أكد المدير العام للغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة "كاسي"، السيد محمد شامي، أن هذه الأخيرة تسعى إلى ترقية الوساطة كبديل لحل النزاعات بين المؤسسات، مضيفا أن مركز التحكيم الذي استحدث على مستواها والذي شرع في مهامه منذ ثلاث سنوات تلقى العديد من طلبات الوساطة إلا أنها لم تلب بسبب الفراغ القانوني في هذا المجال، علما أن الوساطة منصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية وتخص المجال القضائي فقط، فيما بلغ عدد حالات الوساطة الناجحة الألفين (2000) على مستوى التراب الوطني وذلك منذ دخول القانون الخاص بهذه الوسيلة البديلة في 2009. وأوضح شامي في تصريح ل«المساء" على هامش الملتقى التكويني للطرق البديلة لحل النزاعات والتحكيم الذي نظم، أمس، بفندق الهيلتون بالعاصمة، أن للوساطة مزايا كثيرة وهي نابعة من صلب التركيبة الثقافية للجزائريين كونها تبقى الوسيلة الأقرب إلى المجتمع الجزائري الذي اعتمد هذه الطريقة منذ زمن بعيد، حيث كانت تحل النزاعات بين الأشخاص والجماعات بالوساطة من خلال أعيان وحكماء القبيلة بل ولا يزال العمل بها إلى حد الآن في بعض المناطق من البلاد. وأكد المتحدث أن هدف الغرفة من مثل هذه اللقاءات التكوينية والملتقيات التحسيسية التي تنظمها، من جهة إلى أخرى، هو ترقية كل أشكال الطرق البديلة لحل النزاعات ما بين المؤسسات ما جعلنا -يضيف السيد شامي- نقوم وإلى حد الآن بالعمل على ترقية التحكيم إلا أنه حان الوقت لاعتماد الوساطة كوسيلة أنجع في حل النزاعات بين المؤسسات كما هو الحال بالنسبة للوساطة القضائية المعمول بها على مستوى المحاكم. وتهدف هذه المساعي، حسب المشاركين في الملتقى من خبراء ورجال قانون، أساسا إلى تفادي الذهاب نحو المحاكم والعدالة خاصة وأن المحاكم غير متخصصة في مجال المؤسسات وبالتالي ضمان استمرار العلاقة بين المؤسسات بعد التصالح وهو ما لا نجده بعد حل لأي نزاع عن طريق العدالة كون أن المؤسستين المتنازعتين تنقطعان بصفة نهائية عن التعامل فيما بينهما. ويرى الأستاذ علي بن شنب من جمعية محامي باريس أن القانون الجزائري ترك فضاء خصبا لاحتضان الوساطة بين المؤسسات في حل النزاعات حيث لم يمنعها، داعيا إلى العمل على إدراج مادة خاصة بالوساطة ضمن قانون التحكيم في المنازعات المؤسساتية، مضيفا أن هناك قاعدة لاحتضان مثل هذه الإجراء في النصوص المعمول بها في الجزائر. المحامون يعرقلون الوساطة القضائية بالمحاكم وعن الوساطة القضائية، أكد الأستاذ المحامي بهيئة محامي باريس رابح حاشد أنها لم تحقق النتائج المرجوة منها، واصفا ما تحقق لحد الآن بالضعيف جدا، حيث لم تتعد حالات الوساطة الناجحة ألفي حالة منذ سنة 2009 تاريخ دخول هذا الإجراء حيز التنفيذ. وأرجع المتحدث ذلك للمحامين الذين يحولون دون وصول طلبات الوساطة إلى المبتغى وعدم تشجيعها بسبب اعتقادهم أن مثل هذه الوسيلة لا تخدمهم من الناحية المادية وتقصيهم. إلا أن الحقيقة غير ذلك، يضيف المتحدث، الذي أوضح أن إجراءات الوساطة تقع على عاتق المحامي من بدايتها إلى غاية الوصول إلى التنفيذ ويجري ذلك بمقابل وليس بالمجان. وأشار الأستاذ المحامي إلى انه لا يمكن للوساطة كبديل لحل النزاعات أن تنجح دون موافقة المحامين ودون تكوينهم في هذا المجال، مشيرا على السبيل المثال إلى أن الوسطاء يخضعون في فرنسا إلى تكوين خاص . وذكر المتحدث بالبرنامج الذي اعتمدته وزارة العدل في هذا المجال لحل هذا المشكل والمتمثل في برنامج "3 بي ا« الذي يدخل في إطار اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، مشيرا، من جهة أخرى، إلى اقتراح الوزارة المعنية على البرلمان إدراج الوساطة في القضايا الجنائية. وشارك في هذه الندوة التكوينة التي تنظم لثالث مرة من طرف الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة كل من اللجنة الفرنسية للتحكيم، جمعية جوريماد، الجمعية الفرنسية للتحكيم، المعهد الدولي للتحكيم وجمعية الوسطاء الأوروبيين.