مازالت روائع ويليام شكسبير محل اهتمام المسرحيين رغم مرور قرون من كتابة نصوصه، ونجد مسرحية «هاملت» التي ألفها سنة1601 واحدة من أعظم أعماله، تعود هذه السنة عبر المسرح الجهوي للعلمة، ليشارك بها في منافسة مهرجان المسرح المحترف بالجزائر العاصمة، وقد عرضت سهرة أول أمس بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي على الجمهور العاصمي، بشكل متجدد، إذ تتقاطع فيها قصتان في آن واحد فتؤثر الثانية على الأولى. تمكنت مسرحية «هاملت» من الرحيل بعشاق الفن الرابع إلى القلعة الدانماركية واكتشاف هذه الشخصية التي لا تزال مجهولة لدى الكثيرين، واستقطب العرض العام لهذه المسرحية المقتبسة من أحد أكبر أعمال الكاتب والأديب الانكليزي وبرؤية جديدة وديكور خاص وسط مستودع مليء بصناديق بلاستيكية لقارورات المشروبات، يمثل قلعة هاملت الهشة وسهلة الدمار، استقطب عددا كبيرا من الحضور كانوا يستمتعون بمشاهد كوميدية مضحكة أحيانا وجدية أحيانا أخرى ويصفقون لأبطالها، بحيث كان لكل ممثل دوران مختلفان لكل واحد منهما. تدور أحداث القصة التي أضفي عليها جو مظلم وأنوار خافتة وديكور يعكس الأحداث المأساوية التي جرت في القصر الدانماركي حول موضوع «الثأر» يجسدها في سلسلة من التراجيديا أمير الدانمارك «هاملت» الذي ينجح في قتل كل أفراد عائلته بعد أن يظهر له شبح أبيه الملك ويطلب منه الانتقام لمقتله. هم شلة من الشباب يتمرنون على مسرحية «هاملت» في مستودع، و«ياسمينة» التي تؤدي دور «الملكة» في المسرحية الأصلية لشكسبير تعيش حالة من الحزن بسبب حبيبها الذي يشك بأنها على علاقة مع رئيس الفرقة والذي يؤدي دور «الملك»، فيقوم بقتلها فوضع سما حقيقيا في الكأس التي وضعت في تمثيلية النزال الذي كان بين هاملت ولارتيس، فبعد أن شربت الملكة من الكأس نخبا لفوز ابنها يقوم هاملت بإشراب الملك من الكأس نفسها لما عرف حقيقة ضلوعه في وفاة والده، في آخر القصة، وبعد نهاية التدريبات يكتشف الجميع أن ياسمينة ونصير (الملك) قد توفيا حقا جراء السم الذي وضعه حبيب ياسمينة. وميز العرض المسرحي الذي أعده وأخرجه ربيع قشي وسينوغرافيا وكوريغرافيا كل من عبد الغني شنتوف وعيسى شواط، إدماج المسرح في المسرح وذلك بخروج أبطاله من نص المسرحية إلى حالة هامليتية أخرى يجسدها وجود عشيقين وثالث يحس بالغيرة كونه يحب نفس الفتاة ويقوم بكل شيء من أجل نيل حبها حتى القتل لتتشارك المسرحيتان في موضوع واحد هو «الانتقام». للإشارة، يعد هذا الاقتباس ثاني عمل ينتجه مسرح العلمة الذي ارتقى إلى مصاف مسرح جهوي في جانفي 2010، حيث قام محفوظ بركان في 2011 بإخراج « الراية نتماشينت» وهي مسرحية تستعمل فيها جميع لهجات اللغة الأمازيغية والمقتبسة عن عمل ل «أنتون تشيكوف» وترجمتها فوزية أيت الحاج.