تشير التقديرات إلى أن ثلث سكان البلدان المتقدمة سيتجاوز عمرهم 60 سنة على مدار ال 30 سنة القادمة، من بينهم 10 سيفوق سنهم 80 سنة.. في الوقت الذي يتوقع أن يقدر معدل الحياة على المستوى العالمي ب 73 سنة في غضون 2025، وفي الجزائر ينتظر أن يرتفع عدد المسنين الذين يقدر عددهم حاليا ب 3.5 مليون إلى 7 ملايين في حدود 2030، والى أكثر من 10 ملايين في سنة 2040.. وهذه الأرقام تضعنا أمام معادلة طرفها الأول الزيادة في معدل الحياة وطرفها الثاني تنامي ظاهرة تهميش المسنين، التي لم تعد مقتصرة على البلدان المتحضرة. وتكشف الأرقام حسب ما جاء في الملتقى الوطني للتكفل بالأشخاص المسنين، الذي نظمته مؤخرا وزارة التضامن الوطني، أن عدد المسنين في العالم تضاعف بثلاث مرات منذ 50 سنة، وفي هذا الاطار أوضح تحقيق أجرته الأممالمتحدة، أن 629 مليون شخص في العالم تجاوزوا سن الستين، في حين يتوقع أن يصل عدد المسنين الذين يفوقون 60 سنة، الى 1.4 مليار في غضون 2020 والى مليارين مع آفاق 2050، وبناء عليه قد يصبح عددهم أكبر من عدد الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 14 سنة. أما في الجزائر، فتبين الارقام أن الاشخاص الذين تجاوزوا سن الستين، كانوا يمثلون نسبة 5.74 سنة 1987 ثم ارتفعت النسبة الى 6.60 سنة 1998 وتقدر حاليا ب 10، ويرجع ارتفاع معدل الحياة الى تحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن الانشغال المطروح حاليا، يشير الى أن العبرة ليست في أن يمتد عمر الاشخاص إنما في أن يعيشوا في ظروف أحسن تمكن من جعلهم أطرافا فاعلة في المجتمع، وتحول دون أن تتحول الشيخوخة الى مصدر للقلق في مجتمعنا، وهو الأمر الذي يعكسه وجود مراكز للشيخوخة، حيث يوجد 28 مركزا وثلاث ديار رحمة موزعة على مستوى 23 ولاية. إن الاستمرار في تشيد ديار العجزة ينذر بوجود عوامل تهدد الدفء العائلي والحرارة الإنسانية بالبرودة، مما قد يعرض الأسر الى مآلات الانهيار والتشرد، ذلك لأن تهميش العنصر الاكبر في الأسرة على غرار ما يحدث في المجتمعات المتحضرة، آفة اجتماعية تخالف تقاليد الأسرة الجزائرية، المعروفة بالتماسك الذي تحث عليه القيم الدينية، حيث حافظت عليه حتى في أحلك ظروف الاستعمار... وهذه الحقيقة أدت بالعديد من المختصين في شؤون الأسرة، الى تفنيد فكرة أن الظروف الاقتصادية الصعبة سبب رئيسي لتهميش فئة المسنين، التي تمثل ثروة بشرية حافظة لقيم المجتمع، ما يعني أن الإهمال، الفراغ العاطفي والأمراض النفسية التي تعد أهم العناوين لظاهرة التخلي عن الآباء، مردها الى الفقر الأخلاقي وليس المادي في معظم الأحيان، خاصة في ظل التأثير السلبي للعولمة. وفي الوقت الذي تركز فيه مجهودات وزارة التضامن والمجتمع المدني، على تحويل الاشخاص المسنين الى فئة منتجة في المجتمع، باستغلال خبراتها المهنية وتجاربها الحياتية، يبقى أهم تحد ينبغي رفعه هو ضمان بقاء المسن في وسطه العائلي، وذلك أضعف الإيمان تجاه شريحة أفنت سنوات عمرها في تربية النشء وتشييد البلاد.