيها عديد المتتبعين أنها جد صعبة إذا لم تكن مستحيلة وسط استمرار إصرار كل الأطراف المعنية على مواقفها المبدئية. وهو الأمر الذي لم يخفه الأمين العام للجامعة العربية بعدما اعتبر مهمة الإبراهيمي في سوريا بأنها "شبه مستحيلة، خاصة وأن الوضع يسير من سيء إلى أسوأ"، وقال إن "الإبراهيمي وهو ينطلق لحل الأزمة السورية غير ملزم بأية أطر سابقة ولديه الحرية في البحث عن أفكار جديدة لإنهاء الأزمة"، في إشارة واضحة إلى عدم إلزامية الدبلوماسي الجزائري التقيد بخطة سابقه كوفي عنان التي ورغم أنها شكلت قاعدة لتسوية الأزمة إلا أنه وبسبب استمرار تضارب مواقف كل الأطراف المباشرة وغير المباشرة في هذه الأزمة أدى ذلك في النهاية إلى فشلها. وهو الخطأ الذي لا يريد الإبراهيمي الوقوع فيه مما يفسر إلحاحه في كل مرة على ضرورة أن يحظى بدعم موحد من قبل أعضاء مجلس الأمن الدولي المنقسمة مواقفها بين مؤيد ورافض للنظام السوري. وحتى الأمين العام الأممي بان كي مون يدرك تمام الإدراك مدى أهمية أن يحظى الإبراهيمي بدعم دولي موحد يمكنه من أداء مهمة أجمعت كل التحاليل على أنها شبه مستحيلة. وكان بان كي مون الذي حث المجموعة الدولية على دعم الوسيط الدولي المشترك قد حذر في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال الدورة العادية ال 21 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أول أمس، من أن "استمرار اللجوء للعنف بين أطراف النزاع في سوريا وعدم التوجه إلى حوار بين كافة الأطراف يعطل أية عملية انتقالية في البلاد". من جانبها، أكدت نافي بيلاي مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان أن طرفي الصراع في سوريا "ينتهكان حقوق الإنسان"، وقالت إن "استخدام الحكومة للأسلحة الثقيلة وقصف المناطق الآهلة أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وعمليات نزوح كبيرة للمدنيين داخل وخارج البلاد وأزمة إنسانية مدمرة". كما أعربت عن قلقها من "الانتهاكات التي ترتكبها القوات المعارضة للحكومة ومنها القتل والإعدام خارج ساحات القضاء والتعذيب إلى جانب الزيادة التي حدثت مؤخرا في استخدام العبوات الناسفة بدائية الصنع". وصوت مجلس حقوق الإنسان مرارا لصالح إدانة الحكومة السورية بسبب تعاملها إزاء ما بدأ كاحتجاج سلمي ضد النظام القائم وتحول إلى نزاع مسلح غير أن روسيا والصين صوتت باستمرار ضد قرارات المجلس. على الصعيد الأمني أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "انفجارات عدة هزت أحياء بستان القصر والفيض والزهراء والجميلية في مدينة حلب بينما تعرضت أحياء سيف الدولة وصلاح الدين والشعار والكلاسة والإذاعة والحيدرية للقصف من قبل قوات النظام". وأعلن عن مقتل ما لا يقل عن 140 شخصا خلال أعمال العنف التي شهدتها عدة مناطق سورية الأحد الأخير معظمهم في ريف دمشق وحلب ودرعا ودير الزور.