مازال مسؤولو الرياضة عندنا يصرون على القفز فوق الحقائق ويجتهدون في أيامهم الدراسية وورشاتهم المفتوحة، في البحث عن أسباب تدني مستوى الرياضة في الجزائر، ويقضون وقتهم في تحرير الطرح السطحي. ويبدو من خلال الملتقيات التي تنظم هنا وهناك، أن هؤلاء الناس بعيدون عن الواقع أو أنهم يريدون تسويق أي كلام للرأي العام وكأني بهم نسوا او تناسوا بأن سبب تدني المستوى مرده غياب رياضة المنافسة التي تصقل مواهب صاحبها منذ خطواته الاولى إلى أن يصبح بطلا. وعندما نقول ان الرياضة في الجزائر تتطلب إيجاد فضاءات للممارسة، فإننا نعي ما نقول، وقد نقولها مرة تلو الاخرى، إن الرياضة في الجزائر تتطلب توفير ملاعب في المدرسة والاكمالية والثانوية وفي الحي، وفي كل مكان يشجع يحث الناس، على ممارسة اللعبة التي يفضلونها، وعندما نصل إلى هذا المستوى من التشبع والقناعة والتخطيط، يومها نلجأ للتقييم والتقويم إذا كان هناك أي اعوجاج أو انحراف في تحقيق الاهداف التي ترتكز عليها منظومتنا الرياضية. إن القول بأن العنف هو سبب البلاوي فيه أكثر من مغالطة مع ان السبب نراه ونلمسه في الصعوبات التي تواجهها اندية كبيرة لا تتدرب ولا تجد ملعبا يحتضن مبارياتها، ونلمسه ايضا في الصعوبات التي يجدها الطالب المتمدرس الذي لا يجد فضاءات تسمح له بإنجاز تطبيقات مادة التربية البدنية، ونلمسه ايضا في اضطرار الاطفال الى اللعب في الاحياء بكرات من الورق او البلاستيك، في غياب مساحات اللعب. إن مشكل رياضتنا الآن، يكمن هنا، ومن اراد التأكد من سلامة هذا الطرح، عليه ان يسأل كبار نجوم الجزائر الذين ترعرعوا في الفضاءات الواسعة التي كانت تغنيهم عن طرق أبواب الاندية، بل ان الاندية هي التي كانت تلجأ الى الفضاءات الواسعة التي كانت منتشرة، لتستغل المادة الخام من الدورات التي كانت تنظم على مستوى الاحياء والمدارس والاكماليات او الثانويات التي كانت تنظم فيها مباريات ما بين الاقسام والمدارس والمؤسسات التعليمية، وحتى الشوارع التي كانت تنظم فيها سباقات العدو. إن غلق أبواب الملاعب في وجه الشباب الممارس او المتعطش للممارسة، من دون شك انه يحد من توسيع رقعة الممارسة ويتسبب في التخلي عن البحث عن المواهب بل ويحد من العزائم، واسألوا البطل الاولمبي توفيق مخلوفي كيف كانت تصد في وجهه الابواب وكيف كان يضطر لإجراء تدريباته في العراء، وعندها تعرفون الأسباب التي أدت الى تدني مستوى رياضتنا.