قررت الحكومة اللبنانية أمس فتح تحقيق حول شبكة الاتصالات الهاتفية التي أقامها حزب الله على امتداد الأراضي اللبنانية ضمن حلقة جديدة في مسلسل احتدام القبضة الحديدية بين أطراف المعادلة السياسية في لبنان. واعتبرت الحكومة اللبنانية الشبكة غير شرعية وغير قانونية وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام، واتهمت حزب الله بإقامتها بمساعدة إيرانية. وليس هذا فقط فقد طالبت حكومة السنيورة بملاحقة كل من يثبت ضلوعه في هذه العملية أفرادا كانوا أو أحزابا أو هيئات أو شركات، في مؤشر واضح باتجاه احتدام القبضة أكثر بين الأغلبية الحاكمة والمعارضة مما يزيد من تعقيد خيوط الأزمة السياسية اللبنانية التي استعصى على الجميع حلها. ولكن حزب الله أكد أن إقامته لهذه الشبكة الهاتفية يندرج ضمن مخططات المقاومة اللبنانية ضد اسرائيل وأنها سلاح مكمل له وضروري لأسباب أمنية. غير أن حكومة السنيورة رفضت التبريرات التي قدمها الحزب، كما رفضت منطق ربطها بالتشويش الاسرائيلي أو السوري أو الأممي. وتعتزم حكومة السنيورة ضمن هذا المنطق تزويد الجامعة العربية والمنظمات الدولية بتفاصيل ما وصفته بالإعتداء الجديد على سيادة القانون في لبنان وفضح الدور الذي قالت أن هيئات إيرانية قامت ولا تزال تقوم في إطالة أمد الأزمة في البلاد. وتتهم حكومة السنيورة المدعومة من العواصمالغربية محور طهراندمشق بالعمل على تأجيج التوتر في لبنان من خلال تقديم الدعم بمختلف أشكاله للمعارضة بزعامة حزب الله في مسعى إلى ضم لبنان إلى هذا المحور خدمة لمصالح العاصمتين. وجاء هذا القرار بعد الاتهامات التي وجهها وليد جمبلاط رئيس الحزب الإشتراكي المناهض لسوريا إلى حزب الله بتنصيب كاميرات تجسس بمحيط مطار بيروت الدولي، في تصريحات أثارت ضجة كبيرة في الأوساط اللبنانية وحتى الإقليمية دون أن يتمكن من تأكيد تلك المعلومات التي أثارت حفيظة إسرائيل والولايات المتحدة. وصاحب تلك التصريحات قرار الحكومة اللبنانية بعزل رئيس الأمن في مطار بيروت الدولي رفيق شقير المقرب من حزب الله والذي اتهمه جمبلاط بعدم فعل أي شيء لنزع هذه الكاميرات ضمن لهجة التصعيد والاتهامات التي ما فتئ الفرقاء اللبنانيون يتبادلان في كل مرة، ضمن مشهد سياسي متوتر ويخشى أن ينفجر في أي لحظة. ولكن مجلس الوزراء شدد أمس على ضرورة اعادة ادماج قائد جهاز الأمن في مطار بيروت الدولي في صفوف الجيش ربما في مسعى إلى التخفيف من حدة التوتر ولكنه أكد بالمقابل على حق وواجب واصرار الدولة على استكمال متابعة قضية الكاميرات التي وضعت لمراقبة المدرج الرئيسي في المطار. وفي ردها على قرار الحكومة بمتابعة قضية الكاميرات اتهمت صحيفة »الأخبار« التابعة للمعارضة حكومة السنيورة بجر البلاد نحو انفجار داخلي في سياق سلسلة تقاذف التهم بين الجانبين في الوقت الذي لايزال فيه لبنان يعيش علي وقع فراغ رئاسي غير مسبوق منذ أزيد من خمسة أشهر. للإشارة فان هذه التطورات تأتي في الوقت الذي أكدت فيه تقارير صادرة عن الادارة الاسرائيلية ان حزب اللّه أعاد بناء قواته وجدد خططه تحسبا لأي حرب شبيهة بحرب جوان 2006. وكان زعيم الحزب حسن نصر اللّه أكد في كثير من خطاباته التي أعقبت العدوان الاسرائيلي على لبنان بأن اسرائيل ستدفع الثمن غاليا اذا ما أقدمت على شن حرب شبيهة بحرب »عناقيد الغضب« وهي الحرب التي حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأثارت حالة استنفار قصوي داخل ادارة اسرائيل التي أصبحت تحسب لحزب الله والمقاومة اللبنانية ألف حساب.